قرآن وسنة د. عبد الله النجار

قرآن وسنة
د. عبد الله النجار

من أطرف التصريحات التي صدرت عن مسئول
علمي هذا العام. ما صرح به أحد رؤساء الجامعات الاقليمية. حين قال: إن
تعيين العمداء يتم علي أساس الكفاءة. وكلمة الكفاءة هذه من أكثر الكلمات
مرونة ولَوْلَبَة. لأنها مع بريق معناها وجميل مسماها لا يمكن أن تنضبط
بحال من الأحوال ويمكن أن تتسع لكل احتمالات التعيين. سواء أكان بالرشوة
والمحسوبية أم بالنزاهة والشفافية. وكل من اعتلي صهوة المنصب لا يشك لحظة
في أنه أحسن الموجودين. وأكفأ المتقدمين. مع ان اختياره وفقاً لمعيار
الكفاءة اللولبي قد لا يمت إلي الكفاءة بصلة وربما كان هو أدني الموجودين
كفاءة وكلمة الكفاءة هذه يمكن أن يكون لها معني محدد في إطار العمال الذين
يقبضون أجرهم علي أساس الطريحة. أو علي أساس الانتاج. فكلما أنتج العامل
أكثر من غيره. يكون أكفأ منه. وكلما كان عمله دقيقاً خالياً من الملاحظات
التي تؤخذ عليه كان أكفأ من غيره. وذلك لا يكون في الأعمال العلمية أو
الفكرية التي يتفاوت وجه الرأي فيها. لاسيما في المجال الأكاديمي الذي
يسيطر عليه الصراع. ويأكله الحقد والخصومات علي كل إنسان ناجح فيه. وليس
أدل علي ذلك من أن الذين نبغوا من تلك الجامعات الريفية علي المستوي
العالمي كابن الريف أحمد زويل. وابن الريف الشرقاوي الدكتور فاروق الباز
عالم الفضاء المشهور. لولا انهما قد فرا في بواكير حياتهما ببعض ملامح
النجابة التي ظهرت عليهما عقب تخرجهما من المرحلة الجامعية الأولي
لطُحِنوا تحت أقدام الحقد. ولماتوا علمياً قبل أن ينتجوا شيئاً. فالحرب
علي النابهين في الجامعات حرب نتنة خسيسة تستعدي فيها السلطات بالشكاوي
الكيدية. وتستنفر فيها الأجهزة المختلفة بتلفيقات كاذبة غايتها البطش
والانتقام. وابعاد الناجحين وتقديم المحظوظين.

ولهذا كان تصريح رئيس تلك الجامعة الريفية غريباً لا يظهر فيه ماذا
يقصد بالكفاءة وهل هي المستوي العلمي؟. انه لا يقدر علي أن يقرر المستوي
العلمي بكل تخصص في جامعته. كما أنه لا يقوي علي أن يرفع منزلة تخصص علي
آخر. ولو صح ذلك لكان العشرات. بل المئات خيراً منه. وأعلي كفاءة. أم يريد
القدرة علي اللف والمناورة والتلاعب بالألفاظ. والانحناء أمام سيادته كلما
غدا أو ذهب؟. أم يريد بالكفاءة تلك التي تصدر بها تقريرات رقابية أو
تصريحات أمنية؟. لو صح ذلك لما كان له من أمر الاختيار شيئ إلا إذا كان
تابعاً لإحدي تلك الجهات. وما نظن انه كذلك. ومن ثم يبقي معني الكفاءة
المقصودة في النطاق الجامعي مبهماً. والأدق أن يقال بشأنها انها أمانة لا
تعطي إلا بحقها. وأن الله سائل كل راع عنها. هل وضعها في مكانها أم فرط
فيها. وصدق رسول الله صلي الله عليه وسلم حين قال: "من ولي من أمر الناس
شيئاً فولي رجلاً وهو يري من هو أحق منه فقد برئت منه ذمة الله ورسوله
والمؤمنين". وحين قال: "أنزلوا الناس منازلهم". إن العدل مطلوب وواجب. أما
حكاية الكفاءة هذه فقد غدت أول أعداء العدل في التعيين.