الحرث في الماء‏!‏بقلم : عطيـة عيسوي

من طرف **احمد** الإثنين مارس 16, 2009 12:15 pm

سياسة خارجية
بقلم : عطيـة عيسوي

الحرث في الماء‏!‏

ما
لم يتم التوصل إلي تسوية سياسية أو الدفع بحجج قانونية دامغة لوقف تنفيذ
قرار المحكمة الجنائية الدولية باعتقال وتسليم الرئيس السوداني عمر البشير
بتهمة ارتكاب جرائم حرب‏,‏ وجرائم ضد الإنسانية في دارفور فإن ما نقوله
ونفعله سيظل أشبه بالحرث في الماء لا تبدو له معالم ولا تنتج عنه ثمار‏,‏
فرفض التعامل مع المحكمة ووصف المدعي العام والدول التي تحرضه بأقذع
الألفاظ لن يفيد بل قد يزيدهم تصميما علي تنفيذ القرار بدلا من استغلال
النافذة التي يفتحها القانون التأسيسي للمحكمة نفسها بأحقية مجلس الأمن
الدولي في طلب ارجاء تنفيذ القرار لمدة عام قابلة للتجديد‏,‏ إذا كان ذلك
سيدعم السلام والأمن‏.‏

من حق حكومة السودان أن تقبل ما تشاء وترفض
ما تريد من قرارات ومبادرات واقتراحات ترمي لوقف التصعيد وحل المشكلة‏.‏
ولكن لابد أن يكون هناك اقتراح بديل من جانبها‏.‏ ونحن لا نطالب بأن يسلم
الرئيس نفسه للمحكمة أو يقوم أحد بتسليمه‏,‏ فما أقسي علي نفوسنا أن ينفذ
سيف العدالة علي قائد عربي ويفلت منه مجرمو حرب حقيقيون في إسرائيل
والولايات المتحدة وغيرهما‏,‏ وإنما نطالب بمخرج يجنب الشعب السوداني
الشقيق المزيد من العقوبات والتدخلات الخارجية الرامية لتقسيمه‏.‏ ولن يتم
ذلك إلا بأخذ قرار المحكمة وقرارات مجلس الأمن بما تستحقه من جدية وخطورة
وتنفيذ متطلبات العدالة ضد المتهمين بنزاهة وشفافية أمام القضاء الوطني
تحت رقابة قانونية دولية‏,‏ وعدم اعاقة عمل قوات حفظ السلام أو منظمات
الإغاثة وتلبية طلبات المتمردين باستثناء حق تقرير المصير ووقف القصف
الجوي وحل الميليشيات المسلحة والاكتفاء بالجيش لمواجهة حركات التمرد‏.‏
لو تحقق هذا فهو كفيل بتسوية سياسية توقف ملاحقة البشير وأي عقوبات
جديدة‏.‏

أما المخرج القانوني فيمكن أن يتم بالطعن في قرار المحكمة
الجنائية أمام محكمة العدل الدولية علي أساس أن السودان ليس عضوا فيها ولا
تلزمه قراراتها وفقا لاتفاقية قانون المعاهدات‏(‏ فيينا‏1969),‏ وأن توجيه
الاتهام لرئيس دولة وهو في السلطة يتناقض مع مباديء اتفاقية فيينا
للعلاقات القنصلية لعام‏1963,‏ برغم أن المادة‏27‏ من قانون المحكمة
الجنائية تنص صراحة علي أن رؤساء الدول لا يتمتعون بالحصانة ضد الملاحقة
القضائية‏.‏

هذا ما يتعين التفكير فيه بجدية وبسرعة وليس الشجب
والاستنكار والسب‏,‏ أو حتي التجاهل‏..‏ فصديقك من يصدقك النصيحة وليس من
يجاريك في كل ما تقول حقا أو باطلا‏!‏

aessawy54@gmail.com