مصالح عالمية متناقضة‏!‏بقلم : مكرم محمد أحمد

من طرف **ashraf** الثلاثاء مارس 17, 2009 12:34 pm

نقطة نور
بقلم : مكرم محمد أحمد

مصالح عالمية متناقضة‏!‏

برغم
القناعات المتزايدة لمعظم عواصم العالم بأن الأزمة الاقتصادية ـ التي
أصابت الجميع بسبب فساد النظام المالي العالمي ـ تحتاج إلي حلول عالمية
شاملة‏,‏ تضمن إعادة انتعاش اقتصادات الدول المتقدمة والناهضة والنامية
علي حد سواء‏,‏ وأن ثمة مصلحة مشتركة تفرض ضرورة إصلاح النظام المالي
العالمي كي لا تتكرر الكارثة مرة أخري في ظل نظام العولمة‏,‏ الذي دمج
الاقتصادات الوطنية في الاقتصاد العالمي‏,‏ يجتمع في إنجلترا ـ وسط خلافات
عميقة حول سبل مواجهة الأزمة ـ رؤساء‏20‏ دولة هي الأكثر تأثيرا في مجريات
الاقتصاد العالمي‏,‏ لأن حجم ناتجها المحلي يشكل‏80‏ في المائة من حجم
الاقتصاد العالمي‏,‏ تضم الدول الصناعية الغنية الثماني إلي جوار‏12‏ دولة
ناهضة‏,‏ تحقق اقتصاداتها نموا مطردا من بينها الصين والهند والبرازيل
وتركيا إضافة إلي السعودية لمخزونها الاستراتيجي من الطاقة‏,‏ علي أمل أن
يتفق الجميع علي رؤية شاملة تختصر فترة الأزمة وتحقق إنعاش الاقتصاد
العالمي‏.‏

غير أن المصالح المختلفة لمجموعات هذه الدول تحول حتي
الآن دون اتفاقها علي أولويات واضحة ومحددة يلتزم بها الجميع‏,‏
فالأوروبيون الذين يتمتعون بشبكة أمان اجتماعي واسعة ضد البطالة‏,‏ ولا
يعانون من مشكلة الرهن العقاري كما يعاني الإقتصاد الأمريكي‏,‏ لا يرون
حاجة ملحة إلي برامج إنفاق ضخمة مثل البرنامج الذي تبناه الرئيس الأمريكي
أوباما‏,‏ الذي يتكلف أكثر من‏800‏ مليون دولار‏,‏ يتم إنفاق معظمها علي
عدد من مشروعات البنية الأساسية بهدف تحسين السيولة المالية وزيادة الطلب
علي السلع وإيجاد وظائف بديلة تعوض نسب البطالة المتزايدة خوفا من زيادة
حجم التضخم‏,‏ ويرون تركيز الأولوية علي إصلاح فساد النظام المالي العالمي
الذي نشأ بعد الحرب العالمية الثانية‏,‏ بعد أن ثبت عجزه عن إصلاح نفسه
بنفسه طبقا لقوانين السوق‏,‏ وتعرض لحجم هائل من الديون المسمومة جاوز‏30‏
تريليون دولار‏!‏

والأمريكيون يرون أن الأولوية ينبغي أن تكون
لزيادة حجم الإنفاق العام لتدوير عجلة الاقتصاد العالمي‏,‏ وأن برامج
الإصلاح الأوروبي ـ التي تنطوي علي حجم ضئيل من الإنفاق العام لا
يتجاوز‏2‏ في المائة من حجم الناتج المحلي الأوروبي ـ لا تكفي لإخراج
الاقتصاد العالمي من حالة الركود الراهن‏,‏ وفي موقف وسط بين الأمريكيين
والأوروبيين تشدد الدول الناهضة مثل الهند والصين والبرازيل‏,‏ التي هبطت
حجم صادراتها إلي الخارج بمعدلات جاوزت‏30‏ في المائة‏,‏ علي ضرورة مقاومة
نظم الحماية التي تقيد الأسواق وتعطل التجارة الدولية‏.‏

ووسط هذه
الخلافات تبدو مصالح الدول النامية مضيعة لا تجد من يدافع عنها‏,‏ سوي
صندوق النقد الدولي الذي يطالب بمضاعفة موازنته لمساعدة الفقراء‏..‏ ومع
الأسف لا يدخل في اهتمام مؤتمر لندن حتي الآن إصلاح نظام العولمة‏,‏ الذي
صدر مشكلات الدول الغنية إلي الدول النامية التي بقيت مجرد سوق لسلع
الآخرين‏,‏ تبيع موادها الخام بأقل الأسعار المتاحة‏,‏ وتتحمل العبء
الأكبر من آثار أزمة عالمية صعبة لم تسهم في صنعها ولم تكن ضمن أسبابها‏.‏

mmahasabo@yahoo.com