المجتمع السعودي يتغير‏!‏بقلم : مكرم محمد أحمد

من طرف هايدى الثلاثاء مارس 10, 2009 9:37 am

نقطة نور
بقلم : مكرم محمد أحمد

المجتمع السعودي يتغير‏!‏

يكاد
يكون التحدي الأساسي الذي يواجه المجتمع السعودي الآن‏,‏ كيف يوافق بين
ميراثه الثقافي والديني المحافظ وتحديات المعاصرة والتحديث‏,‏ التي تفرض
عليه تغييرا شاملا في نهج الحياة والتفكير وأساليب الحكم يتخفف فيه من بعض
التشدد والمغالاة‏,‏ ويأخذ بأساليب العلم‏,‏ ويقبل بالحوار مع الآخر‏,‏
الأمر الذي ساعد المجتمع علي التخلص من قيود عديدة كبلت مسيرة التطور وإن
يكن علي نحو متدرج يتجنب الصدام المباشر مع هذا التراث الضخم من التراث
المحافظ‏,‏ ومن دون أن ينال التغيير جوهر قيمه الدينية والثقافية أو يمس
جوهر النظام القانوني القائم علي حكم الشريعة‏.‏

ويخوض المجتمع
السعودي في ظل حكم الملك عبدالله عملية تغيير شامل وهادئ علي جبهة عريضة
تبدأ من النظام القانوني الي النظام التعليمي الي علاقة المجتمع بالمرأة
والطفل‏,‏ دون إغفال أهمية التواصل بين الحكم والناس في إطار مؤسسي يعزز
دور الشوري في صنع القرار‏,‏ علي أمل أن تسفر هذه التغييرات عن تنشئة جيل
جديد مختلف‏,‏ لا يستطيع فكر التطرف أن يستلب منه قدراته علي التفكير
المستقل والاحتكام الي العقل‏.‏

وفي الوقت الذي تنفق فيه السعودية
الآن ربع موازنتها‏475‏ مليار ريال علي التعليم المدني الحديث‏,‏ تعمل
جاهدة علي إحداث تغيير أساسي في نظامها القانوني تتعدد فيه مرجعية الفقه
الإسلامي لتشمل فقه الشافعية والحنفية الي جوار فقه ابن حنبل الأكثر تشددا
تأسيسا علي القاعدة الصحيحة التي تقول‏:‏ اختلاف الفقهاء رحمة‏,‏ مع حرص
متزايد علي تحديث النظام القضائي بما يحقق العدالة الناجزة ويكفل عدم
تضارب الأحكام الشرعية‏,‏ ويوحد سلطة التحقيق والعقاب في مؤسسات الدولة‏,‏
ويقصر مهمة هيئة الأمر بالمعروف علي حدود النصح وإبلاغ السلطات المعنية
ويحد من سلطة المطوع علي الناس في الشارع ومن سلطة الكفيل علي من يستقدمهم
للعمل بعد أن زادت الشكاوي من الاثنين لسوء استخدامهما سلطتهما العرفية
والقانونية‏.‏

لكن التطور الضخم في حياة المجتمع السعودي مايزال
معلقا بمسيرة المرأة‏,‏ التي تشغل الآن‏37‏ في المائة من حجم الوظائف
وتتزايد هذه النسبة في التعليم والجامعات والبنوك‏,‏ وتمتلك‏60‏ في المائة
من حجم ودائع البنوك‏,‏ وتملك وتدير أكثر من‏40‏ مؤسسة اقتصادية
وتجارية‏,‏ وبرغم أنها وصلت في التعديل الوزاري الأخير الي منصب نائب
الوزير‏,‏ إلا أن المجتمع المحافظ مايزال يقاوم حقها في أن تقود
سيارتها‏,‏ ومع ذلك لا يكاد يمضي يوم واحد من دون أن توقف شرطة المرور
سيدة تقود سيارتها في جدة أو الرياض متذرعة بأن قانون المرور لا يحرمها من
هذا الحق‏,‏ ولا يجد الشرطي من سبيل سوي أن يتركها تمر‏!‏

mmahasabo@yahoo.com