قرآن وسنة د. عبد الله النجار

قرآن وسنة
د. عبد الله النجار

إذا كان للانسان ان يتصرف في اعضائه بحكم
ما اباحه له الشارع من اتخاذ قرارات التشافي والعلاج. ودفع المهالك عن
نفسه. فما هو نوع التصرف الذي يملكه في بدنه. وهل هو البيع نظر مقابل
مالي؟ او الهبة القائمة علي التبرع الخالص والتصدق بالعضو دون مقابل؟
وللاجابة عن ذلك نقول:

لايجوز للانسان ان يبيع عضوا من اعضاء بدنه بمقابل مالي. لان البدن
أو احد اعضائه لايقابل بالمال حيث لم يبح الله للانسان ذلك حتي لايستبدل
الذي هو ادني بالذي هو خير ولان الانسان لايدخل تحت اليد ولايقبل التملك
من نظيره. لان الذي يملكه هو خالقه وحده. واذا جري الاتفاق علي البيع فانه
يقع باطلا ويكون حراما. فإن تعاطي الباطل مما يحرم علي الانسان ومن ثم كان
البيع حراما وكان مقابله سحتا لايجوز أكله ولايليق بعاقل ان يفعله لأنه لن
ينفعه لانتزاع بركة الحل منه وانما سيضره ويكون البائع قد فرط في عضو من
اعضاء بدنه دون مصلحة تعود عليه.

واذا كان البيع حراما فإن الصدقة جائزة ومشروعة. لان الاحسان مشروع
والايثار مطلوب وهو لايكون في اسمي صوره الا بالنفس او احد اعضائها. كما
قال سبحانه :"ويؤثرون علي أنفسهم ولو كان بهم خصاصة" وقد كان الصحابة
يصارعون الموت في احدي الغزوات من شدة العطش وكلما مر الساقي علي أحدهم
آثر غيره حتي وصل الي آخرهم فقال له أعط أخي الاول. فلما عاد اليه وجده قد
قضي نحبه وهو ومن يلونه. وقد اتاح الشارع العفو في القصاص من الجناية علي
النفس أو الاعضاء. وكذلك العفو عن الدية من المجني عليه او ورثته وسمي ذلك
العفو صدقة واحسانا كما جاء في الحديث الشريف من اصيب في بدنه فتصدق به
رفعه الله به درجة وحط عنه خطيئة. وقد جعل الله العفو نوعا من الصدقة كما
قال سبحانه: يسألونك ماذا ينفقون قل العفو فشبه العفو بالانفاق في
الصدقات. وقال سبحانه: "ودية مسلمة الي أهله إلا أن يتصدقوا" فدل ذلك كله
علي ان الصدقة باعضاء البدن جائزة. بل ومطلوبة بهذه الاساليب القرآنية
البليغة التي تغري علي فعلها.

والصدقة مردها لله عز وجل ومن ثم فإن البدن اذا كان ملكه يكون التصدق
به. او بعضو من اعضائه راجعا اليه لان الصدقة تقع في يده قبل ان تقع في يد
الآخذ ولهذا كانت جائزة لعدم انفصال الملك في التصرف عن مالكه وهو الله
سبحانه. فالبدن منه والصدقة اليه ولهذا كان جائزا ومشروعا وكان البيع
حراما وممنوعا ومن شروط الصدقة ان لايعود عليه ضرر يدفع به التهلكة ولهذا
ربط الله التصدق بالاعضاء بعدم القاء النفس في مهالك بقوله تعالي:
"ولاتلقوا بأيديكم إلي التهلكة وأحسنوا" فان المراد بالاحسان هنا هو
التصدق بما لايوقع النفس في التهلكة من اعضاء بدن المتصدق. ومن يملك
التصدق في الدنيا يجوز ان يوصي به اذ الوصية من ضمن التصرف فانه اذا جاز
عاجلا حال الحياة يجوز ان يكونآأجلا بعد الوفاة اللهم ارزقنا حسن الفهم
لدينك آمين يارب العالمين.