نحن نحذر.. ولانتشاءم بدون مصالحة وحكومة فلسطينية وتهدئة.. تظل أموال الإعمار.. "أرصدة مجمدة" خالد إمام

..وماذا بعد؟!
خالد إمام
E-mail:khaled@almessa.net.eg
نحن نحذر.. ولانتشاءم
بدون مصالحة وحكومة فلسطينية وتهدئة..
تظل أموال الإعمار.. "أرصدة مجمدة"


لست من هواة جلد الذات.. أو تحميل أنفسنا أكثر مما تحتمل.. ولكني أؤيد
وبشدة ضرورة أن يفعل كل منا ما يجب عمله ويتحمل مسئولياته بأمانة وشجاعة
سواء أدرك بعد ذلك النجاح أو لم يدركه.

من هنا.. فعندما نتحدث عن غزة بعد العدوان وعقب انتهاء المؤتمر
الدولي لإعادة الإعمار الذي دعت إليه واستضافته مصر ونتائجه.. يجب أن نضع
أمامنا بصراحة ودون لف أو دوران صورة الواقع بكل مفرداتها وبتجرد عن أي
هوي ليعلم كل طرف في هذه القضية واجباته ومسئولياته.

* * *


أمامنا قطاع تم تدمير منازله وبنيته التحتية ومرافقه الحيوية واستشهد
وأصيب وهجر الآلاف من أبنائه في جريمة حرب بشعة بكل ما تحمل من معني..
ولابد من إعادة إعمار هذا القطاع..

** وأمامنا شعب قوامه 5.1 مليون نسمة محاصر أرضاً وبحراً وجواً..
ولابد من رفع الحصار عنه لإمداده بكل مقومات الحياة وفتح المعابر لإدخال
مواد البناء إليه.

** وأمامنا وقف إطلاق نار هش يمكن أن ينكسر ويعود العدوان من جديد في
أي وقت ولأي سبب حقيقي أو وهمي سواء تم الإعمار أو لم يتم لنعود مرة أخري
للمربع الأول.. ولابد من إقرار التهدئة لتأمين هذا الشعب وضمان استقراره.

** وأمامنا وضع فلسطيني محبط.. خلاف مستحكم بين الفصائل. جزء من
الفلسطينيين يعيشون في الضفة تحت حكم السلطة الوطنية وجزء آخر في غزة تحت
سيطرة حماس. وكل يدعي أحقيته بالحكم والشرعية.. ولابد من المصالحة بين هذه
الفصائل والسلطة وتشكيل حكومة وفاق وطني تتحدث باسم كل الفلسطينيين أينما
يكونون في الضفة والقطاع وتتولي الإشراف علي إعادة الإعمار.

** وأمامنا حكومة إسرائيلية أكثر تطرفاً في الطريق ورأي عام إسرائيلي
لايقل تطرفاً عن حكومته.. والاثنان يرفضان السلام مع الفلسطينيين عامة
وأيضاً التعامل مع حماس خاصة.. ولابد أن يكون للمجتمع الدولي دور بارز في
الضغط علي إسرائيل سواء لرفع الحصار أو فتح المعابر بعد تشكيل الحكومة
الفلسطينية الجديدة والسماح لمواد الإعمار بدخول غزة وأخذ الضمانات
الكافية لعدم العودة للعدوان.

** وأمامنا 87 دولة ومنظمة وهيئة دولية تعهدت بتقديم 2.5 مليار دولار
مساعدات لإعادة الإعمار وأعلنت ذلك أمس الأول أمام المؤتمر الدولي الذي
دعت إليه مصر واستضافته بشرم الشيخ.. ولابد أن تكون هناك آلية محددة
وواضحة لإدارة هذه الأموال حتي لاتعتبرها الفصائل أنها مكافأة لها أو
غنيمة حرب أو يعتبرها آخرون أن العالم يقدمها كتعويضات نيابة عن إسرائيل..
حيث ستظل إسرائيل مدانة أخلاقياً علي ما اقترفته في حق الفلسطينيين بقطاع
غزة.

***


هذه هي الصورة بكل ما تحمل من جزئيات مضيئة أو معتمة أو أكثر سواداً.


لسنا متشائمين ولانقول إن الانفراجة لن تحدث.. علي العكس نحن متفائلون
لأنه لايصح إلا الصحيح.. ومهما طال الاحتلال فلابد له من زوال. ومهما كانت
القوة المسلحة للاحتلال غاشمة وباطشة. فإنها لا تقضي أبداً علي المقاومة
وعلي الحقوق المشروعة للشعوب.

الحق الفلسطيني عائد عائد مهما كان تطرف الحكومات الإسرائيلية.. لكن
المهم أن يأخذ الفلسطينيون بالأسباب ويسيروا خطوات علي الطريق الصحيح
الموصل لهذا الحق.

يجب علي الفلسطينيين أن يمضوا في طريق المصالحة تحت لافتة "السلطة
الوطنية الفلسطينية".. أن ينسوا انتماءاتهم الفصائلية لأن هذه الانتماءات
هي مسامير في نعش القضية الفلسطينية.. أن يشكلوا حكومتهم باختيارهم
وتوافقهم هم وتكون مسئولة عن الحجر والبشر في جزأيّ مشروع الدولة
الفلسطينية "الضفة وغزة" ومسئولة عن التعامل والتفاوض مع إسرائيل وأحد
ثلاثة مسئولين عن المعابر ومسئولة عن إعادة الإعمار.. فإسرائيل لن تتعامل
مع فصائل متناحرة وهي تريدها متناحرة لأن في ذلك مصلحتها.

***


نحن نحذر وبشدة.. إذا لم تتحقق التهدئة.. وإذا لم تحدث المصالحة..
وإذا لم تتشكل الحكومة الفلسطينية. فإن عودة العدوان واردة. ورفع الحصار
وفتح المعابر مستحيلان. وإعادة الإعمار تصبح في مهب الريح.. وبالتالي تكون
أموال الإعمار التي تعهد المجتمع الدولي بتقديمها مجرد "أرصدة مجمدة" حتي
يتم فك الطلاسم الموجودة بفعل فاعل.

الكرة الآن في الملعب الفلسطيني وعليهم أن يجيدوا اللعب في المربعين
الخاصين بهما وهما المصالحة وتشكيل الحكومة.. ثم قذف الكرة إلي الملعب
الإسرائيلي حيث باقي المربعات وفي مقدمتها "التهدئة".

هل سيفعلون؟