قرآن وسنة د. عبد الله النجار

قرآن وسنة
د. عبد الله النجار

كانت المحكمة الدستورية - ولاتزال - درة
نفيسة في تاج العدالة المصرية. ومصدر اعتزاز كل مصري. فقد اضطلعت برسالة
الإصلاح التشريعي الذي يكفل للقيم الدستورية التي ارتضاها الناس جميعا أن
تجد طريقها للتطبيق الصحيح. فلا ينحرف بها عن مجراها الطبيعي قانون يصدر
هنا. أو تشريع يسن هناك. وإذا حدث وصدر مثل تلك التشريعات في ظل التكتلات
الحزبية التي أصبحت ذات تأثير كبير في توجيه دفة القوانين عند صياغتها
بالمجالس التشريعية لصالحها. أو إلي جانب فئة دون أخري. كسطوة تفرض نصا
معينا أو قوة تطلب تعديلا خاصا. وقد تكون تلك القوة بشرية أو إدارية.
وربما كان الدافع إلي صدور مثل تلك التشريعات سوء التقدير. وافتقاد النظر
الصحيح في رؤية الأمور وفقا لمآلاتها. وهنا تكون المحكمة الدستورية هي
الملاذ الأمين والحصن العتي ضد أعاصير الهوي. ورياح الباطل. وزوابع
المطامع الفئوية الدنيئة. وقد مارست المحكمة الدستورية ذلك الدور بصدق
وإخلاص وكفاءة ونجاح يضاهي عمل نظائرها. بل ويفوقه في أعرق بلاد العالم
كله. وبما يجعل تلك الكوكبة الفذة من أحكامها علي امتداد مسيرتها العامرة
مثار فخر لكل مصري. ومصدر اعتزاز لكل من ينشد استقامة ميزان العدل ويأمل
إصلاح صناعة التشريع في المجالس النيابية أو التشريعية وغيرها.

وللمحكمة الدستورية في مصر. مهمة قضائية مقدسة تضاف إلي محامد المهام
الجليلة التي اضطلعت بها وأنجزت للعدالة من خلالها أسمي أمانيها. إلا وأن
تلك المهمة المقدسة هي صياغة التشريعات الصادرة وفق مباديء التشريع
الإسلامي. إعمالا لنص الدستور المصري الذي يقضي بأن الشريعة الإسلامية هي
المصدر الرئيسي للتشريع. وقد أدت هذا الدور الإسلامي بشجاعة بالغة وتجرد
كامل لوجه الله والوطن فلم يفلت من يدها قانون يمكن أن يكون مشوبا بالخروج
علي مباديء الإسلام الرفيعة وقيمه العالية وأحكامه السامية. وبهذا المنهج
الواضح. والأسلوب الرشيد والمقصد الشريف. قطعت المحكمة الدستورية الطريق
أمام أولئك الذين كانوا يزايدون علي شريعة الله. مستغلين الشعارات التي
تنادي بتطبيقها. ليس تحمسا لها أو تحيزا لجانبها. ولكن استغلالا لعاطفة
الناس نحوها من أجل الوصول إلي كراسي الحكم والتحكم في رقاب العباد. وقد
أدت المحكمة الدستورية - بتلك المهمة - خدمة لمصر لا يمكن أن تقارن بأي
عمل وطني مناظر لها. لقد حفظت استقرار مصر. وحمت أبناءها من المهاترات
الحزبية. والمزايدات الدينية. وفتحت أمامها طريق الانطلاق والتقدم. فتحية
إسلامية صادقة لهذا الصرح المصري العالمي الكبير.