حديث السوق بقلم : عـمـاد غـنيـم

من طرف مشمشة الثلاثاء مارس 17, 2009 3:43 pm

حديث السوق
بقلم : عـمـاد غـنيـم

مسئولية المديرين

إذا
كان العالم قد توافق علي تحميل الجانب الأكبر من مسئولية الأزمة المالية
القاسية إلي المديرين التنفيذيين الذين أفرطوا في صنع الأرباح الوهمية‏,‏
فإن العالم عندما أمعن النظر في كل الملابسات لم يجد من يعلق عليه آمال
الخروج من الأزمة سوي في قادة الشركات والمديرين التنفيذيين‏,‏ وهذا هو
مكمن الأمل ومكمن الخطورة معا‏,‏ وإذا كانت مهمة القادة السياسيين حاليا
هي تحسين الدورة الاقتصادية وتصويبها فإن تحقيق الاصلاح والسعي نحو النمو
وتقليص آثار الأزمة علي الناس ستكون بلا شك مسئولية التنفيذيين في مواقع
العمل والانتاج‏.‏

وفي التفاصيل فإن آثار الأزمة تكمن في انخفاض
الاستثمارات وتدهور المبيعات ومن ثم تراجع الأرباح وتقلص معدلات النمو
وطرد العمال وخفض الأجور‏,‏ وهذه كلهما معضلات يديرها المديريون
التنفيذيون كل في موقعه‏,‏ الاسئلة العويصة التي تواجه المديرين الآن هي
ما العمل للنجاة من تراجع العوائد وكيف يمكن الخروج من الأزمة بأقل قدر من
الخسائر الحل السهل هو تقليص النشاط بما يعنيه ذلك من خفض النفقات وتسريح
العمالة وإرجاء الاستثمارات الجديدة وغيرها من الإجراءات الانكماشية
المعروفة‏,‏ غير أن انتهاج هذا المسلك التقليدي من شأنه تعظيم الأزمة
واطالة أمد الخروج منها‏,‏ والأهم أنها ستؤدي إلي آثار اجتماعية وسياسية
وخيمة بسبب إنتشار البطالة وخفض الأجور‏,‏ فضلا عن القلاقل الاجتماعية فإن
هذه الخطط ستؤدي إلي مزيد من ضعف الطلب والذي سيتبعه مزيد من الانكماش في
دورة جهنمية لن يستفيد منها أحد‏.‏

لقد بات علي قادة الشركات الآن
أن يتمتعوا بمهارات سياسية اضافة إلي خبراتهم في الإدارة‏,‏ وأن تتوافر
لديهم رؤي بانورامية يعالجون بها ما يواجههم من مواقف‏,‏ هذه الرؤي تفرض
عليهم اللجوء إلي الابتكار وضخ مزيد من الاستثمارات بدلا من التقشف‏,‏
والحفاظ علي العمالة بدلا من تسريحها‏,‏ وفي كل الأحوال ودائما البحث عن
تنشيط الطلب بكل وسائل التنشيط لتحفيز الناس علي الانفاق‏..,‏ الحل الجذري
للأزمة‏.‏

الأزمة الراهنة كشفت لأول مرة عن مدي الارتباط الوثيق
بين النمو الاقتصادي والحالة النفسية للمستثمرين والمستهلكين فحينما يتوقع
المستثمر الربح فهو يستثمر فيتحقق الربح بالفعل‏,‏ وكذلك عندما يشعر
المستهلكون بالاطمئنان فإنهم يشترون بلا قلق‏,‏ وهكذا تنصلح الدورة
الاقتصادية ونعود للنمو‏,‏ ومن هنا تأتي أهمية المدراء التنفيذيين في
الخروج من الأزمة‏..‏ الأزمة التي ساهموا في صنعها‏.‏

e_ghoneim@hotmail.com