من الواقع محمد فوده

من طرف **سهر الليالى** الثلاثاء مارس 10, 2009 2:23 pm

من الواقع
محمد فوده

منذ عدة سنوات ثارت ضجة حول تلاميذ
المدارس الابتدائية والاعدادية في البحيرة.. لأنهم اكتشفوا ان هؤلاء
التلاميذ - حتي في الاعدادية - يجهلون القراءة والكتابة بمعني انه بعد 9
سنوات دراسة مازالوا أميين وكان هذا الاكتشاف حديث الناس والكتاب دلالة
علي ان النظام التعليمي في مصر يعاني خللا شديدا!!

وقد لفت انتباهي خبر نشرته "المساء" يوم الجمعة الماضي أشاد فيه
الدكتور يسري الجمل وزير التربية والتعليم بمستوي الابداع والتفوق الذي
وصل إليه الطلاب المصريون في مختلف المجالات وليس البرمجيات فقط!!

وقال الوزير ان محافظة البحيرة حصلت علي المركز الأول في مسابقة
البرمجيات التي تنظمها الادارة العامة للكمبيوتر التعليمي بالوزارة بين
طلاب المدارس في مختلف المحافظات تحت اسم "المبرمج الصغير".

شيء جيد جدا أن يتفوق تلاميذ وطلاب البحيرة في البرمجيات علي تلاميذ
باقي المحافظات ولكن من حقنا ان نتساءل: كيف حدثت هذه الطفرة لهم خلال
ثلاث أو أربع سنوات بحيث تخطوا حاجز الأمية والجهل إلي مضمار العلم
والتكنولوجيا؟!

نريد جهة محايدة تعقد امتحانا في الكتابة والقراءة لتلاميذ الصفوف
النهائية في الشهادتين الابتدائية والاعدادية لنعرف هل ارتفع مستواهم إلي
هذه الدرجة التي أشار إليها الوزير درجة الإبداع والتفوق.

نريد أن نعرف أيضا نسبة الطلاب والتلاميذ الذين يجيدون البرمجيات
مقارنة ببقية الطلاب؟ هل وصل عددهم إلي ما يمثل خمسة في المائة أو عشرة أو
حتي 25 في المائة من عدد الطلاب والتلاميذ؟!

نريد أن نعرف أيضا: هل هؤلاء العباقرة هم أذكياء بالفطرة أم أنهم
اكتسبوا هذه المهارات من المدرسة ومن مدرسي المواد فيها؟! أم انهم ممن
اكتسبوا علمهم من الدروس الخصوصية؟!

نحن لا نريد أن نثبط الهمم ولا نريد ان نقلل من أي جهد تقوم به
الوزارة ووزيرها الدكتور يسري الجمل لرفع مستوي التعليم في مصر. حتي أصبحت
معظم المدارس الآن تحصل علي شهادة الجودة.. ولكننا نريد أن نكون واقعيين
ونكتشف أين الخطأ وأين الخلل لأننا إذا اكتشفنا العيوب نستطيع علاجها
وإصلاحها.. أما إذا أصررنا علي مقولة ان كل شيء "عال العال" وليس في
الإمكان أبدع مما كان فهذا هو الخطأ بعينه.

نريد أن نعرف: هل الطلبة منتظمون في المدارس بالفعل وان نسبة الحضور
مماثلة للنسبة الموجودة في أية مدارس في العالم.. أم ان الطلبة هجروا
المدرسة واتجهوا إلي مراكز الدروس الخصوصية.

نريد أن نتأكد هل الكتاب المدرسي تم تطويره بالفعل بحيث يعتمد عليه الطلاب؟! أم ان الكتاب الخارجي مازال سيد الموقف؟

نريد أن نعرف هل النظام التعليمي عندنا يسير في اتجاهه الصحيح أم ان
هناك مشاكل وعقبات تحول دون ذلك؟! وإذا كانت هناك مشاكل وعقبات فكيف يمكن
تلافيها والتغلب عليها.

سوف أنقل هنا بالحرف مقدمة تحقيق صحفي نشرته صحيفة الأهرام يوم
الجمعة الماضي أيضا عن حال التعليم في مصر لنعرف إلي أي مدي نجحت العملية
التعليمية.. تقول مقدمة التحقيق بالنص:

"قبل أن يظهر كادر المعلمين إلي الوجود كانت العملية التعليمية في
مصر تسير إلي الأمام ولكن بسرعة السلحفاة.. وبعد انشغال جموع المعلمين
والنظار والناظرات في بر مصر بالكادر وفلوسه واختباراته واستحقاقاته بدأ
قطاع التعليم المصري يسير إلي الخلف.. فالمدرسون مشغولون بالمذاكرة من أجل
امتحان الكادر والطلبة هجروا مدارسهم واتجهوا إلي المراكز التعليمية
الخاصة وأولياء الأمور فقدوا الثقة تماما في المدارس الحكومية".

.. ولا تعليق سوي أن أدعو للوزير أن يعينه الله علي هذا الهم الثقيل!!