هدم. أم عناد؟!محمد العزبي

من غير ليه
محمد العزبي
ezaby azaby @ yahoo. com
هدم. أم عناد؟!

بصرف النظر عن هواية الهدم وعدم احترام
القديم. فإن ما يجري في مدينة "الأقصر" أثار علامات استفهام حول ضرورة
إزالة قصر يطل علي المعبد. أم انه عناد؟!. إذ أقسم بعض ذوي النفوذ ألا يمر
المبني التاريخي. من تحت أيديهم. وأثاروا حفيظة القلوب فانضم إليهم
الموظفون الصغار والكبار. حتي كان قرار رئيس الوزراء أثناء مرور عابر
بالمدينة بالهدم.. وربما هذا ما قاله له رئيس المجلس الأعلي للمدينة وهو
في انطلاقه لتجميلها والكشف عن المزيد من آثارها.

عظيم ما يفعله الدكتور "سمير فرج" رغم شكاوي المتضررين.. وليته يهتم
بحقوق الآخرين. بل ويدافع عنها لو تأكد انها لن توقف مسيرته الطموحة.

ولكن قصة قصر "أندراوس باشا" كما قرأنا وسمعنا تحيط بها شبهة التحدي
والعناد. إذ كيف يصدر حكم قضائي واجب النفاذ بإعادة القصر لأصحابه. بينما
هو مخصص بوضع اليد لفرع الحزب الوطني الحاكم الذي لم يستسلم أو يحترم
القضاء. بينما جهات حكومية أخري كانت لها أيضاً مكاتب داخل القصر قررت أن
تخليها.

وكأن هناك من أقسم ألا يعود حق لأهله. ولا بالمحكمة.. حتي ولو تم هدمه علي الرءوس وإزالته من الوجود.


لم يكن كافياً ما حدث في القصر من تخريب.. وهل يمكن إصلاحه وترميمه
ليصبح مزارا حديثا إلي جانب معبد الأقصر الفرعوني فمازالت جدرانه وأسقفه
تحمل آثارا معاصرة من الزمن الجميل.. ومازالت رائحة التاريخ تطل من حجراته
التي شهدت زيارات عدد من زعماء مصر وقادتها في مختلف المجالات من "سعد
زغلول" و"مصطفي النحاس" إلي الشيخ "محمد عبده" وضيوف أجانب كبار مثل "هيلا
سيلاسي" امبراطور الحبشة وملوك وأمراء إيطاليا ورومانيا وبلجيكا وروسيا.

ولقد جاء ذكر قصر "أندراوس" وصوره في كتاب "مصر: الماضي الحي" من
مطبوعات المتحف البريطاني باعتباره قصراً بني علي الطراز الفرنسي القديم
في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين. وقام بتصويره للكتاب
المصور الانجليزي العالمي "جراهام هاريسون".

فماذا فعلنا نحن به؟


حولناه إلي مكاتب للاتحاد الاشتراكي بعد ثورة يوليو متناسين ما فعله
صاحبه من أعمال وطنية وخيرية للأقباط والمسلمين علي السواء من مدارس
وكنائس ومساجد وسبعمائة فدان باعها ليقدمها لأم المصريين لدعم الثورة علي
الانجليز بعد نفي "سعد زغلول".

فلما ورثه "الحزب الوطني". من "الاشتراكي". سار علي نفس الدرب من
الإهمال والتخريب. وكان مما جري هدم الدور العلوي وازالة القبة الجميلة
التي كانت تزينه.

وعندما قرر اللواء "سلمي سليم" حاكم الأقصر الأسبق أن يزيل سلالمه.
لم يتراجع إلا عندما رابط الورثة علي السلالم.. كما أن السيد اللواء انتقل
إلي منصب آخر!

أخيراً أصدرت المحكمة قرارها النهائي.. ومع ذلك بقي الحال علي ما هو
عليه. فالحزب الوطني ومن ورائه الحكومة لا يمشي عليها مثل تلك الأحكام..
وهكذا بدأت الإجراءات الجادة للهدم والإزالة.

انهما قصران للشقيقين توفيق باشا ويسي باشا أندراوس. ويقال ان أحدهما
سيهدم. بينما يبقي الثاني نموذجاً لما كانت عليه المباني في الأقصر قبل
قرن من الزمان!

وهي قصور تاريخية يري خبراء الجهاز القومي للتنسيق الحضاري ضرورة
الإبقاء عليها. ويقدمون الأدلة علي ما يطالبون به. فهل يستمع إليهم
أحد؟!.. أو هل يريد أحد الاستماع إلي وجهة نظر متخصصة محايدة؟!