علاقات استراتيجية‏!‏بقلم : مكرم محمد أحمد

من طرف الجارح الأربعاء مارس 11, 2009 11:03 am

نقطة نور
بقلم : مكرم محمد أحمد

علاقات استراتيجية‏!‏

تشكل
العلاقات المصرية ـ السعودية عنصرا استراتيجيا مهما في علاقات مصر العربية
والدولية‏,‏ تعود جذورها المشتركة بين البلدين الي عصور ما قبل التاريخ‏,‏
بسبب جوارهما الجغرافي وامتدادهما الأرضي وتشاركهما في الجزء الأكبر من
طول البحر الأحمر‏,‏ وكلها عوامل عززت موجات الهجرة السكانية‏,‏ حيث
يتواصل الامتداد السكاني منذ قديم الأزل في أجزاء كبيرة من محافظات الصعيد
وشمال سيناء وشرق الدلتا‏,‏ ثم جاء الفتح العربي لمصر ليضيف إلي صلات
الجوار الجغرافي والأصل السكاني البعد الإسلامي‏,‏ الذي جعل من حضانة مصر
للإسلام قاعدة لانطلاقه حتي أقصي الغرب من الشمال الافريقي وجنوبا الي عمق
القارة الافريقية‏.‏

وعندما ينصلح أحوال العلاقات المصرية ـ
السعودية ينصلح حال العرب جميعا‏,‏ ويتوافق ايقاعهم لما فيه خير الأمة
العربية‏,‏ وعندما كانت تنضم دمشق الي هذه الثنائية المهمة‏,‏ في العالمين
القديم أو الحديث‏,‏ تتضاعف قوة العرب ويزداد وزنهم الدولي‏,‏ ولهذه
الأسباب كانت العلاقات المصرية السعودية جزءا من ثوابت المصلحة المشتركة
للبلدين‏.‏

ويضاعف من الأهمية الاستراتيجية لهذه العلاقات‏,‏ وجود
أكثر من مليون مصري يعملون الآن في السعودية‏,‏ يشكلون سدس أعداد الوافدين
الي السعودية من كل أصقاع العالم‏,‏ وربما تكون الجالية المصرية هي أقدم
الجاليات الوافدة الي حد ان أهل نجد يعتبرون النسبة الأكبر من سكان الحجاز
بقايا حجيج مصر إثر البقاء في الأرض المباركة‏,‏ وثمة تشابه وتماثل في
أسماء عائلات سعودية ومصرية عديدة‏,‏ كما ان الجالية المصرية علي ضخامتها
أقل الجاليات إثارة للمشاكل‏,‏ وإن كانت تتشارك مع كل الجاليات في
المعاناة من نظام الكفيل الذي يشكل في جانب منه جزءا من نظام أمن السعودية
في علاقته بهذا العدد الضخم من الوافدين‏,‏ كما تتشارك مع كل الجاليات
الأخري في المعاناة من السلطة التقديرية الواسعة التي يتمتع بها قضاة
الشرع في النظام القضائي السعودي الي حد اختلاف الأحكام علي نحو واسع في
القضايا المتماثلة‏.‏

وتكاد تنحصر أعداد المصريين المقيدة حرياتهم
في السعودية بسبب جرائم ومخالفات في‏350‏ حالة علي الأكثر‏,‏ يسري عليهم
ما يسري علي جميع الجاليات الأخري حفاظا علي طبيعة العلاقة بين الوافدين
والسلطات السعودية‏,‏ وما من مشكلة لأن المصريين لايطلبون ميزة خاصة مادام
يسري عليهم ما يسري علي الجميع‏,‏ وإن كان المطلوب ان تختصر السلطات
السعودية فترة إبلاغ القنصلية بأي اجراء تتخذه يحد من حرية أي مواطن مصري
بسبب جرم أو مخالفة يرتكبها‏,‏ بحيث يتم الإبلاغ سريعا‏,‏ خصوصا وان هناك
اتفاقية دولية تنظم هذا الشأن‏,‏ أما مشاكل علاقات العمل التي تنشأ بسبب
سوء تعامل الكفيل مع من يستقدمهم للعمل‏,‏ فأمر يمكن حصاره في أضيق
نطاق‏,‏ ان استخدمت السفارة امكاناتها للحفاظ علي حقوق العاملين وإلزام
الكفيل باحترام حقوق من يستقدمهم للعمل عبر سلسلة من الاجراءات
المقابلة‏,‏ كما يحدث الآن لوجود سفارة قوية‏,‏ خصوصا إذا كان القادمون
يحملون عقود عمل موثقة‏,‏ علي عكس ما يجري في أغلب الحالات‏,‏ وهو أمر
يمكن انجازه إذا تضافرت جهود وزارات الداخلية والخارجية والعمل المصرية
علي ضرورة الالتزام بتوثيق العقود‏.‏

mmahasabo@yahoo.com