وزير المالية.. المفتري عليه..بقلم : محمد أبو الحديد

من طرف ادهم الثلاثاء مارس 10, 2009 1:42 pm

آخر الاسبوع
بقلم : محمد أبو الحديد
E- mail: abuelhaded@eltahrir.net
وزير المالية.. المفتري عليه..

وزير المالية.. المفتري عليه..بقلم : محمد أبو الحديد HOR4

منذ أسبوعين تقريباً.. وفي وقت واحد. بدأت حملة هجوم إعلامية شرسة ضد
الدكتور يوسف بطرس غالي وزير المالية. لم تتخلف عنها صحيفة أو مجلة واحدة.
سواء قومية أو حزبية أو خاصة. واستخدمت فيها كل الأسلحة. من مقالات.
وتحقيقات. وأخبار وكاريكاتير.

بدأت الحملة مع تفاقم مشكلة الصيادلة مع مصلحة الضرائب. لكنها لم
تقتصر علي هذه المشكلة وحدها. وإنما انطلقت منها لتتهم الدكتور يوسف بطرس
غالي بأنه صانع المشاكل والاضطرابات والاعتصامات وكل ما يواجهه المجتمع
المصري من متغيرات. حتي بدا وكأنه عدو الشعب. أو هادم اللذات ومفرق
الجماعات.

وأقول. بصدق. إن هذه الحملة في جزء كبير منها غير منصفة.

وأثق في أن الكثيرين ممن اعتادوا قراءة ما أكتب كل أسبوع. سوف
يصدقونني. لأنهم تابعوا لي من قبل مقالات في نفس هذا المكان. اختلفت فيها
مع الدكتور يوسف. وهاجمته. خاصة فيما يتعلق برؤيته حول كيفية حل مشكلة
مديونيات المؤسسات الصحفية القومية. وإصلاح هياكلها المالية والإدارية.

بل إنني الذي نقلت هذه الرؤية. من التداول داخل اجتماع مغلق لرئيس
الوزراء ورئيس مجلس الشوري والمجلس الأعلي للصحافة مع رؤساء المؤسسات
القومية الثلاث الكبري: دار التحرير الأخبار الأهرام بحضور وزير المالية.
إلي النقاش العام علي صفحات الصحف والمجلات.

لكن.. في حملة هذه الأيام بالذات. وتحميل الدكتور يوسف بطرس غالي مسئولية ما ليس مسئولاً عنه. ظلم كبير للرجل.

وفيها أيضا خطأ من الصحافة والإعلام. يؤدي إلي تعبئة الرأي العام في اتجاه خاطيء أيضا.

***

أولاً نحن نصور وزير المالية للناس علي أنه ينفذ سياسة خاصة به. وأنه
"راكب دماغه".. وهذا غير صحيح علي إطلاقه.. فالوزير أي وزير في دولة
مؤسسات مثل مصر. ينفذ سياسة دولة. وبرنامج حكومة. ويلتزم في ذلك كله
بتوجيهات رئيس الجمهورية وتكليفاته.. ولا يجرؤ أي وزير علي أن يركب دماغه
في أمر يتعلق بمطالب مشروعة لأي فئة من فئات الشعب. أو يمس الاستقرار
والسلام الاجتماعي.

ووزير المالية بالذات. ملتزم بميزانية عامة للدولة.. فيها
"إيرادات".. ولها "مصروفات".. والإيرادات والمصروفات أرقام تقابلها "فلوس"
لابد أن تتوفر وليس فيها هزار أو مساومات.

وإذا زادت المصروفات أو الالتزامات علي الإيرادات كان هناك عجز لابد
من تغطيته بموارد أو إيرادات جديدة.. فإذا نشأت "تطلعات" لكل الفئات
لزيادة دخولها مثلما هو حادث الآن. أصبح العجز يهدد بكارثة إذا لم يتم كبح
جماح هذه التطلعات أو الاستجابة لها.. وهي أزمة مجتمع واقتصاد. وليست
مشكلة وزير.

ثانياً وزير المالية ليس هو الذي يزرع.. ولا هو الذي يصنع.. ولا هو
الذي يصدر أو يستورد.. ولا هو المسئول عن السياحة. أو عن جذب الاستثمارات
المحلية والأجنبية.. ولا هو الذي يتحكم في إيرادات قناة السويس.. ولا الذي
يحدد أسعار البترول.. ولا المسئول عن تشغيل المصريين بالخارج.

أليست هذه هي المكونات الرئيسية لموارد الدولة. أو "إيرادات الخزانة العامة" التي تنفق الدولة منها علي الشعب؟!.

***

إن وزير المالية مسئول فقط. في نطاق وزارته. عن عنصرين من عناصر هذه الموارد أو الإيرادات العامة هما: الضرائب.. والجمارك.

فيما عدا هذا. فإن بقية مكونات موارد الدولة التي ذكرتها. تقع مسئولية
كل منها علي وزير آخر مختص بها في الحكومة.. لأن وزير المالية بالنسبة لها
مجرد "مستقبل" لما تقدمه هذه الوزارات من أموال الخزانة العامة.

