ما بين أمل‏..‏ وإحباط بقلم : د‏.‏ ليلي تكلا

من طرف هاوى الثلاثاء مارس 03, 2009 10:06 am

ما بين أمل‏..‏ وإحباط
بقلم : د‏.‏ ليلي تكلا

وسط
المشاكل والمصائب والصعاب التي يعيشها العالم‏..‏ ورغم الحروب والصراعات
والرغبة اللاإنسانية للتملك وجمع الأموال بأي وسيلة‏..‏ ومع ما اصبح يسود
من مادية وأنانية وفردية‏.‏

رغم ذلك الواقع الذي يعيشه العالم
ونعاني منه في مصر‏,‏ يظهر بين حين وحين بارقة من أمل أو بصيص من نور‏,‏
ونسمة من الهواء النقي تعتبر إشراقة وسط العبوس‏,‏ ترفع المعنويات وتعيد
بعضا من ثقة في انسانية البشر‏,‏ ذلك بعض ما شعرت به في الاجتماع المشترك
الذي عقد بين مجلس الادارة الفخري للمركز الدولي للأطفال المفقودين
والمستغلين ومؤسسة سوزان مبارك للسلام‏,‏ حول مأساة سخرة الاطفال
واستغلالهم جنسيا يوم كامل من العمل الجاد‏,‏ مجلس الادارة صباحا ومؤتمر
موسع بعد الظهر‏.‏
‏
***‏
عرضوا
ابعاد المشكلة ووسائل مواجهتها وما تحقق منها اثارت كلماتهم الصادقة
الموضوعية كلا من الاعجاب والآسي‏,‏ الآسي علي الواقع الأليم الذي يعيش
حولنا ولم نكن نعلم مداه قصص واقعية تفوق أفلام الرعب عن سخرة الاطفال في
العمل الشاق وتجنيدهم للحرب والاعتداء عليهم بكل الطرق وتأجيرهم للدعارة
وتصويرهم في صور فاضحة للعرض علي الانترنت و‏...‏ الخ‏.‏

استمعنا
الي تقارير تبين ان هناك‏100000‏ موقع علي الانترنت خاص بإباحية الاطفال
وان صور الاباحية ارتفعت في المملكة المتحدة بنسبة‏1500%‏ وتضاعف العدد في
روسيا‏,‏ وان هناك مليون صورة يضاف اليها‏200‏ صورة يوميا‏,‏ وان نحو‏19%‏
ممن تم اعتقالهم لحيازة صور اباحية الاطفال كانت لأطفال اقل من‏3‏ سنوات
و‏39%‏ اقل من‏6‏ سنوات و‏82%‏ اقل من‏12‏ سنة‏,‏ وان اغلب الدول ليس
لديها قانون لحماية الطفل او مؤسسات تهتم به‏,‏ ويتم الابلاغ عن فقد‏200‏
طفل يوميا في كندا‏,‏ و‏100‏ في فرنسا وطفل كل‏5‏ دقائق في انجلترا‏,‏
وبالولايات المتحدة وحدها يفقد‏800.000‏ طفل في العام اما الدول النامية
حيث المشكلة اكثر تفاقما فلا توجد معلومات عنها‏.‏

من بين ما تقشعر
له الأبدان قصة تاجر وجدوا في مستودع بضاعته‏300‏ طفل جمعهم من انحاء
العالم ليلقي بهم في ذلك المخزن حيث يعيشون في ظروف وحشية‏..‏ هم بضاعته
يبيعهم يؤجرهم للاعتداء الجنسي والقيام بعروض شاذة أمام مجموعة من المرضي
نفسيا وتسخيرهم للعمل الشاق وارتكاب الجرائم المختلفة الي جانب بيع
اعضائهم لمن يريد الشراء؟؟ كانت اسباب الآسي كثيرة‏.‏

