الأناضـول وأوروبا بقلم ‏:‏ سـيد عبدالمجـيد

من طرف ادهم الإثنين مارس 16, 2009 12:23 pm

للعقل فقط
بقلم ‏:‏ سـيد عبدالمجـيد

الأناضـول وأوروبا

ما
من حكومة في تركيا تعاقبت علي الباشباكلنك مجلس الوزراء في العاصمة أنقرة
طوال الاربعة عقود ونصف الماضية إلا وروادتها تلك الأمنية الغالية والتي
لا يعادلها أي أمنية أخري‏,‏ وهي أن يتحقق في عهدها انضمام تركيا الي
القارة العجوز موطن فولتير وملهمة أماديوس موتسارت‏.‏

وخلال
السنوات التي تلت التقدم رسميا بطلب الانضمام الي هذا المنتهي الأوروبي
الأثير‏,‏ كان تمثل الأجيال الشابة ـ برغم معارضة ذويهم ـ بكل ما هو
أوروبي علي قدم وساق بدءا من الأزياء مرورا باقتداء سلوكيات الهيبيز
وانتهاء باستخدام بعضا من المفردات الإفرنجية في تبادل معاني الشكر
والتحية‏.‏

صحيح وجدت هذه التقاليع مقاومة صلدة من المخضرمين الذين
خشوا علي ثقافتهم وقيمهم من الانهيار والاندثار‏,‏ إلا أن شرائح من هؤلاء
لم يخفوا اعجابهم بأمهات الأدب الغربي برافديه الفرانكفوني والانجلوسكسوني
وأفكار التنويريين العظام‏.‏ ولم يكن هذا ليحدث إلا بفضل جحافل من
المترجمين الذين أخذوا علي عاتقهم مهمة نقلها الي اللغة التركية التي حفلت
بدورها بمفردات اختلط فيها كل ما هو فرنسي مع كل ما هو انجليزي‏.‏ وفي
الموسيقي كان غناء ليوتشيانو بافاروتي الايطالي الرائع يصدح في أروقة
المنتديات وشارع استقلال قلب الحياة بمدينة اسطنبول‏.‏

لكن يبدو أن
هذا الولع والافتنان بدأ الفتور يتسرب له خاصة في السنوات القليلة
الماضية‏,‏ فلم يعد خافيا علي أحد في عموم البلاد ما تنتهجه أوروبا من
معايير خصت بها الأناضول وحده دون غيره‏,‏ وها هي الهواجس تنقلب الي يقين
دامغ لا يدانيه الشك‏,‏ فدول أقل كثيرا من تركيا وجدت الطريق مفروشا
بالورود نحو عاصمة الاتحاد دون عوائق تذكر‏,‏ وزاد من هلع أهل الأناضول
قبول بروكسل بلغاريا الجارة الفقيرة والتي كانت حتي وقت قريب تمنع
مواطنيها المنحدرين من أصول تركية من تسمية أبنائهم بأسماء تعكس جذورهم
الاثنية‏.‏

الغريب أن الساسة في أروقة هذا الكيان الأوروبي لا
ينتبهون الي بوادر الضجر التي باتت تنتاب الأتراك‏,‏ بل صارو يضغطون اكثر
فاكثر علي أمل أن يكفر الشعب التركي باوروبا ومن فيها‏.!!‏

ففي
جامعة الشرق الأوسط بقلب العاصمة أنقرة‏,‏ استمع ألف مدرس ومدرسة يمثلون
قطاعات تعليمية مختلفة من تركيا الي محاضرة ألقاها مسئول من المفوضية
الأوروبية قال فيها‏,‏ إن مناهج التعليم لابد وأن تتغير وقد يكون هذا
مفهوم‏,‏ لكن غير المفهوم كان في دعوة الرجل لمستمعيه بالتخلص من الدروس
التي تعظم من قدر القومية التركية‏.‏

هنا خرج الحضور بانطباع مؤداه أن طلاقا بائنا مع أوروبا لابد وأن يقع‏.!!‏