بوصلة سلامة‏!‏بقلم : عبدالله عبدالسلام

من طرف **nona** السبت مارس 07, 2009 5:04 pm

أفق جديد
بقلم : عبدالله عبدالسلام

بوصلة سلامة‏!‏

قبل
سنوات‏,‏ وقف أحد ابرز السفراء الأجانب أمام حشد من افراد النخبة
المصرية‏,‏ وروي القصة التوراتية التالية‏:‏ خرج موسي‏(‏ عليه السلام‏)‏
بقومه من مصر ليلا‏,‏ وكان القمر قد احتجب فجأة‏,‏ وبدأت الحيرة تأخذ
الجميع‏.‏ الكل تساءل من يزيح الظلمة وينير لنا الطريق؟

ثم التفت
السفير إلي أحد الحضور قائلا‏:‏ هذا الرجل بالنسبة لكثير من المصريين
والأجانب المقيمين هنا هو من الذين يدلونا علي الطريق ويبددون لنا
الظلمة‏.‏ ولم يكن هذا الرجل سوي الأستاذ سلامة أحمد سلامة الذي نهرع إلي
عموده عندما تتفرق بنا السبل وتستبد بنا الحيرة وتضيع منا البوصلة دون أن
نشعر بأنه خذلنا أو زاد علينا ظلمتنا من يوم في الأيام‏.‏

عمود
الأستاذ سلامة ليس مجرد زاوية أو مساحة رأي مثل كثير من الأعمدة المنتشرة
كالفطر في صحافتنا زاعقة صاعقة لاتقول شيئا ولاتضيف جديدا وسرعان ماننساها
فور قراءتها‏.‏ عموده ليس فيديو كليب‏,‏ سريعا‏,‏ مسليا‏,‏ راقصا‏,‏
مستفزا حسب وصفه هو لحالة أعمدتنا الصحفية هذه الأيام‏,‏ بل خلاصة فكر
إنسان تسامي علي الصغائر وترفع عن الشللية وخاصم السطحية والنفاق والفساد
متسلحا بالموضوعية والموسوعية وعفة القلم وطهارة اللسان‏.‏

كاتب
قال عنه بحق الدكتور حسام عيسي الأستاذ الجامعي البارز انه لم يسمح أبدا
للسلطة أن تفسده ولذلك أحبه القراء وجعلوه الفيصل في الحكم علي الكثير من
الأمور التي لايستطيعون أن يحسموا أمرا بشأنها فإذا بالظلمة تنقشع
وبالضباب يتبدد‏.‏

لم يعد العمود الصحفي مع الأستاذ سلامة مجرد
لقطة هنا أو تعليق هناك أو رؤية مبتسرة لاتضيف جديدا بل تحول إلي رؤية
وتحليل وتفسير ومكاشفة‏.‏ واستغل الأستاذ سلامة خبرته الكبيرة وسعة اطلاعه
الموسوعي علي تطورات الأفكار والأحداث وقراءاته العمية للتاريخ والفلسفة
والاجتماع من خلال إجادته‏,‏ عن حق ودون اداعاء للعديد من اللغات ـ استغل
كل ذلك ـ ليقدم لنا عمودا صحفيا شديد البساطة ومع ذلك نعيد قراءته أكثر من
مرة لكي نحيط بأبعاده الإنسانية والسياسية والاجتماعية‏.‏ عمود لايدغدغ
عواطفك بقدر ما يتفاعل معك ومع مشاكلك دون أن يثقل عليك أو يلف أو يدور أو
يشعرك بأن صاحبه كاتب خطير نفوذه يمتد ما بين المشرق والمغرب‏.‏

ثم
انه إنسان عطوف شديد التواضع والاحساس بآلام الناس لايتورع عن البوح
بمعاناته الشخصية وربما كان عموده علي حافة الحافة في سبتمبر الماضي
نموذجا فذا للتعبير عن تجربة شخصية مريرة دون ابتذال أو هوي شخصي‏.‏

عندما
أقرا للأستاذ سلامة‏,‏ اتذكر دائما مقالة شهيرة للمستشار طارق البشري عن
الذين حملوا مصر في بدايات القرن العشرين أي الذين اقاموا نهضتها‏.‏
واعتقد جازما أن الأستاذ سلامة من القلة التي تحمل مصر في أيامنا تلك‏.‏
‏

aabdelsalam65@gmail.com