دولة في حالة أزمة بقلم : سجيني دولرماني

من طرف سوسو الثلاثاء مارس 10, 2009 9:45 am

سياسة خارجية
بقلم : سجيني دولرماني

دولة في حالة أزمة

بمقاييس العمليات الإرهابية السابقة في باكستان لم يكن الهجوم علي فريق الكريكيت السريلانكي أكثرها دموية‏.‏

وعلي
الرغم من أن الهجوم قتل أمل الباكستانيين في تنظيم دورة عالمية للعبة
الأكثر شعبية في جنوب آسيا إلا أن توقيت الهجوم ومغزاه يتجاوز هذه الخسارة
المؤقتة‏.‏

فمن دبروا له وهيأوا الثغرات الأمنية لتنفيذه كان هدفهم
تبليغ رسالة لم يعنيهم الأمر بأن باكستان في ظل حكومة الرئيس زرداري تقف
علي حافة الدولة الفاشلة أو علي الأقل هي دولة في حالة أزمة تحتاج إلي
مخرج آخر‏,‏ وأن أي انتصار عسكري محتمل في أفغانستان لامعني له إذا كان
الثمن هو تحول باكستان لملاذ آمن لعناصر القاعدة‏.‏

الهجوم جاء
متزامنا مع إعلان إدارة أوباما عن إرسال قوات اضافية إلي أفغانستان‏,‏ ومع
حرج سياسي تسبب فيه الكشف عن انطلاق طائرات أمريكية بدون طيار من قواعد
باكستانية لقصف أهداف للإرهابيين‏,‏ ومع أزمة سياسية تزداد تفاقما بسبب
رفض زرداري تنفيذ تعهده بإعادة الاستقلالية للنظام القضائي وعودته إلي
الألاعيب السياسية الفاسدة السابقة بالتخلص من الخصوم عبر أحكام قضائية
مشكوك في نزاهتها مثل تلك التي اصدرت بنزع شرعية العمل السياسي عن نواز
شريف زعيم الرابطة الإسلامية وإقالة شقيقه من رئاسة حكومة إقليم البنجاب
التي لم يأت اختيار عاصمتها لاهور لتنفيذ الهجوم من قبيل المصادفة‏.‏

الهجوم تزامن أيضا مع استياء أمريكي من صفقة زرداري مع المتطرفين الإسلاميين في سوات‏.‏

الهدف
إذن كان تعميق حالة الاحتقان الداخلي وإثبات عجز النظام الحالي عن تأمين
مصالح الشعب الباكستاني والإيحاء بأن الأمر قد يتطلب تدخلا آخر من
العسكر‏.‏

فالجيش الباكستاني ربما يكون قد طهر نفسه كثيرا من
العناصر المتواطئة مع الجماعات الإسلامية المسلحة المتطرفة‏,‏ لكنه لايزال
يحتفظ بنفوذ قوي وقنوات للاتصال بهم والقدرة علي إبرام الصفقات معهم‏,‏
وهو لايزال يري لنفسه دورا متعاظما لحماية المصالح الباكستانية في مواجهة
ما يعتبره تسللا هنديا إلي مواقع نفوذه في أفغانستان‏,‏ وهو الذي يتحمل
عبء القتال مع أبناء جلدته عندما يتطلب الأمر ذلك ولهذا فهو يريد أن يكون
الجالس علي مقعد التفاوض والمساومة حين يأتي وقته في المؤتمر الأمريكي
للبحث في استراتيجية جديدة للتعامل مع الوضع المعقد في أفغانستان‏.‏

وحتي يتلقي الإذن بذلك من السفارة الأمريكية في إسلام آباد ستظل باكستان دولة في حالة أزمة‏.‏