بعيداً عن القاعدة السائدة: اتفاقهم..رحمة في يد الفلسطينيين .. الفوز بكل شيء المهم أن ينجحوا في حوار القاهرة خالد إمام

..وماذا بعد؟!
بعيداً عن القاعدة السائدة:
اتفاقهم..رحمة
في يد الفلسطينيين .. الفوز بكل شيء
المهم أن ينجحوا في حوار القاهرة
خالد إمام
E-mail:khaled@almessa.net.eg

إذا كانت مصر تبذل أقصي جهد لإنجاح
الجولة الثانية من الحوار الفلسطيني التي تبدأ اليوم تحت رعايتها.. فيجب
أن يكون الفلسطينيون أنفسهم أحرص علي هذا النجاح إذا ما نظروا بإمعان إلي
الأسباب والنتائج التي علي أثرها هم الآن في القاهرة.

لقد انتهت الجولة الأولي من الحوار بنجاح باهر.. كانت جولة شاقة جداً
بسبب الأسوار العالية من الشك والتخوين والأثرة والاقتتال التي كانت تفصل
بين مختلف الفصائل وكادت تهوي بالقضية نفسها إلي بئر سحيقة.

وفي رأيي.. أن جولة اليوم ستكون صعبة جداً.. رغم تصدع هذه الاسوار.



* * *



من مصلحة الفلسطينيين جميعاً أن يتصالحوا ويتفقوا علي كلمة
سواء داخل اللجان الخمس الأساسية: الحكومة. الأمن. الانتخابات. المصالحة.
منظمة التحرير.. لأسباب سابقة ولتحقيق نتائج لاحقة.. حيث وجدوا أن تشتتهم
بين الضفة وغزة جعلهم مطمعاً للجميع ومعبراً لأطماع خارجية:

* أولاً: راق هذا التشتت إسرائيل وحاصرتهم حصاراً خانقاً أرضاً
وبحراً وجواً علي اعتبار أن المسيطرين علي غزة ليسوا من السلطة الوطنية
ولا يتمتعون بالشرعية.. وكانت النتيجة عدواناً غاشماً استهدف البشر
والحجر.. وخلَّف نتائج كارثية من حيث الضحايا وحجم التدمير.

* ثانياً: حاولت قوي إقليمية وأنظمة صغيرة وتيارات غير شرعية وأجنحة
عسكرية خطف القضية بعد أن زينت لحماس الباطل حقاً.. في حين أن كلاً من هذه
القوي والأنظمة والتيارات والأجنحة كان هدفها تحقيق أجنداتها الخاصة.. وقد
تأكدت حماس من ذلك للأسف بعد خراب مالطة:

وجدت أن إيران لم تطلق صاروخاً واحداً علي إسرائيل وأن كل ما أطلقته
لا يعدو الشتائم والتطاول والدفع بالمظاهرات ضد مصر. وحزب الله نفس
الشيء.. جَبُن عن مواجهة إسرائيل ولو من باب تخفيف الهجوم علي غزة حتي أنه
تبرأ وبسرعة من صواريخ انطلقت من الجنوب اللبناني علي شمال إسرائيل معلناً
أنه ليس مصدر الصواريخ!!

والأنظمة الهشة إياها كان هدفها هي وطهران والجماعة المحظورة تجنيب
مصر وتوريطها ولو ضاعت القضية الفلسطينية إلي غير رجعة. فهم لا يوفون بوعد
ولا يتمسكون بعهد بدليل إعلانهم مقاطعة إسرائيل ومع ذلك ظلت العلاقات
التجارية مستمرة والتفاوض قائماً. بل وفي طريقه إلي التطور.


* * *



* ثالثاً: بعد الدمار الشامل الذي لحق بغزة.. أيقنت حماس أن
إعادة إعمار القطاع لن يتم إلا إذا تغيرت الأوضاع علي الأرض.. بأن تتولي
السلطة الوطنية مسئوليتها كاملة حتي يتم رفع الحصار وفتح المعابر والسماح
لمواد البناء بدخول غزة.. بالتوازي مع تبادل الأسري وتثبيت الهدنة.

* رابعاً: كل الفصائل متأكدة أنه لن تكون هناك مفاوضات سلام بين إسرائيل وشراذم متناحرة.. ولكن بينها وبين سلطة وطنية شرعية ومنتخبة.


* خامساً: والكل يعي أيضاً.. أنه لكي تكون هناك سلطة وطنية تمارس
مهامها علي الضفة وغزة معاً.. فلابد من وجود حكومة فلسطينية للمنطقتين وهو
ما يستدعي جلوس كل الفصائل مع بعضها ليختاروا حكومتهم بأنفسهم أياً كانت..
ولكي يحدث ذلك لابد من إصلاح أجهزة الأمن وتطوير منظمة التحرير الفلسطينية
الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني وأن يتم الاتفاق علي إجراء
انتخابات رئاسية وتشريعية جديدة.. وبالتالي تتم المصالحة وتقر الديمقراطية
والتسامح ويحرم الاقتتال الفلسطيني الفلسطيني.


* * *



هذه باختصار الصورة الكاملة بين ما هم عليه الآن الفلسطينيون وما سيكونون عليه إذا اتفقوا خلال اجتماعات اللجان الخمس.


وعلي خلاف القاعدة السائدة عن رجال الدين والفتوي بأن اختلافهم رحمة..
نؤكد أن اتفاق الفلسطينيين رحمة بهم في المقام الأول.. وسيكون عامل
استقرار للمنطقة.. وسيعطي انطباعاً جيداً لدي الإدارة الأمريكية الجديدة
يسمح لها بالتدخل لدي إسرائيل والضغط عليها لتحقيق السلام علي أساس دولتين
مهما كان تطرف الحكومة الإسرائيلية القادمة.

المهم وأكررها ثانية وثالثة ورابعة أن يكون رأيهم نابعاً من داخلهم
هم.. وألا يسمحوا لقوي إقليمية أو أنظمة "مشتاقة أو حسادة" أو أجنحة
عسكرية تحارب بالوكالة أو تيارات غير شرعية تلعب علي كل الأحبال بالتدخل
لإفساد ما يتفقون عليه أو خطف القضية لصالح أجندة فارسية تريد الهيمنة
والسيطرة والتغلغل لأهداف معروفة.