الصحفي والسياسي محمد العزبي

من غير ليه
الصحفي والسياسي
محمد العزبي
ezaby azaby @ yahoo. com

بدأنا نسمع عن أباطرة إعلام بعد أن ظهرت
صحف خاصة تقوي شوكتها وافتتحت محطات تليفزيون فضائية يملكها أفراد. طبعا
رجال أعمال حاولوا التكشير عن أنيابهم.

لا يعجب ذلك السياسيين في بلادنا حيث الكلمة الأخيرة لهم.


يبدأ صراع صامت. قد يتحول إلي العلن مع ضغوط من الجانبين أو غالبا من
جانب واحد في صورة مضايقات. واثارة مشاكل ضريبية أو مطالبة بديون بنكية أو
تهديد برفع قضايا لسبب أو آخر.

حدث في تركيا خلاف حاد بين رئيس وزرائها "رجب طيب أردوغان" الخارج
لتوه من معركة كلامية شهيرة وانسحاب من اجتماع قمة اقتصادية عالمية بسبب
تحيز رئيس الاجتماع للرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز فاستقبل الرجل عند
عودته لبلاده استقبال الفاتحين.. وبين رجل الأعمال التركي ابدن دوغان
الملقب بسلطان الإعلام فهو يملك صحيفتي "ميليت" و"حرييت" الكبيرتين كما
يملك عدة قنوات تليفزيونية أهمها "سي ان ان تركيا" يتبني الدفاع عن
العلمانية في مواجهة التيار الإسلامي المعتدل المتصاعد والذي يمثله رئيس
الوزراء الحالي رجب أردوغان.

يشتد الخلاف بين الصحفي والسياسي في ظل اقتراب الانتخابات المحلية.
ومع خلفية موقف العسكر الذين حكموا تركيا مباشرة لسنوات ثم تواروا مع
استمرار نفوذ قوي وهم يؤيدون العلمانية ورجل الأعمال.

قال رئيس الوزراء مخاطبا سلطان الإعلام في خطاب انتخابي له علي
الهواء: "لقد اعتدت علي التعامل مع من كانوا يأتون إليك يسيرون علي أربع.
ولكن الأمور لم تعد كذلك. فعد إلي رشدك!".

وكان الرجل يستمع للهجوم عليه في مكتبه الفخم المزين بجدارية لمضيق
"البوسفور" وبراويز تحتوي علي اختام للسلاطين العثمانيين. قبل أن يعود إلي
لعب الطاولة التي يحتفظ بها في المكتب. ويبدو أنه لايبالي.. ولكنه تساءل
بعد ذلك: لماذا يهاجمني "أردوغان" وأنا لست حزبا سياسيا. هل يتصور أنه سوف
يروضني ويدخلني في طاعته ويكسب تأييدي مثل باقي المؤسسات الإعلامية؟

الخلاف العلني يدور حول نصف مليار دولار أمريكي غرامة فرضت علي رجل
الأعمال مالك الصحف ومحطات التليفزيون بتهمة التهرب الضريبي في صفقة بيع
إحدي قنواته للناشر الألماني "اكسيل شبرنجر".. الأمر الذي ينفيه الرجل -
التهرب وليس البيع - ويسعي بواسطة محاميه للحصول علي حكم بالبراءة أولا
واسترداد النصف مليار ثانيا!

يتابع الناخبون الأتراك المعركة بحماس.. وغالبا لن ينتصر فيها طرف
وإنما هو صراع مستمر لن يحسم بقرار أو جرة قلم لأن تركيا فيها قدر كبير من
الديمقراطية.

وعلي أي حال فإن الصحفي والسياسي "أصدقاء أعداء" يحتاج كل منهما
للآخر. ويستخدمه.. وفي نفس الوقت يتربص به.. لا يستغني أحدهما عن الآخر
ولا يثق فيه عادة. وقد يغرر به.. لا صداقة تدوم ولا عداوة تدوم.