من الواقع محمد فوده

من الواقع
محمد فوده

مع احترامي وتقديري لكل جهد يبذل في سبيل
إصلاح التعليم فإنه يبدو أن "لوغاريتم" هذا القطاع بما يحتويه من تعقيدات
قد ألقي بضبابيته علي الطرق المؤدية لهذا الإصلاح.. فلم نعد ندري أيها
نسلك وأيها ينتهي بنا إلي الغاية المنشودة؟

الدكتور أحمد نظيف رئيس الوزراء عقد اجتماعا في القرية الذكية حضره
وزراء التعاون الدولي والتنمية الاقتصادية والتربية والتعليم والتعليم
العالي وأعضاء صندوق تطوير التعليم.

البحث في هذا الاجتماع جري حول إنشاء مدارس متميزة تهدف إلي تقديم
تعليم متميز للحصول علي شهادة مصرية بمواصفات عالمية بالتعاون مع المجتمع
المدني.

ويقول الخبر الذي نشرته "الجمهورية" إن هذه التجربة ستتم علي مستوي
محدود في البداية وتهدف إلي تخريج قادة المستقبل الذين يحتاجهم المجتمع
بما يتيح تكافؤ الفرص.

وليسمح لي السيد رئيس الوزراء الذي نحترمه ونقدر جهوده المخلصة أن
أقول إن اللجوء إلي الازدواجية والانتقائية في أي عمل هو اعتراف بالفشل في
تطوير وتحديث هذا العمل.. ويكفي أننا سمحنا بإنشاء مدارس لغات خاصة ومدارس
تحصل علي شهادة "جودة" في ظل نظام تعليمي يرسخ ويكرس مفهوم الدروس
الخصوصية ومراكزها التي تنتشر الآن في كل ربوع مصر.

إننا بدل أن نبحث عن وسائل وطرق عملية لانتشال التعليم الحكومي من
وهدته التي تردي فيها نتوجه إلي إنشاء مدارس متميزة تقدم تعليما متميزا..
ولا شك أن هذه المدارس لن تعاني من تكدس التلاميذ والطلاب في فصولها وسيتم
اختيار مدرسين أكفاء وعلي مستوي عال لها وربما نستعين بمدرسين أجانب لهذا
الغرض وسوف تكون مدرسة ليست متميزة في التعليم فقط بل أيضا في مبناها
ونظافتها ووسائلها التعليمية الحديثة وإدارتها إلخ!!

والسؤال: أي التلاميذ سيتم اختيارهم للالتحاق بهذه المدارس؟ وعلي أي
أساس؟.. هل سيكونون من أبناء الصفوة؟ أم سيعقد لهم امتحان تحديد مستوي؟
وفي أي المواد سيكون هذا الامتحان؟ وهل سيسمح لتلميذ من مدارس الشرابية..
وبحر البقر.. وإمبابة وبولاق وكفر طنبول بدخول امتحان المستوي ليكونوا
قادة المستقبل؟!!

إن التوجه لإنشاء مدارس متميزة سيحظي بكل الاهتمام وسيكون ذلك علي
حساب المدارس العادية التي تعاني مشاكل لا حصر لها.. وسوف يؤدي إلي وجود
"رأس" في العملية التعليمية منفصل تماما عن "الجسم" الذي يمثل جموع
المدارس في مصر.

الزعامات والقيادات علي مدي تاريخ مصر.. بل في العالم لم تتخرج في
مدارس متميزة بعيدة عن المدارس العادية.. لأن الزعامة والقيادة موهبة أصلا
إلي جانب الدراسة والتعليم.

إننا نطمح يا دكتور نظيف إلي أن تكون كل مدارسنا متميزة وليس البعض
منها فقط.. نطمح في مدرسة نظيفة.. ووسائل تدريس حديثة.. وكثافة طلابية
يستطيع من خلالها المدرس السيطرة علي الفصل.. ومدرس يتم تأهيله وتدريبه في
دورات سنوية ليواكب أحدث طرق التدريس وليس من أجل تطبيق الكادر عليه فقط.

نطمح في عودة حصة القراءة وما كنا نسميها في الماضي حصة "المطالعة"
ليتحصن التلميذ بلغة عربية سليمة إلي جانب اللغة الأجنبية.. وتحفيظ الطلاب
بعض سور القرآن الكريم ليعتدل لسانهم من جهة وليتدبروا آياتها من جهة
أخري.

إنها وجهة نظر قد تكون صحيحة وقد تكون خاطئة أردت أن أنقلها خالصة لرئيس الوزراء.