فإذا حدث - لأي سبب داخلي أو خارجي.. حقيقي أم مصطنع - أي قصور في
الإنتاج الزراعي. أو الصناعي. أو في التصدير. أو في مجال الاستثمار.. أو
في إيرادات قناة السويس. أو في السياحة.. أو في البترول.. أو في عائدات
المصريين بالخارج. وأدي هذا القصور إلي انخفاض إيرادات الخزانة العامة من
هذه المجالات عن المستهدف المحدد. فإن الذي يسأل عن هذا القصور هم وزراء
الزراعة والصناعة والتجارة والاستثمار والسياحة والبترول والقوي العاملة..
إلي آخره.

لكن الذي يحدث. نتيجة لسوء الفهم الذي تسببه المعالجة الخاطئة من
الإعلام. أن الرأي العام. حين لا تجد أي فئة استجابة من الحكومة لتطلعاتها
المالية. يترك كل هؤلاء الوزراء. بل ويترك الحكومة كلها. ويمسك بخناق وزير
المالية وحده. ويحمله المسئولية كلها.

***

ولو أن وزير المالية كان المسئول الحقيقي. لما تركه رئيس الجمهورية في
منصبه لحظة واحدة.. لكن لأن الرئيس يعرف أن هذه مشكلة مجتمع تتزايد طموحات
أفراده وتطلعاتهم يوما بعد يوم بما تعجز موارد الدولة عن الوفاء بهذه
الطموحات والتطلعات كلها أو بعضها بما يرضي كل الفئات. فإنه يناقش الأمر
مع وزير المالية. ومع رئيس الحكومة. ومع الوزراء المعنيين. لبحث كيفية
تدبير موارد إضافية حقيقية يمكن بها تلبية الاحتياجات العاجلة للمواطنين.

بل أكاد أقول. إن وزير المالية "مقيد" حتي فيما يتعلق بزيادة إيرادات العناصر التي تحت يده وهي الضرائب والجمارك

إنه لا يستطيع فرض ضرائب جديدة. أو زيادة الضرائب القائمة إلا بقانون..

والباب الوحيد المتاح أمامه لزيادة حصيلة الضرائب هو توسيع قاعدة
المجتمع الضريبي. والبحث عن المتهربين ودفعهم إلي الالتزام بأداء حق
الدولة عليهم.

أما حصيلة الجمارك. فمرتبطة بحجم الواردات.. وهو ليس الوزير المختص بتحديده.

في مقابل ذلك. قد تكون القيود أقل علي امكانية زيادة الانتاج في
الزراعة أو الصناعة أو زيادة الموارد من غيرهما. وان خضع بعض ذلك أحيانا
لظروف عالمية.

***

هي إذن مشكلة مجتمع بأكمله. يحتاج أن ينشط أكثر. ويعمل أكثر. وينتج أكثر. إذا كان يريد تلبية احتياجاته وتطلعاته.

وهي مسئولية حكومة. وقطاع خاص. وأفراد وليست مسئولية وزير بعينه.. حتي لو كان وزير المالية.

بل أكاد أشعر بالمأزق الشديد الذي يعيشه الدكتور يوسف بطرس غالي..
وكيف يدبر أمورنا المالية في ظل تداعيات الأزمة المالية والاقتصادية
العالمية. التي بدأت تهددنا بتراجع في إيرادات قناة السويس والسياحة
وعوائد التصدير وتحويلات المصريين في الخارج وغيرها.

وكيف يحل المعادلة الصعبة بين ضرورة أن يكون في ايدي الناس
"فلوس"اكثر. سواء بطريق مباشر مثل زيادة الدخول. أو غير مباشر عن طريق خفض
الضرائب حتي ينشط الطلب علي السلع. فتعمل المصانع لزيادة الانتاج. وتتخلق
فرص عمل جديدة وتدور عجلة الاقتصاد بينما لا توجد امكانية حقيقية لزيادة
دخول الأفراد.. وتحتاج الدولة إلي "كل" إيرادات الضرائب واكثر منها.

ولذلك أكرر انها مشكلة مجتمع بأكمله.. ولذلك تحتاج إلي معالجة شاملة. علي مستوي المجتمع كله.

بين الحكومة.. وجهاز المحاسبات

** الصيغة التي انتهت اليها العلاقة بين الحكومة والجهاز
المركزي للمحاسبات هذا الأسبوع. متوازنة. وتصب في مصلحة المجتمع كله. قبل
مصلحة الطرفين.. الجهاز والحكومة.

الجهاز ـ من جانبه ـ يعرض في تقريره. كما رأينا. "ايجابيات" الحكومة
قبل أن يعدد سلبياتها.. وفي هذا انصاف للحكومة يبريء الجهاز من أي اتهام
بأنه يتصيد الأخطاء فقط.

