المصارحة والمكاشفة والتوبة النصوح.. أساس المصالحة الحقيقية بين العرب خالد إمام

..وماذا بعد ؟!
المصارحة والمكاشفة والتوبة النصوح..
أساس المصالحة الحقيقية بين العرب
خالد إمام
E-mail:khaled@almessa.net.eg

لا حديث اليوم في الشارع العربي إلا عن
المصالحة العربية المرتقبة.. فهي أمل الشعوب ومبتغاها.. حتي يكون لنا صوت
واحد ومواقف مشتركة ندافع بها عن مصالحنا وقضايا أمتنا.

هذه الشعوب تعيش حالة من الغليان والفوران لما تراه من انحرافات
وخلافات تصل إلي حد التطاول وإنكار مواقف تاريخية لا يمكن محوها وتشرذم لا
يستفيد منه سوي أعداء الأمة.

انحرافات تعكس مخططات لقوي إقليمية تريد الهيمنة والسيطرة والتغلغل لتحقيق أهداف تنسف ماضينا وتضر حاضرنا وتجمد مستقبلنا.


وخلافات تصل إلي حد القطيعة والإضرار بالشقيق وقلب الحقائق وتشويه المواقف لصالح الغير.


وتشرذم تغلفه العداوة غير المبررة وغير المنطقية.



* * *



رغم ذلك.. فإن مصر "الكبيرة" هي أول من يسعي لإنهاء الانقسام
العربي والتوصل إلي مصالحة حقيقية تتجاوز هذه الخلافات وتوحد كلمة العرب
ومواقفهم.. من أجل مصلحة العرب وقضاياهم.

مصر "الكبيرة".. كبيرة بمواقفها المشهودة. ومكانتها العربية والإقليمية والدولية.


مصر "الكبيرة".. تكبر للكبار.. ولذا تجاوبت مع دعوة المصالحة التي أطلقها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز.


مصر "الكبيرة" تتسامي فوق الصغائر وتتحرك بإخلاص وأمانة لرأب الصدع
العربي الراهن رغم أن البعض مازال مستمرًا في مواقفه الشاذة عن الإجماع
العربي والتي تلقي بظلالها علي أجواء المصالحة.. وهي مواقف لا تخطيء العين
منبعها ومصدرها الأساسي ولا المخططات التي تحركها والآتية من خارج
المنطقة.


* * *



إن الخلافات واردة بين الأشقاء مثلما هو الحال في الاتفاق.. نختلف ونحن أشقاء وهذا الخلاف لا يمنع التواصل والتفاوض واللقاء.


أختلف معك ولكن أحترمك وأقدرك وأثمن مواقفك.. لا أتهمك بالخيانة والعمالة والتآمر.


أختلف معك وأنا أثني عليك وأصفك بصفاتك الحقيقية التي تستحقها ولا
يختلف عليها أثنان.. لا أن أمزق ملابسك وأستقوي بالأعداء عليك بل وأضع يدي
في أيديهم وأساعدهم علي تحقيق مآربهم وأجنداتهم الخبيثة.

أختلف معك ولكن لا أنسي أبدًا أنك عربي مثلي.. تجمعنا لغة واحدة
وتاريخ واحد ومصير مشترك.. وينطبق علي كل منا القول: وهل أنا إلا من قبيلة
أن غوت غويت.. وأن ترشد قبيلة أرشد!


* * *



إننا جميعًا نتمني المصالحة فعلاً علي أن تكون مصالحة حقيقية وليست إعلامية ثم تستمر الخلافات وتبقي حزازات النفوس كما هي.


مصالحة حقيقية يعرف خلالها كل منا قدر الآخر ومكانته وما قدمه ويقدمه.


مصالحة حقيقية تقوم علي المصارحة والمكاشفة والعتاب.. وكلها عوامل تذيب أي خلافات وتمحوها.. لتبقي المودة والاحترام والتقدير.


مصالحة حقيقية أساسها التوبة النصوح إذا جاز التعبير عن أي إساءة صدرت وأي تطاول حدث وأي موقف عدائي اتخذ وعدم العودة إليه مرة أخري.


توبة ليس المقصود منها التأديب أو التأنيب أو الإذلال كما يمكن أن
يتراءي للبعض أو يفسر معناها المغرضون.. لكنها توبة مصالحة حقيقية بين
أشقاء من أجل مصالح عليا وشعوب تئن وتنزف نتيجة الخلاف والجفاء والخروج
علي ناموس العرب.


* * *



إن مصر كانت ومازالت وستظل سندًا للأمتين العربية
والإسلامية.. تعلو فوق الخلافات والصغائر.. وتسعي جاهدة وبكل ما أوتيت لكي
تتوحد الصفوف ويجتمع شمل الدول والشعوب.. لأنها تعلم جيدًا وتؤمن إيمانًا
راسخًا بأن قوتنا في وحدتنا وضعفنا في تشتتنا وتشرذمنا واختلافنا.

من أجل كل هذا.. رحب الرئيس حسني مبارك بالمصالحة خلال قمة الكويت الاقتصادية.


.. ومن أجل هذا أيضًا.. يلتقي الرئيس مبارك اليوم في الرياض مع خادم
الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز والرئيس السوري بشار الأسد
في قمة ثلاثية.. وقد تكون رباعية خاصة أن سمو الشيخ صباح الأحمد الصباح
أمير الكويت رحب بدعوة الملك عبدالله للمشاركة في قمة الرياض.

اللهم افتح بيننا وبين قومنا بالحق.. وأنت خير الفاتحين.