ليست غنيمة حرب!بقلم:محمد علي إبراهيم

من طرف roidaa الأربعاء مارس 04, 2009 4:34 pm

مصر المستقبل
بقلم:محمد علي إبراهيم
ليست غنيمة حرب!

قلت في مقال الأمس ان الرئيس حسني مبارك
كان بليغا وهو يتحدث عن إعمار غزة لأنه قصد إعمار النفوس وليس المباني
والمرافق.. واليوم أعود لنفس الخطاب الذي ألقاه الرئيس في افتتاح مؤتمر
إعمار غزة وأتوقف فيه عند الفقرة التي حذر فيها من ان الوضع في الشرق
الأوسط أصبح منذراً بالخطر والانفجار أكثر من أي وقت مضي.. وجدد الرئيس في
خطابه 5 أولويات من بينها سرعة التوصل إلي اتفاق للتهدئة بين الجانبين
الإسرائيلي والفلسطيني وتحقيق المصالحة بين السلطة الفلسطينية والفصائل
"وهو ما تطرقت إليه في مقالي أمس عن إعمار النفوس" وتشكيل حكومة وفاق وطني
تتولي الإشراف علي إعادة الإعمار بالتنسيق مع السلطة الفلسطينية وألا يتم
التعامل مع الموارد المالية كغنائم حرب.

المعني الذي ركز عليه الزعيم حسني مبارك له رؤية مستقبلية محددة وهي خطورة أن يتصور أحد أحقيته بأموال الإعمار باعتبارها غنيمة حرب.

أموال الإعمار باختصار شديد تجيء من المانحين وهذه الدول والجهات والمنظمات والهيئات يهمها ألا تقع هذه الأموال في الأيدي الخطأ.

هنا لابد أن تدرك "حماس" اشياء كثيرة أهمها علي الإطلاق أن هذه
الأموال ليست تعويضا لها ولكنها تضميد لجراح الشعب الفلسطيني.. من حق أي
مانح اختيار الذي يتلقي هباته ليوزعها.. العالم مازال يري أن علي حماس
الاعتراف بشروط الرباعية الدولية قبل أن تحصل علي مال من المجتمع الدولي..
أهم شرط من شروط الرباعية الاعتراف بإسرائيل.. وحماس لن تعترف بالدولة
العبرية الآن.. وهي ايضا لم تنتصر عليها لتأخذ أموال الإعمار باعتبارها
غنيمة حرب.

"حماس" تري أن إسناد أموال الاعمار إلي السلطة الوطنية الفلسطينية
فيه فساد وإفساد.. "حماس" مازالت تعتقد أو لنقل عددا كبيرا من اعضائها أن
"فتح" هي العدو وأنها علي مرتبة واحدة مع إسرائيل.

يجب ان يفهم "الحمساوية" أن العالم يتحدث عن السلام وهم يتحدثون عن
الحرب. فكيف يستقيم ان يأخذوا اموالا ممن يطالبونهم بالسلام. بينما هم
مصرون علي الحرب؟ هل سيثق الاتحاد الأوروبي وأمريكا ودول الخليج أن
الأموال لن توجه لشراء أسلحة وذخائر وشن حرب من جديد.

من ناحية أخري هذه الأموال لا يقدمها المجتمع الدولي مكافأة ل "حماس"
علي الصمود والتضحية والفداء.. فالذي صمد هو الشعب والذي ضحي هم
الفلسطينيون والذين قدموا الشهداء والضحايا هم الغزاوية.. حماس بأكملها لم
تقدم أكثر من عشرة شهداء وبالتالي فليس من حقها أن تفوز بالإعمار كمكافأة
لها علي تدمير غزة.

وليس من المعقول أيضاً أن نعطي لإسرائيل مبررات وذرائع كي تهدم غزة
مرة أخري بحجة أن "حماس" عقدت صفقة سلاح أو أن إيران أرسلت صواريخ لها
أو.. أو..

لقد هاجم قياديون في حركة "حماس" توجيه أموال الإعمار إلي حكومة سلام
فياض وقالوا إنها غير شرعية ومنتهية الصلاحية وأن هذا يضع حجراً أمام عربة
انطلاق الحوار الوطني لإعاقته كما أن هذا يسعي إلي تقوية طرف علي حساب
الآخر..

هذا الكلام يسيء إلي "حماس" ويشوه مسئوليها.. فكأن حركة المقاومة
الإسلامية وافقت علي الانخراط في مفاوضات الحوار الوطني علها تحظي بنصيب
من أموال الإعمار.. من المؤكد أن "حماس" لم ترق دم الفلسطينيين لتحصل علي
"رشوة".. لو كان "الحمساوية" يتصرفون بهذا المنطق فهذا معناه انهم
يتعاملون مع شعبهم بمنطق من يلقي خشباً أو حطباً أو فحماً في المدفأة
ليزيدها اشتعالاً.

منطق "حماس" مع الفلسطينيين مضاد للمفهوم الدولي.. حماس تري أن
الاستشهاد حق وواجب علي كل فلسطيني إلي أن يتم تحرير القدس.. وهذا معناه
أن الحرب ستظل دائرة مع تل أبيب للأبد.. ومن ثم لن يحظي الفلسطينيون بدولة
أو خلافه.. الواقع الدولي عكس ذلك.. فأمريكا وأوروبا والعالم كله منزعجون
من تفشي العنف ويخشون تحوله إلي إرهاب.. العالم منشغل بقضية أن يموت شعب
أو يباد فهذه جريمة دولية تستوجب المساءلة. لكن ماذا يفعل المجتمع الدولي
في فصيل فلسطيني لا يري أن ما يقدم عليه كارثي ويهدم الإرادة الفلسطينية.

الحمساوية يتصورون أن "فتح" هي التي تعلق فتح المعابر وهذا غير
صحيح.. فتح المعابر مرتبط بالتهدئة والمصالحة وليس هناك أدني شك في أن
"الاثنين" لم يتحققا بعد.. من ثم فواجب حماس وفتح أن يتصالحا وأن يرفضا
التنابذ.. الأهم أن أموال الإعمار ستكون تحت رقابة لصيقة من المجتمع
الدولي والجامعة العربية وهيئة الأمم المتحدة وأمريكا.. الأهم أن يبادر من
يراقبون الصرف بالتنبيه علي "فتح" بعدم التهاون أو استخدام حيل أخري كالتي
لجأت إليها من قبل لتستأثر بالمبالغ لنفسها.. فهذا لن يحدث مطلقا.

وفي النهاية نقول إن حماس لم تحارب لتفوز بمكان في جدارية الإعمار..
لكنها حاربت درءا لعدوان فرض عليها الدفاع عن نفسها.. وإذا كان القتلي
يستحقون دية في الدين الإسلامي فإنه من باب أولي أن يحصلوا من القاتل
"إسرائيل" علي الدية أو غنيمة الحرب لا أن يتقاسموا الغنائم.