قرآن وسنة د. عبد الله النجار

قرآن وسنة
د. عبد الله النجار

أشرقت الدنيا بمولد سيد الخلق محمد بن عبدالله صلي الله عليه وسلم
وامتلأالكون نورا ورحمة وهداية وعدلا. واعتدل بمولده الشريف ميزان الكون
بعد أن عبثت فيه قوي الشر وجنحت به نحو الفساد والضلال فسعد الاغنياء قبل
الفقراء والأقوياء قبل الضعفاء والامراء قبل الدهماء. وشاركت الكائنات
بعضها في الفرح بهذا المولد العظيم فبدت سعيدة هنيئة تسبح بحمد ربها.
وتبادل الخلق سرورا بسرور. وفرحا بفرح وسعادة بسعادة. بل ان الزمان قد
ابتسم لقدومه. وغدا شامخا بين الأيام حيث اختاره الله ليكون موعدا مع
الخلق والكائنات. والأرض والسماوات. يؤرخ به لهذا الحدث السعيد. واكرم
بزمان شهد مولد محمد بن عبدالله صلي الله عليه وسلم وصدق الله العظيم حين
كشف عن سر فرح الكائنات بمولد نبيه الخاتم فقال سبحانه : "وما ارسلناك الا
رحمة للعالمين" وحين امتن علي المؤمنين بما ساقه لهم من الخير بمولد ه
فقال عز من قائل: "لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ماعنتم حريص عليكم
بالمؤمنين رءوف رحيم" صلاة ربي وافضل تسليماته عليك ياسيدي يارسول الله
لقد خلق الله محمدا بشرا من فصيلة بني آدم لكنه احتوي كافة جوانب الكمال
البشري الذي يجد فيه كل انسان سلواه. ويأخذ منه كل قاصد للكمال قدوته.
فولد يتيما حتي يجد فيه اليتامي سلوي وعزاء. وليكونوا علي دربه في تجاوز
اليتم والانطلاق نحو البناء والعطاء. ونشأ فقيرا حتي يكون اسوة للفقراء في
عزة النفس واباء الطبع والرضا بما قسمه الله والتعفف عن اكل الحرام
والتطلع لما في ايدي الناس بالباطل وكان في بيته واسرته مثالا يحتذي لكافة
المستويات في المجتمع ولتكون سنته في النطاق الاجتماعي قانونا للاصلاح في
كل وقت وبيئة. ورحمة في دعوته بالوان شتي من الامتحانات القاسية. والمحن
العاتية. فما وهن لما اصابه وماضعف وما استكان حتي وصل بالدنيا كلها الي
مبلغ الكمال في دينها. وسجل له تلك المنة الغالية من بعثه بالهدي ودين
الحق ليظهره علي الدين كله حين قال: "اليوم اكملت لكم دينكم واتممت عليكم
نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا وفرض اعداؤه عليه المواجهة المسلحة. فما
لانت له قناة. وماقعد عن الجهاد في سبيل الله يسابق المقاتلين الي حومة
الوغي ويتقدم الصفوف عند وهج السيوف معلنا عن نفسه غير محتجب عن عدوه.
يقول بأعلي صوته منبها قاصده قبل عدوه "انا النبي لاكذب انا ابن
عبدالمطلب" وفتح ابواب العلم للدنيا.. فصار كل علم فيها اثرا من حكمته
وفيضا من سنته وقبسا من نور الذكر الحكيم الذي نزل عليه تتعدد الجامعات في
الدنيا وتكثر دور العلم في كل البقاع.. فلا تجد كل قطاع منها الا قصرا علي
نزر يسير مما اثر عن علمه الفياض في علوم القرآن او السنة او الفقه او
الاصول او اللغة او البلاغة او الادب او العقيدة او المنطق لقد كان بحرا
لاينفد في مختلف تخصصات العلم النافع والحكمة البالغة ولو ان هؤلاء الذين
يتطاولون عليه قد عرفوا قدره لأمنوا به واحترموا دينه ولكنهم لايعلمون.