ليس من العقل والمنطق.. رهن التهدئة بمصير شخص واحد اسمه "شاليط" بقلم:خالد إمام

من طرف **عادل** الثلاثاء مارس 03, 2009 1:01 pm

..وماذا بعد؟!
عمار يا مصر
تفوقنا علي أنفسنا.. ونجحنا بامتياز
مؤتمر شرم الشيخ.. حقق الهدف
ليس من العقل والمنطق.. رهن التهدئة بمصير شخص واحد اسمه "شاليط"
بقلم:خالد إمام
من شرم الشيخ
E-mail:khaled@almessa.net.eg

أحسست بفرحة طاغية- وكان من حقي أن أفرح
بشدة- وأنا أري زعماء وممثلي 87 دولة ومؤسسة وهيئة دولية يجتمعون معاً في
قصر المؤتمرات بشرم الشيخ بدعوة من مصر للمشاركة في مؤتمر إعادة إعمار غزة
برئاسة ورعاية الرئيس حسني مبارك.

.. وشعرت بالفخر وأنا أرصد تحركات وسكنات الحاضرين وأتفحص وجوههم التي غلفها التفاؤل والأمل.

عندما نظرت إلي قاعة المؤتمر والرئيس مبارك يتوسط منصتها وعن يمينه
الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي والرئيس الفلسطيني أبومازن. وعن يساره رئيس
وزراء إيطاليا سيلفيو بيرلسكوني وأمين عام الأمم المتحدة بان كي مون وأمين
عام الجامعة العربية عمرو موسي.. قلت في نفسي "عمار يا مصر".

***

كلمة الرئيس مبارك كانت من القوة والصدق بحيث تفاعل معها كل المشاركين.. قبولاً وتأييداً.

هذا التجاوب ظهر جلياً.. والرئيس يوجه رسائله العشرة التالية:

* قطاع غزة جزء لا يتجزأ من الأراضي المحتلة ويشكل مع الضفة الغربية
مشروع الدولة الفلسطينية المستقلة.. حلم الشعب الفلسطيني وهدف السلام.

* إن أموال العالم لا يمكنها أن تعيد من سقط من الشهداء أو أن تعوض الجرحي والمصابين من المدنيين الأبرياء.

* كانت قضية إعادة الإعمار عنصراً أساسياً من عناصر المبادرة المصرية لوقف العدوان علي غزة واحتواء تداعياته.

* جاءت عناصر المبادرة المصرية ككل متكامل ومترابط.. يرتبط بعضها بالبعض الآخر ويكمله.. ينطلق منه ويؤدي إليه.

* نلتقي جميعاً حول هدف واحد يمثل التزاماً سياسياً وأخلاقياً
وإنسانياً هو إعادة إعمار غزة.. وتحقيقاً لهذا الهدف فإنني أتوجه إليكم
بنداء من القلب لإعلان تعهدات ملموسة لمساهمات التمويل خلال هذا المؤتمر.

* إن العدوان علي غزة- رغم جسامته وخطورة تداعياته- لا يجب أن يصرف
أنظارنا عن جوهر القضية الفلسطينية.. فهي قضية شعب يعاني النكبات والمحن
منذ ستين عاماً ويتطلع لإنهاء الاحتلال وإقامة دولته المستقلة.

* العدوان علي غزة كشف هشاشة الوضع في الشرق الأوسط وخطورته في غياب
سلام عادل وجهود دولية تراوح مكانها لسنوات طويلة ما بين التقدم والتراجع
والنجاح والإخفاق ووعود لا تتحقق وآمال تلوح في الأفق سرعان ما تنحسر
لتفسح الطريق لمزيد من اليأس والغضب والاحباط.

* إن الشعب الفلسطيني والعالمين العربي والإسلامي لا يحتملون المزيد
من انتظار سلام لا يجئ.. والوضع في منطقة الشرق الأوسط بات منذراً بالخطر
والانفجار أكثر من أي وقت مضي.. ما بين تطرف متصاعد يغذيه تأخر السلام..
وقوي إقليمية تسعي لجر المنطقة لحافة الهاوية ولمواجهات عسكرية تقوض الأمل
في التوصل إليه.

