كل يوم بقلم : مـرسي عطـا الـلـه

كل يوم
بقلم : مـرسي عطـا الـلـه

أستطيع
أن أقول بضمير خالص أن مؤتمر شرم الشيخ لإعادة اعمار غزة بمعطياته ونتائجه
يمثل شهادة علي حجم المكانة الفريدة والدور المتميز لمصر في الساحة
الدولية لخدمة قضايا أمتها العربية وفي المقدمة منها القضية الفلسطينية‏.‏

لقد
رأي الجميع أن مصر تملك قدرة الحركة علي امتداد المسرح الدولي من أرضية
الثقة الدولية بنزاهة وفعالية دورها الذي ينطلق في دوافعة الأساسية من
إدراك صحيح لواقع دولي جديد لم تعد تصلح معه أي نظريات أو مفاهيم من
مخلفات عصر الحرب الباردة عندما كان هناك توازن عند قمة النظام العالمي‏.‏

والحقيقة
أن الذي تفعله مصر ـ قبل وأثناء وبعد مؤتمر شرم الشيخ ـ ليس بهدف أداء دور
تتسلط عليه الأضواء وإنما هو عنوان واضح لاستراتيجية مصرية راسخة يمكن لمن
يدقق في مفردات أجندة السياسة الخارجية لمصر أن يدرك ـ دون عناء ـ أنها
تنطلق من الايمان بمبدأ اعتماد الدول علي بعضها البعض وأنه لايمكن لأي
دولة أن تتحرك حركة صحيحة باتجاه تحقيق أهدافها بينما تعيش في عزلة عن
الآخرين لأن أحد علامات هذا العصر أن مايحدث في أي مكان من العالم يؤثر
علي بقية العالم بأسرة‏.‏

لقد دعت مصر إلي مؤتمر شرم الشيخ
استكمالا لدور متصل في خدمة القضية الفلسطينية وتحت مظلة الإيمان المطلق
بالسلام سواء في منطقتنا أو علي امتداد العالم كله وبصدق الرغبة في
التجاوب مع أي جهد دولي يصب في اتجاه التشجيع علي انتهاج سياسة حل
النزاعات بالطرق السلمية بدلا من الدخول في دهاليز سياسة إدارة النزاعات
التي تفتح الأبواب أمام لعبة إطالة أمد الأزمات بهدف التربح منها‏!‏

والحقيقة
أن حركة السياسة المصرية تتعزز بركائز أساسية أهمها قدرة مصر علي تعزيز
التضامن في مختلف دوائر الانتماء العربية والافريقية والإسلامية وهو أمر
لم يكن له أن يتحقق في غيبة من دبلوماسية القمة التي يقودها الرئيس مبارك
بهدف إزالة كل أسباب التناقض بين مجموعة الدول التي تضمها كل دائرة من هذه
الدوائر وبالاعتماد علي منهج الدبلوماسية الوقائية من أجل تجنب وتقليل
أسباب النزاعات بين هذه الدول وبعضها البعض‏.‏

وهنا يمكن الإشارة
إلي أنه عندما ضجت قاعة مؤتمر شرم الشيخ بالتصفيق بعد أن أشار الرئيس
مبارك بوضوح إلي التراجع المؤسف في الموقف الإسرائيلي من اتفاق التهدئة
فقد كان ذلك تعبيرا عن حجم مصداقية السياسة المصرية ومدي التزامها بسياسة
خارجية متزنة ترتبط بالأهداف القومية العليا دون أن تنجرف إلي مبارزات
كلامية مع أي دولة انطلاقا من فهم صحيح بأن الحقيقة هي التي ستفرض نفسها
في نهاية المطاف‏!‏

بالتأكيد مصر دولة سلام ودولة حافظة للحقوق
وملتزمة بالمعاهدات والمواثيق ولم تكن أبدا ـ وعلي طول تاريخها ـ دولة
تفريط سواء في حقوقها المباشرة أو حقوق غيرها‏!‏

attalla@ahram.org.eg