والحكومة ـ من جانبها ـ تتوقف عن التصريحات المستفزة التي تستقبل بها
ملاحظات الجهاز علي عملها. وتقلل فيها من شأن الجهاز وأهمية تقاريره. وفي
هذا احترام للجهاز ولما يمثله. حتي تحترم كل الجهات الأخري التي يراقب
أعمالها. تقاريره وتوصياته والا انفلت الزمام.

أهمية هذه الصيغة أن من شأنها أن تغلق بابا من عدة أبواب. أري مخططا
كبيرا وشاملا يدق عليها وعلينا بعنف لينفذ منها.. وهدف هذا المخطط هو
تقويض النظام السياسي القائم ووحدة المجتمع.. ووسيلته هي هز دعائم هذا
المجتمع ونظامه من خلال التشكيك في كل أدواته. وزعزعة الثقة في ركائز
استقراره وأمنه.. ابتداء من القضاء والقضاة. الي جهاز الأمن ورجاله.. الي
أجهزة الرقابة الدستورية والمالية.. الي آخره.

مصر.. شيء آخر مختلف

** أشعر أحيانا. وأنا أقرأ بعض ما يكتبه زملاء أعزاء في بعض الصحف. انه. اما أنني لا أعيش في مصر ولا أعرفها.. وإما أنهم كذلك.

أقول هذا بمناسبة هذا الكم من التحليلات التي نشرت في صحف حزبية وخاصة
تعقيبا علي الافراج عن الدكتور أيمن نور. والتي تحدثت عنه ك "زعيم".. صاحب
"تيار سياسي".. ومؤسس "حركة شعبية".. وممثل ورمز ل "جيل كامل جديد". وتعلق
آمالا كبيرة علي سرعة اندماجه أو ادماجه في الحياة السياسية. حتي يقودنا
في المستقبل.

للدكتور أيمن نور. ولكل من كتبوا عنه في هذا الاتجاه كل التقدير
والاحترام.. لكن مصر ليست أمريكا.. ففي أمريكا. التي لا يزيد عمرها في
السياسة علي 220 سنة. يستطيع الاعلام بأدواته الكاسحة وإبهاره اللانهائي
أن يصنع نجوما وزعماء من شيء أو من لا شيء.

أما مصر.. وخبرتها التي تزيد علي سبعة آلاف سنة. فلدي مواطنيها حس
سياسي عميق. يقودهم بالفطرة لمعرفة الزعامة الحقيقية من غيرها.. ومن يبني
زعامته مع مواطنيه وبهم.. ومن تبنيها له الدعايات الخارجية.

د. صبحي عبدالحكيم .. كان أستاذي

** حزنت لرحيل الأستاذ الدكتور محمد صبحي عبدالحكيم.. عالم
الجغرافيا.. والسياسي القدير الذي كان أول رئيس لمجلس الشوري. وللمجلس
الأعلي للصحافة عند انشاء كل من المجلسين. وكان خبيرا دوليا أيضا في مجال
السكان. وصاحب جهد كبير ومميز في الدعوة للحد من الزيادة السكانية. قبل ان
يترك ذلك كله. ويتواري في بيته.

إنه واحد من الأساتذة العظام. الذين تعلم علي يديهم جيلي. وأجيال عديدة أخري سابقة ولاحقة.

كان يدرّس لنا مادة "الجغرافيا الاقتصادية" ونحن طلبة في السنة الأولي
بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية.. كان صاحب قلب كبير. وعلم غزير.. وروح
دعابة مستحبة.

لا أنسي دعابته لنا. وهو يلقي علينا محاضرة عن الجغرافيا الاقتصادية
لمنطقة "الملورين" الغنية بالثروات الطبيعية في أوروبا. ويحاول أن يخفف
علينا ثقل الأرقام والمعلومات التي تتدفق علي لسانه فيقول لنا مبتسما:

طبعا أول أنا ما أقول "لورين" كلكم ولاد وبنات تحلموا ب "صوفيا لورين".

ويضج كل من في المدرج بالضحك

ويواصل "الاستاذ" إلقاء محاضرته

رحمه الله.

من أجندة الأسبوع

* حكمة :

** قالوا : للعدالة وجوه كثيرة

وأقول : وللفساد أيضا.

لكن أخطر وجوه الفساد أو أنواعه. هو ذلك الذي يشبه "الغازات" لاتستطيع
أن تراه بعينيك. أو تقبض عليه بيديك.. والفرصة الوحيدة لكشفه. هو حين يزيد
عن حده. ويفشل أصحابه في إحكام إغلاق محابسه. فتتسرب رائحته لتفضحه.
وتقودك الي مصدره.

* وحلم :

** أخيراً.. التقي وزراء خارجية مصر والسعودية وسوريا في اجتماع اقتصر عليهم..

هل يكون اللقاء بداية لاذابة جليد الشتاء مع سطوع شمس الربيع. ليعود المثلث الذهبي العربي: القاهرة دمشق الرياض للعمل؟!