اما الاعجاب
فكان بهذه النخبة الممتازة من الشخصيات التي جمعت ملوكا وامراء وقرينات
رؤساء وقيادات لا يعانون من هذه المآسي بصورة مباشرة لكنهم تركوا حياة
الرفاهية والسلطة لتكريس الجهد والوقت من اجل التصدي لهذه الجرائم ووضع حد
لها‏.‏ مجموعة آمنت بان العمل عبادة والسعادة في العطاء‏..‏ تركت ديارها
وتحملت عناء السفر لتحاسب نفسها عما فعلت منذ اجتماعها الماضي ولتحدد
اهدافها في الفترة المقبلة وكيفية تحقيقها‏..‏ كان الحساب لمصلحة
المؤسسة‏,‏ وكانت الانجازات الفعلية كثيرة‏..‏ منها إنشاء الاتحاد المالي
مع البنوك وبعض الشركات للقضاء علي تجارة الاطفال عن طريق متابعة الودائع
واغلاق حسابات المؤسسات العالمية التي تتاجر بهم‏,‏ ومنها البرنامج الدولي
لتدريب ضباط الشرطة في‏113‏ دولة‏,‏ والتشريع النموذجي لحماية الاطفال الي
جانب شبكة دولية للأطفال المفقودين‏,‏ وقناة لاستمرار البحث والملاحقة
والتوعية ونشر افضل الممارسات‏..‏ الخ‏.‏

اشاروا الي ان مصر قامت
بانشاء المجلس القومي للأمومة والطفولة واصدار قانون الطفل‏,‏ وعقدت مؤسسة
سوزان مبارك للمرأة والسلام ندوة الاتجار بالبشر‏.‏
‏
***‏
تكررت
الاشارة الي جهود السيدة سوزان مبارك والاشادة بها وانجازاتها في هذا
المجال وغيره اكتشفنا انهم يعرفون الكثير عما حققته ويقدرونها حق التقدير
سواء كان ذلك في حماية البشر أو تطوير التعليم وتفعيل دور المرأة في
المشاركة ورعاية الأسرة وانشاء محاكم الاسرة والسعي للسلام بمعناه الشامل
وانشاء المكتبات والمستشفيات وبنوك الدم وحماية النشء من مساويء الانترنت
او توفير المساكن وتطوير العشوائيات وحماية البيئة‏..‏ وغير ذلك كثير‏.‏

قالت
لي نفسي لو كان اي مصري سرد ما سردوا‏,‏ أو قال عنها لتعرض لتهمة النفاق
او المجاملة‏,‏ وتساءلت كيف ان كل هذا العطاء لا يفهم قدره ولا يقدر مداه؟
كيف لا يري البعض النهضة الانسانية الحضارية التي تقوم بها بلا كلل ولا
ملل؟ لو ان بعضا من هؤلاء اقدموا علي العمل بدلا من الكلام وقدموا جزءا
بسيطا مما تقدمه لأصبحنا افضل حالا واصبحت مشاكلنا اقل قسوة‏.‏
‏
***‏

ان
النهضة النسائية التي تقوم بها لتفعيل دور المرأة في حل المشاكل وجعلها
اكثر قدرة علي المشاركة وعلي تربية ابنائها ومساندة زوجها أحد المداخل
الاساسية لتطوير المجتمع وتخطي التحديات والمرأة الفاضلة عليها واجب
الوقوف بجوار زوجها‏,‏ خاصة إذا كانت مسئولياته تشمل تقدم شعب بأكمله إنه
واجب قومي وانساني‏..‏ اننا احفاد الفراعنة الذين شيدوا حضارة لم تتكرر
علينا ان نعتز بها‏,‏ هؤلاء كانوا يخلدون ذكراهم وزوجاتهم بجوارهم‏.‏

وإذا
اصبحنا نعطي مرجعية دينية لكل الأمور‏,‏ اقول انه ايضا امر يتفق مع تعاليم
الاسلام‏,‏ وان الرسول نفسه كانت زوجته السيدة خديجة دعما له وسندا ومعينا
ماديا ومعنويا‏..‏ واستحقت السيدة عائشة ان يقال عنها خذوا نصف دينكم عن
هذه الحميراء إن الزوجة الوفية والمواطنة الصالحة عليها مسئولية الإسهام
بقدراتها واستثمار تعليمها وخبرتها ومنصبها في خدمة المجتمع‏.‏

امر
لا يحتاج الي تساؤل أو تعجب بل يستحق كل تقدير وتكريم واحترام حتي ولو كان
كل ذلك الجهد من اجل بعض من لا يدركونه أو يعرفون قدره حفظ الله مصــــر‏.‏