* إعادة إعمار غزة لن تكون نهاية المطاف.. وسيظل السلام العادل الضمانة الحقيقية لعدم تدمير ما نعيد بناءه وإعماره.

* نعلم من دروس التاريخ أن القوة المسلحة مهما عظمت لا تقضي علي
المقاومة والحقوق المشروعة للشعوب.. ونعلم جميعاً أن الاحتلال مصيره إلي
زوال.

لقد دوت القاعة بالتصفيق الحاد عقب انتهاء الرئيس من كلمته.. تأييداً
ومؤازرة لكل ما قاله ووجه فيه رسائل في منتهي القوة إلي القريب والبعيد.
والحاضر والغائب. والصديق والعدو.. وحدد فيها الحقائق والمواقف بصدق
وشفافية وتجرد عن الهوي.. دون تزويق أو تجميل.. حتي يتحمل الجميع
مسئولياته.

***

إن مؤتمر إعادة إعمار غزة بشرم الشيخ حقق الهدف الذي من أجله عقد وهو
التعاطف الدولي الكاسح مع قضية شعب غزة وحشد العالم كله للمساهمة في
الإعمار حتي أن المشاركين فيه تعهدوا بدفع 4 مليارات و481 مليون دولار
للعامين القادمين.. وإذا أضفنا إلي هذا المبلغ التعهدات السابقة تصل جملة
المبالغ إلي 5 مليارات و200 مليون دولار.

مع ذلك فإن هذه المساهمات والمنح تظل مجرد "إعلان تعهدات" وتبقي العبرة بالوفاء بهذه التعهدات.

كما أن هذه الأموال- حتي لو توفرت فعلاً- وتم إنفاقها علي إعمار غزة
فإن هذا الإنجاز يظل مهدداً بفعل طائش من إسرائيل تمحو فيه ما تم إعماره..
وبالتالي يظل السلام العادل هو الضمانة الحقيقية لعدم تدمير ما تم بناؤه..
كما أنه يوفر علي العالم تكاليف الحروب وإعادة الإعمار.

***

تبقي 3 حقائق مهمة أخري لتثبيت هذا النجاح.. إضافة إلي إعلان أمريكي محدد عن عملية السلام.

الحقائق تتلخص في الآتي:

* أولاً: إن استمرار إغلاق المعابر يضع عملية إعادة الإعمار كلها في
مهب الريح.. وبالتالي لابد من سرعة التوصل إلي اتفاق التهدئة بين إسرائيل
والفلسطينيين بما يضمن فتح المعابر أمام مستلزمات البناء المستخدمة في
إعادة الإعمار.

* ثانياً: إن تسهيل عملية إعادة الإعمار وإدارتها بالسرعة المطلوبة
في حاجة ماسة أيضاً إلي تحقيق المصالحة بين السلطة والفصائل وتشكيل حكومة
وفاق وطني تشرف علي إعادة الإعمار وتضمن وصول الفوائد للشعب الفلسطيني في
غزة ولا تتعامل مع الموارد المالية كغنائم حرب وتنأي بها عن الفصائل.

* ثالثاً: إنه لا يمكن بأي حال من الأحوال أن ترهن التهدئة وحاضر
ومستقبل 5.1 مليون فلسطيني في غزة وآلاف الإسرائيليين في الجنوب
الإسرائيلي بمصير شخص واحد اسمه جلعاد شاليط.. إنه أمر مرفوض شكلاً
وموضوعاً. عقلاً وضميراً.. مثلما رفضنا محاولات البعض اختزال القضية
الفلسطينية كلها في غزة واختزال غزة في المعابر واختزال المعابر في منفذ
رفح!

أما الإعلان الأمريكي عن عملية السلام.. فقد أطلق علي لسان وزيرة
خارجية الولايات المتحدة أمس في شرم الشيخ من أن الطريق للسلام بالشرق
الأوسط يمر عبر مصر.

إنها رسالة جديدة لإيران وعملائها من الأنظمة والتيارات والأجنحة
العسكرية التي تحاول جر المنطقة إلي مواجهات عسكرية تنسف الآمال في التوصل
إلي السلام.

الرسالة واضحة ولا تحتاج إلي تفسير.. بأن هذا السلام لن يتحقق إلا من خلال مصر.. ومصر فقط.

افهموا يا عالم!