العبرة في قمة الدوحة‏!‏بقلم : مكرم محمد أحمد

من طرف جواهر الأحد مارس 15, 2009 12:56 pm

نقطة نور
بقلم : مكرم محمد أحمد

العبرة في قمة الدوحة‏!‏

‏سواء
كان ما حدث في قمة الرياض‏,‏ التي جمعت السعودية ومصر وسوريا مرة أخري بعد
أن باعدت بينهم خلافات عميقة في الرؤي حول كثير من القضايا العربية
والإقليمية‏,‏ يشير إلي عودة التضامن إلي العواصم الثلاث‏,‏ التي كان
توافقها يشكل دائما عنصرا مهما في ضبط إيقاع العمل العربي المشترك‏,‏ أم
أن قمة الرياض كانت مجرد بداية وضعت حجر الأساس لمصالحة عربية‏,‏ لاتزال
تحتاج إلي كثير من الجهد يضمن تطابق أقوال العرب مع أفعالهم‏,‏ كما يقول
السوريون‏,‏ وإن أهم ما أنجزته قمة الرياض اتفاق القادة الثلاثة علي تنظيم
الخلافات العربية التي سوف تظل موجودة بالضرورة‏,‏ بحيث يكون الحل الصحيح
هو المزيد من الحوار‏,‏ وليس الفرقة والخصام‏,‏ فالأمر المؤكد أولا أن قمة
الرياض أعادت أمل الشعوب العربية في إمكانية أن يتغلب العرب علي
انقساماتهم كي يتمكنوا من مواجهة التحديات الصعبة التي تحاصرهم‏,‏ ابتداء
من الرفض الإسرائيلي المتزايد لقبول سلام عادل وشامل مع العرب‏,‏ إلي
الانقسام الفلسطيني الذي يغري إسرائيل علي استمرار عدوانها‏,‏ إلي افتقاد
العرب لأدوات القوة التي تعزز قدراتهم التفاوضية‏,‏ إلي المخاطر التي تحدق
بالسودان‏,‏ وتكاد تمزق وحدته وأراضيه‏,‏ إلي ال

ضعف المتزايد في مكانة العرب الدولية الذي أغري إيران علي التدخل في الشأن العربي علي نحو سافر‏!‏

والأمر
المؤكد ثانيا‏,‏ أن قمة الرياض ما كان يمكن أن يجتمع شملها‏,‏ لولا إحساس
كل الأطراف بأن النتيجة الوحيدة للفرقة العربية هو إضعاف إرادة العرب
السياسية‏,‏ وزيادة حجم الفجوة بين مطالب الشعوب العربية وآمالها‏,‏ وقدرة
أنظمة الحكم علي الاستجابة لهذه المطالب‏,‏ فضلا عن الخسارة المؤكدة لكل
الأطراف لأنه لا غالب سوي الله‏.‏

وما يزيد من حجم الأمل التفاؤل
الشديد في العواصم الثلاث التي أجمعت علي أن ما حدث كان إنجازا عربيا
مهما‏,‏ خصوصا أن تنقية الخلافات بين العواصم الثلاث لم يستغرق جهدا كبيرا
لأن الجميع جاء وهو علي استعداد لأن يفتح صفحة جديدة‏,‏ بحيث تنعقد القمة
الدورية القادمة في قطر في مناخ مختلف‏,‏ يؤكد عزم الإدارة السياسية
العربية علي تعزيز جهود التضامن العربي في إطار استراتيجية واضحة تضع
المصالح العربية فوق كل اعتبار‏.‏

وربما تكون الترجمة الصحيحة لهذا
التوجه الجديد أن يصدر عن قمة الدوحة التي تنعقد في نهاية هذا الشهر‏,‏
ويحضرها معظم القادة العرب وثيقة عمل مشترك‏,‏ يحدد فيها العرب مواقفهم من
عملية سلام الشرق الأوسط‏,‏ واستمرار المماطلة الدولية والإسرائيلية‏,‏
ووحدة الموقف الفلسطيني‏,‏ وتشكيل حكومة وحدة وطنية تبدأ بإعمار غزة‏,‏
ومساعدة السودان علي الخروج من ورطته الضخمة‏,‏ إضافة إلي موقفهم من القوي
الإقليمية الجارة خصوصا إيران‏.‏

ولا أعتقد أن أيا من أطراف قمة
الرياض كان يريد أو يأمل في فض علاقات التحالف بين دمشق وطهران‏,‏ أو يسعي
لاستعداء إيران‏,‏ أو تجاهل مصالحها الإقليمية‏,‏ لأن غاية مايطلبه العرب
في هذه القضية‏,‏ هو تنظيم العلاقة بين العرب وإيران علي نحو يمنع تدخل
طهران في الشأن العربي‏,‏ خصوصا إذا تعلق الأمر بقضايا الأمن الوطني بحيث
تصبح المصلحة العربية العليا هي المرجعية الصحيحة في هذه العلاقات‏.‏

ولو أن قمة قطر الثانية حققت هذا الإنجاز لدخلت التاريخ باعتبارها نقطة تحول مهمة في التضامن العربي‏,‏ وبداية صفحة جادة وجديدة‏.‏