وزارة للأسرة والسكان .. لماذا الآن .. وما دورها بالضبط؟! خالد إمام

.. وماذا بعد ؟!
وزارة للأسرة والسكان ..
لماذا الآن .. وما دورها بالضبط؟!
خالد إمام
E-mail:khaled@almessa.net.eg

حزمة من الأسئلة تتردد وبكثرة منذ إعلان التعديل الوزاري المحدود أمس الأول:


لماذا الآن يتم استحداث وزارة للأسرة والسكان؟


هل هناك حاجة ملحة لهذه الوزارة؟


ألم تكن وزارة الصحة كفيلة بحل أي مشكلة أسرية أو سكانية خاصة أنها
تضم قطاعاً للسكان وتنظيم الأسرة يعمل بالتنسيق مع مجلسين قوميين في منتهي
النشاط والحيوية أحدهما للطفولة والأمومة والثاني للسكان؟

أم أن وزارة الصحة بما تتحمله من أعباء جسيمة لم تعد قادرة علي الوفاء بكل جوانب قضايا الأسرة والسكان؟


أخيراً.. لماذا مشيرة خطاب علي وجه التحديد؟



* * *



بداية.. فإن المنطق يقول إن استحداث وزارة بهذا المسمي لم
يكن مجاملة لأحد أو مجرد أسماء ومسميات والسلام.. ولكن لابد أن تكون هناك
أسباب استدعت استحداثها وأهداف مخطط لتحقيقها.

كلنا يعلم جيداً أن الزيادة السكانية الرهيبة التي وصلت بعدد سكاننا
إلي حوالي 82 مليون نسمة تلتهم كل ثمار التنمية.. وبالتالي لا تصلح معها
أي زيادة في الدخل القومي.

وفي ظل الأزمات العالمية الحادة.. فالمؤكد أنه كلما زاد عدد السكان
زادت معه المشاكل والقضايا مثل البطالة وعمالة الأطفال وانتشار المخدرات
بكافة أنواعها.. وما يتبع كل ذلك من جرائم جنائية كالاغتصاب والسرقة
بالإكراه والقتل البشع والخطف لطلب فدية والتسرب من التعليم وما يترتب
عليه من جرائم مشابهة.

مؤكد أن هذه الجرائم ليست مستحدثة.. بل كانت موجودة في المجتمع ولكن
بشكل يكاد يكون فردياً وعلي فترات زمنية متباعدة.. الآن أصبحت تشكل ظاهرة
خطيرة تنخر في أساس المجتمع وتهدد أمنه وسلامه الاجتماعي.


* * *



إن كل هذه الجرائم تعتبر جرائم "ولاّدة" حيث تترتب عليها جرائم أخري.


مثلاً.. الفقر المدقع نتيجة الزيادة السكانية يؤدي إلي التسرب من
التعليم.. ويترتب علي هذه الجريمة عمالة الأطفال بما فيها من جرائم يندي
لها الجبين. والإدمان ايضاً يتسبب في جرائم شتي كالسرقة والخطف والاغتصاب
وصولاً إلي القتل وغيرها.

.. وهكذا.. في كل الجرائم.


صحيح أن المجلس القومي للطفولة والأمومة وشقيقيه الخاص بالسكان والخاص
بمكافحة الإدمان وصندوق المكافحة.. جهات تعمل بكفاءة منقطعة النظير وتؤدي
دورها كما يجب أن يكون.. ولا ننسي القضايا التي تبنتها وفي مقدمتها أطفال
الشوارع والتسرب من التعليم وغيرهما.

كما أن وزارة الصحة عندما كانت تضم إلي مسماها "السكان" عملت أيضاً بكفاءة ولم تدخر جهداً إلا وبذلته.


لكن.. القضية أكبر من أن تكون قطاعاً في وزارة.. بل لابد أن يكون لها وزارة خاصة بها تلم بكافة جوانبها من الألف إلي الياء.



* * *



أزعم أن البداية الحقيقية لحل كل مشاكل الأسرة والسكان أن نحد من هذا "الإسهال" في الإنجاب.


وفي رأيي أن طفلين للأسرة خير وبركة وإذا وصل عدد الأطفال إلي ثلاثة
فلا بأس.. لكن لا يمكن لأي أسرة مهما كان دخلها أن تعيش حياة جيدة ولديها
"كوم أطفال" يحتاج كل منهم إلي رعاية اجتماعية وصحية وتعليم وغذاء وكساء
ورفاهية حتي يكون الطفل متوازناً نفسياً ولا يشعر بأي حرمان.

إن شعار "طفلان لكل أسرة" لا يمكن أن يتحقق في يوم وليلة ولكن من
خلال استراتيجية طويلة المدي يتحقق من خلالها أهداف قصيرة المدي.. وهذه
الاستراتيجية تحتاج إلي جهد كبير جداً في ظل عادات وتقاليد وموروثات
وعقائد دينية قد يشوبها الخطأ والتطرف في بعض الأحيان.. ولكي يتم تغيير كل
هذا فإن الأمر يتطلب إقناعاً ووقتاً ومثابرة وطولة بال.

هذه الاستراتيجية لن تتحقق أبداً والاهتمام بالسكان مجرد قطاع أو جزء في وزارة.. ولكن عن طريق وزارة منفصلة.


ولأنني أؤيد وبشدة "التخصص" في كل مجالات الحياة.. أؤكد علي ضرورة فصل
قطاع السكان عن وزارة الصحة وضمه إلي الوزارة الجديدة.. مثلما ضمت المجالس
القومية الثلاثة للطفولة والأمومة. والسكان. ومكافحة الإدمان. وأيضاً
صندوق مكافحة الإدمان.. وذلك لمنع التضارب والازدواجية فوزارة للأسرة
والسكان لابد ان يتبعها ايضاً تنظيم الأسرة.. وحتي يقتصر دور وزارة الصحة
علي كل ما يخص صحة الشعب من وقاية وعلاج ودواء.. علي الأقل نري ونشعر
بخدمة طبية متميزة.


* * *



إن اختيار مشيرة خطاب بالذات وزيرة دولة للوزارة الجديدة هو اختيار سليم بنسبة مائة في المائة لسببين رئيسيين:


* أولاً: أن مشيرة تعمل في مجال الأسرة والسكان منذ فترة طويلة وتلم بكافة المشاكل والقضايا الخاصة به.


* ثانياً: أنها كانت تتولي منصب أمين عام المجلس القومي للطفولة
والأمومة ونجحت فيه باقتدار ولها بصماتها الواضحة.. وبالتالي فإن عمل
الوزارة لا يختلف كثيراً عن عملها بالمجلس.. فقط زادت الاختصاصات والأعباء
بما يجعل هناك رؤية جديدة للتنمية البشرية علي أساس أن الأسرة هي الوحدة
الأساسية في المجتمع.

وبحكم معرفتي بالكثيرين ممن يعملون في هذا المجال.. فإن أصلح من كانت تتولي الوزارة الجديدة.. هي مشيرة خطاب.


نتمني لها المزيد من التوفيق والنجاح في مهمتها القومية بالغة الأهمية.. من أجل أسرة سعيدة. ومجتمع راق ومتحضر.