رشيد.. وميثاق الشرف محمد فوده

من الواقع
رشيد.. وميثاق الشرف
محمد فوده

لدينا مواثيق شرف في مصر كثيرة.. لكنها مجرد مواثيق علي الورق أو مواثيق في العقول لا تجد طريقها للتنفيذ في الحياة العملية.


هناك ميثاق شرف للصحافة ولكن البعض يخرج عليه عامدا متعمدا لغرض في
نفس يعقوب.. وهناك ميثاق شرف وقسم للأطباء.. لكن غالبيتهم حولوا المهنة
السامية إلي تجارة حتي في الأعضاء البشرية بل في البشر أنفسهم يبيعونهم
بأبخس الأسعار!!

وهناك ميثاق شرف للمهندسين.. لكن البعض تنازل عنه راضيا في سبيل
الحصول علي رشوة. والسماح ببناء أدوار مخالفة في عمارات تؤدي إلي انهيارها
فوق رؤوس ساكنيها!!

وهناك ميثاق شرف بين الغرف التجارية والصناعية من جهة وبين التجار
والصناع من جهة أخري.. ولكن البضاعة الفاسدة والمهربة تملأ الأسواق
والصناعات المغشوشة في بير السلم تباع عيني عينك!!

وهناك ميثاق شرف للمحاسبين.. ولكن البعض منهم يزور في الأرقام للتهرب من الضرائب وغير ذلك.


مواثيق شرف تملأ الآفاق لا يراعيها أصحابها.. فإذا كانت القوانين لا
تحترم ويتم اللف والدوران حولها.. فأولي بمواثيق الشرف أن تنتهك وتصبح كأن
لم تكن!!

أقول ذلك للمهندس رشيد محمد رشيد وزير التجارة والصناعة الذي اجتمع
مع أصحاب محلات السلاسل والمراكز التجارية حيث طالبهم بضرورة وضع ميثاق
شرف يستهدف الالتزام بالقواعد المنظمة للتجارة الداخلية والالتزام بعدم
بيع سلع مهربة وغير مطابقة للمواصفات.

يا معالي الوزير: أنت رجل مثالي في زمن انتهت فيه المثالية وخرجت إلي
غير رجعة.. ميثاق الشرف يقتضي وجود ضمير يحاسب به الإنسان نفسه.. ونحن
غيبنا ضمائرنا في كل تصرفاتنا.. بل اننا قتلنا الضمير وذبحناه بسكين
بارد.. فلا تصدق أن أحدا سوف يلتزم بأي ميثاق شرف في هذا الزمن.. الكل
يبحث عن المكسب وتحصيل ما يمكن تحصيله بأية وسيلة دون مراعاة مواثيق الشرف
التي نتحدث عنها.. بل ان الحرام اختلط بالحلال ولم يعد هناك فرق بين هذا
وذاك.

انظر يا سيادة الوزير إلي أزمة حديد التسليح وكيف تفاقمت ووصل سعر
الطن إلي رقم خيالي.. لم يراع أحد من أصحاب المصانع ولا التجار ضميره..
وظلت الأزمة مستحكمة حتي نزل الحديد المستورد من تركيا إلي الأسواق وهنا
فقط عرف الجميع أن الله حق وكسدت صناعتهم وبارت تجارتهم!!

وانظر الآن إلي مشكلة الأسمنت.. وكيف تفاقمت ولا أحد يستطيع الحل.. فلتفتح باب استيراد الأسمنت ليعود هؤلاء الجشعون إلي رشدهم.


نحن لا ينفع معنا مواثيق الشرف.. ولا تنفع معنا القوانين الرادعة..
المطلوب إجراءات أخري تكون أكثر إلزاما ضد الغشاشين والنصابين
والانتهازيين واللصوص وقطاع الطرق والمعتدين علي الأعراض وعلي أملاك
الدولة والمستغلين لنفوذهم ومراكزهم ومناصبهم.

نحن ياسيادة الوزير في حاجة إلي ثورة إدارية تنتشلنا من الواقع
المرير الذي نعيشه.. نحن في حاجة إلي أحكام إعدام مثل التي حكم بها علي
مغتصبي ربة المنزل في كفرالشيخ.

وبدون ذلك سيبقي الحال علي ما هو عليه حتي إشعار آخر!!