الشعر ملحمة برجوازية بقلم‏:‏ جمال الشاعر

من طرف حلفاوى الأربعاء مارس 11, 2009 11:52 am

الشعر ملحمة برجوازية
بقلم‏:‏ جمال الشاعر
‏‏

يدتان‏..‏
سيدة تعرف كل محلات الفضة في باريس وتشكو‏..‏ سيدة تذهب كل صباح لترش
الورد علي خمس مقابر وتكابر‏..‏ مريد البرغوثي قال لي تلك الأبيات هي أصغر
قصيدة كتبتها‏..‏ اكتمل المعني والمبني فكانت نقطة النهاية‏..‏ كنا نتحدث
عن الثورة والشعر والغرام‏..‏ الشاعر وشوقي وبزيع يري أن الحب هو الخيار
الوحيد أمام الرجال لمواجهة الزمن والهرم بكسر الهاء ولكن هيهات‏..‏ جوته
مثلا أحبته فتاة دون العشرين وهو قد تجاوز السبعين‏..‏ كانت مفتونة به وهو
فرحان بها‏..‏ إلي أن ظهر غريم له دنجوتان صغير وجميل‏..‏ سرقها منه فسرق
الأمل الأخير في مواجهة الزمن‏..‏ فلم يكن له عزاء إلا في الشعر‏..‏ ماهي
مهمة الشعر في هذا الزمن‏..‏ علي جعفر العلاق يري أنه طاقة تغيير
ثورية‏..‏ بينما رأي شعراء آخرون أنه طاقة جمالية وتلك هي أروع مهمة
له‏..‏ ان ينشر الجمال في كل مكان وفي كل الأشياء‏..‏ هل الرواية أصبحت هي
ديوان العصر الحديث والشعر لم يعد ديوان العرب كما كان آنفا‏..‏ الشاعرة
الإيرانية ناهد كبيري تري الشعر يتألق في العالم كله وأنها عندما تلقي
اشعارها في المكسيك مع الشاعر المصري أحمد الشهاوي كانت القاعة تضم ألفين
من الجمهور المتحمس‏..

وحكت أنها في برشلونة شاركت في أمسية أخري
في مسرح مكشوف حضر فيه سبعة آلاف مشجع ومتفاعل مع الشعر‏..‏ إذن الشعر لم
يمت‏,‏ ومن يقول بموت الشعر حاقد وكاذب في أصل وشه‏..‏ صحبة الشعراء في
مهرجان دبي كانت متعة مؤكدة‏..‏ يفاجئك شاعر سلوفيني‏..‏ بقصيدة عن البيضة
التي نكسرها ونرمي بها في الطاسة فيتحول شكلها إلي كائن جميل له عين
ذهبية‏,‏ كبيرة ثم نأتي بكسرة خبز ونفقأ عين هذا الكائن ونأكله هكذا
ببساطة‏..‏ المنصف المزغني يحكي لك أيضا في قصيدته عن فنجان القهوة والبن
وصاحبة العيون البنية التي أربكته‏..‏ وكان سكرها شديد الحلاوة عندما دخلت
إلي المقهي فتلخبطت كل الأشياء‏..‏ روضة الحاج السودانية القادمة من قبيلة
شعرية قوامها أربعون مليون شاعر في السودان تؤكد عشق جماهير العالم العربي
للشعر‏,‏ وأنها ليست حالة استثنائية في بلاد النيل الأزرق أو حتي في
موريتانيا التي يسلمك فيها الشعراء بعضهم إلي بعض كرهينة مستباحة قادتها
الأقدار إليهم

‏..‏ الشاعر الصيني نسيم وهذا هو اسمه العربي ينشدك
الشعر بأصوات وكأنها تعاويذ سحرية بوذية‏,‏ ومع ذلك تطرب لها من قبل أن
يترجمها لك‏..‏ أخيرا شاعر جنوب إفريقيا بريتنباخ يحملك إلي آفاق إنسانية
طموحة وهو يتبني في قصائده فكرة العدالة ويواصل كفاحه ضد القصيدة العنصرية
السوداء قديما والبيضاء حديثا‏(‏ الرأسمالية المتوحشة‏),‏ ويحاول أن ينتصر
دائما للفقراء كم أحب صحبة الشعراء خاصة الذين يؤكدون لي دائما أن الشعر
ملحمة برجوازية‏.‏

gamal_elshaer@hotmail.com