المحكمة الدولية.. وقراراتها "الهزلية" تتهم الأبرياء.. وتترك السفاحين!!بقلم: خالد إمام

..وماذا بعد؟!
بقلم: خالد إمام
E-mail:khaled@almessa.net.eg
المحكمة الدولية.. وقراراتها "الهزلية"
تتهم الأبرياء.. وتترك السفاحين!!

أسفت علي ما آل إليه المجتمع الدولي الذي
يدعي الحرية والديمقراطية والشفافية والعدالة المطلقة.. وأنا أتابع لورانس
بليرون المتحدثة باسم المحكمة الجنائية الدولية وهي تعلن قرار المحكمة
بتوقيف الرئيس السوداني عمر البشير وتفند 7 اتهامات تعرضه للاعتقال منها
جريمتا حرب وخمس جرائم ضد الإنسانية في إقليم دارفور.

وشعرت بغصة في حلقي وأنا أري المتحدثة تلقي بالتهم الباطلة يمينًا
ويسارًا وتلفق الأدلة الهزلية التي تعطي للمحكمة الحق في إصدار القرار.

ايقنت ساعتها.. أن هذا العالم لن يتغير.. وإن تغير فإنما يكون للأسوأ.. بل الأكثر سوءًا.


***


تصوروا.. يتهمون البشير باتهامات ما أنزل الله بها من سلطان.. منها
تصفية المدنيين والتهجير القسري والتعذيب والاغتصاب.. ويؤكدون أن هذه
الجرائم ارتكبت علي مدي 5 سنوات من العمليات المسلحة التي شنتها الحكومة
السودانية ضد جيش تحرير السودان وحركة العدل والمساواة وجماعات مسلحة أخري
تعارض الخرطوم في دارفور!!

وتعجبوا لعدالتهم المطلقة ونزاهتهم غير المحدودة عندما اسقطوا عنه
تهمة الإبادة الجماعية التي طالب بها المدعي العام "الملاكي" لويس مورينو
أوكامبو نظرًا لعدم وجود أدلة كافية عليها!!

قال يعني هناك أدلة كافية علي الجرائم السبع التي أدانوه بها!!


وتحسروا معي علي أدلتهم الهزلية بأن التحقيقات وجدت أن البشير بصفته
رئيسًا للسودان وقائدًا للقوات المسلحة "مشتبه به" في تخطيط وتنفيذ
الحملات المسلحة ضد متمردي دارفور!!

وزادوا علي ذلك بأن هناك اعتقادًا بوجود أسس معقولة لكونه مسيطرًا
علي جميع أنحاء السودان وأنه استخدم هذه السيطرة في شن عمليات مسلحة ضد
المعارضين!!

وتجبروا أكثر وأكثر حينما أكدوا أنه إذا لم يسلم نفسه فسوف يتم القبض
عليه في أي مكان -بما يعني نزول كوماندوز علي قصر الرئاسة بالخرطوم
وخطفه!!- واعتراض طائرته في الجو إذا ما حاول زيارة أي دولة!!

***


إذا سلمنا جدلاً -وهذا غير صحيح- بأن كل هذه الاتهامات صحيحة.. فمن
حقنا أن نسأل هذه المحكمة الهزلية غير المحترمة: وما هي الإجراءات التي
اتخذت ضد من ارتكبوا جرائم أكثر بشاعة منها.. بل وتتضمن أيضا الإبادة
الجماعية والانتهاك الجسدي والتدمير الشامل لمناطق بأكملها باستخدام أسلحة
محرمة دوليًا؟

* ألم يكن شيمون بيريز رئيسًا لوزراء إسرائيل ويسيطر علي جميع أنحاء بلاده وعلي جيشه عندما ارتكب مذبحة "قانا" الأولي؟


*.. وألم يكن أرئيل شارون يتمتع هو الآخر بصفة السيطرة حينما هدم جنين علي من فيها واقتحم المسجد الأقصي بجنوده؟


*.. وألم يكن ايهود اولمرت يتمتع بنفس صفة السيطرة عندما ارتكب مذبحة "قانا" الثانية؟


*.. وألم يكن إيهود أولمرت ومعه تسيبي ليفني وإيهود باراك يسيطرون علي
إسرائيل وجيشها عندما شنوا عدوانا غادرًا علي غزة وقتلوا 1300 فلسطيني
وأصابوا أكثر من 5 آلاف آخرين نصفهم من النساء والأطفال وهدموا نصف القطاع
ودمروا بنيته التحتية وشردوا 51 ألف فلسطيني واستخدموا قنابل الفوسفور
الأبيض والقنابل الارتجاجية وهي أسلحة محرمة دوليًا؟

*.. وألم يكن جورج بوش وديك تشيني ودونالد رامسفيلد يسيطرون علي
أمريكا وقواتها المسلحة عندما تحدوا العالم كله واستباحوا العراق وثرواته
وقتلوا شعبه وانتهكوا حرماته وأعراضه في سجن أبو غريب في حرب غير مبررة
وغير شرعية؟

ماذا فعلت المحكمة الجنائية الدولية لكل هؤلاء رغم الدعاوي المرفوعة من الضحايا وأسرهم ضدهم والأدلة الدامغة التي تدين الجناة؟


هل تم اعتراض طائراتهم أينما حلوا لخطفهم ومحاكمتهم؟.. لا


هل سألتهم المحكمة الجنائية مجرد سؤال؟.. لا


هل لفتت نظرهم؟.. لا


علي العكس.. دخل هؤلاء السفاحون الحكم وهم أبطال وخرجوا منه وهم أبطال أيضًا يهتف لهم المتطرفون أينما ذهبوا.


فعلام تتحدثون؟


***


إن الاتهامات الموجهة إلي الرئيس البشير باطلة جملة وتفصيلا.. وقرار
المحكمة سياسي من الدرجة الأولي.. الغرض منه أمر واحد لا ثاني له أن يغمض
البشير عينيه عن انفصال الجنوب.. ويقيني أنه لو وافق علي هذا الانفصال
فسوف تسقط كل هذه الاتهامات إن لم تتحول إلي قصائد مدح وإشادة!!

بالمناسبة.. ماذا فعلت المحكمة الجنائية الدولية مع فلاديمير بوتين
عندما كان رئيسا لروسيا وأخمد ثورة الشيشان بكل أنواع القوة لرغبة السكان
في الانفصال؟

هل صدر قرار من المحكمة باعتقاله؟ أليس وضع الشيشانيين مثل
الدارفوريين بالضبط رغم أن تجاوزات البشير -إذا كانت هناك تجاوزات فعلية-
لا تقارن بما ارتكب في الشيشان؟

الفرق الوحيد بين الحالتين.. أن الشيشان "مسلمون" والغرب لا يريد
انفصالهم وتحولهم إلي دولة مسلمة. والدارفوريين "مسيحيون" ولديهم ثروات
ضخمة من البترول واليورانيوم والغرب يريد فصلهم عن الجسد الأم ليصبحوا
دولة مستقلة ذات سيادة.

هذا هو السبب الحقيقي


***


للأسف الشديد.. أن المحكمة الجنائية الدولية تنتهج نفس نهج أسيادها.. تكيل بمكيالين وأحيانا بثلاثة.


إنها تتهم أبرياء وتترك جناة حقيقيين وسفاحين في أمريكا وإسرائيل
يفرون بجرائمهم ويحملون الإدارة الأمريكية الجديدة أوزارهم وخطاياهم
وتركتهم الثقيلة التي تنوء بحملها الجبال.