صحافة هذا الزمان بقلم : محـمـود معـوض

من طرف ادهم الخميس مارس 12, 2009 10:06 am

أحوال عربية
بقلم : محـمـود معـوض

صحافة هذا الزمان

تلقت
الصحافة العربية الدولية والاقليمية طعنتين متتاليتين في مصداقيتها في
الشهرين الأخيرين الطعنة الأولي في الحرب علي غزة التي أسقطت جميع الأقنعة
خاصة الأقنعة الليبرالية المتلألئة بفضل شعبية اكتسبتها من تطويل لسانها
علي حكوماتها‏.‏ لكنها هذه المرة هي التي وضعت بنفسها ولنفسها خطا أحمر
يتشابه إلي حد بعيد مع الخط الأحمر الذي فرضه الحظر والتعتيم الإسرائيلي
علي الحرب‏.‏

واستحقت الصحافة العربية الثناء والمديح من الصحافة
الاسرائيلية لأنها أغمضت العين وغضت الطرف ولم تقل الحقيقة‏.‏ وقالت
الصحافة الإسرائيلية أن هذا مؤشر إيجابي علي طريق الصراع العربي
الاسرائيلي‏.‏

ربما يأتي اليوم الذي يتقصي فيه التاريخ الحقيقة من
مصادرها‏..‏ لكن من المؤكد أنه سوف يستبعد صحافة هذا الزمان التي أصبحت
فعلا مهنة من لا مهنة له‏.‏

أما الطعنة الثانية في مصداقية الصحافة
العربية فقد ظهرت جلية في الكتابة التحريضية ضد البشير التي لا تقل في
سمومها عما يبثه أوكامبو المدعي العام للمحكمة الجنائية الذي رسمته جماهير
السودان دمية في صورة كلب مرة وحمار مرة أخري‏.‏

وقد مارس الصحفيون
العرب هواياتهم في الاستظراف والاستخفاف والازدراء والاهانة لأول رئيس
عربي ينضم ـ ردا علي قرار اعتقاله ـ إلي صفوف المقاومة الشعبية وهو في
السلطة ومادام الرئيس قد أصبح مقاوما فأبشر بطول سلامة يا مربع‏..‏ فلا
أحد يقدر علي المقاومة وأمامنا نموذج لبنان وغزة وافغانستان وباكستان‏.‏

واذا
كان أوكامبو الأرجنتيني راغبا في تحقيق حلمه المستحيل باعتقال البشير فإن
عليه أن يضع في حسبانه أنه سيعتقل شعبا بأكمله فيما عدا بعض السودانيين
المتحالفين مع الشيطان‏.‏ البشير أصبح أقوي مما كان قبل قرار الاعتقال‏.‏
فقد مارس حقه السيادي في طرد العملاء والجواسيس الأجانب الذين يمارسون
مهامهم الاستخباراتية تحت ستار الإغاثة الإنسانية‏.‏

وقد فوجئ عمرو
موسي الذي ذهب إلي الخرطوم ليتضامن شكلا مع البشير‏..‏ بلغة جديدة ولهجة
جديدة تقول له‏:‏ انس فكرة تعليق أو تأجيل قرار الاعتقال قرارنا اليوم هو
لا مؤتمرات محلية أو دولية إلا بعد إلغاء القرار‏..‏ والكلام عن عزلة
السودان كلام مرسل لا يشفع ولا ينفع مع السودان الذي تعود العيش في ظل
الحصار والنار‏..‏ولم ينطلق اقتصاد السودان إلا في ظل الاستقلال وعدم
التبعية‏..‏

وقد أعجبني رد فعل عمرو موسي الذي فقد الكثير من
جاذبيته السياسية عندما خرج بعد لقاء البشير ليلعب دور الصحفي النزيه
عندما قال ان البشير يتمتع بروح عالية جدا‏..‏