المصالحة .. الفلسطينيون .. البشير ثلاثة تحديات .. أمام القمة العربية حضور إيران .. ينسف كل شيء خالد إمام

.. وماذا بعد ؟!
خالد إمام
E-mail:khaled@almessa.net.eg
المصالحة .. الفلسطينيون .. البشير
ثلاثة تحديات .. أمام القمة العربية
حضور إيران .. ينسف كل شيء

القمة العربية الدورية التي تنعقد نهاية الشهر الحالي في قطر أمامها ثلاثة تحديات مهمة جداً سوف تطغي علي أي شيء آخر.


التحدي الأول يتمثل في مدي تكريس المصالحة العربية العربية. والثاني
الوضع الفلسطيني. والثالث ما يمكن عمله تجاه قرار المحكمة الجنائية
الدولية بتوقيف الرئيس السوداني عمر البشير.

وبقدر نجاح القمة في هذه التحديات.. يكون نجاحها.



* * *



بداية.. يجب التأكيد علي أن ما أثير حول حضور إيران للقمة هو
أمر في منتهي الخطورة.. فهي في الأول والآخر قمة عربية تنبثق عن جامعة
الدول العربية.. أي أنها شأن داخلي بحت.

نعم.. قد يحضرها بان كي مون أمين عام الأمم المتحدة باعتباره يمثل المنظمة الدولية التي تندرج تحت لوائها جميع بلدان العالم.


لكن.. أن تشارك فيها قوي إقليمية مثل إيران أو تركيا أو حتي الاتحاد
الأوروبي ولو بصفة مراقب فإن هذا مرفوض تماماً وغير مستساغ من جُل الدول
العربية.. خاصة إذا شاركت إيران لأن الجميع يعلم تماماً أجندتها الفارسية
للتوسع والهيمنة وفرض السيطرة والتغلغل ولمواقفها العديدة غير المشرفة
عامة وخلال العدوان علي غزة علي وجه الخصوص.

مشاركة إيران إذا تمت فإن نتيجتها الحتمية هي الفشل الذريع للقمة في
كل تحدياتها.. خاصة أن الكثيرين من الزعماء العرب وقتها سوف يرفضون الحضور
بشخصهم.


* * *



إن هناك العديد من الفرص الجيدة لتحقيق المصالحة العربية
خاصة بعد قمة الرياض.. ويمكن أن تثمر هذه الفرص عن نتائج جيدة إذا تمت
تنقية الأجواء أكثر و أكثر بحيث يدخل القادة العرب إلي القمة علي أرضية
جديدة.

الكل يعلم أن هذه المصالحة كأحد التحديات هي المفتاح الوحيد للتحديين
الآخرين.. فكلما ذابت الخلافات وتوحدت الرؤي وأصبح الجميع يتحدثون لغة
واحدة.. فإن ذلك ينعكس حتماً علي مناقشات الوضع الفلسطيني والموقف من قرار
المحكمة الجنائية.

وبغير ذلك.. انسوا القمة وكبروا علي قضايانا أربعاً.



* * *



وعن الوضع الفلسطيني.. فإن الدور الذي لعبته مصر من أجل وحدة
الفلسطينيين وحل مشاكلهم وحماية مصالحهم هو دور مشهود وأكثر من مشرف ولا
يمكن أن يأتي إلا من مصر التي حملت قضية فلسطين علي مدي 60 عاماً أو يزيد.

إن القضية الفلسطينية وإن كانت قضية كل العرب.. فإن مصر تعتبرها
قضيتها في المقام الأول بحكم التاريخ والجغرافيا.. تحمل ملفها وتعلم جيداً
خباياها ودروبها ودهاليزها أكثر من أي أحد آخر.

مصر التي حاربت. وضحت. وآوت. واحتضنت. وآزرت.. تعرف جيدًا مكانتها
ومن غير المنطقي أن يأتي اليوم الذي يزايد عليها فيه أحد في الوطنية.. لا
في حرب 48 ولا في الحروب التي تلتها ولا في تأييد ونصرة القضية أمام
المحافل القارية والدولية ولا في عملية السلام لإقامة الدولة الفلسطينية
المستقلة ولا في مساندة الفلسطينيين خلال تمزقهم إلي فريقين كبيرين ثم
العدوان الإسرائيلي عليهم وأخيرا الحوار الوطني الذي يجري الآن في القاهرة
تحت رعايتها لتوحيد كل الفصائل علي كلمة سواء.

هذا الوضع بالكامل يحتاج إلي رؤية عربية واحدة.. ولا ينبغي لأي قوي إقليمية أن تدس أنفها فيه لمصالحها الخاصة.



***



وبالنسبة للسودان.. فإن العرب كل العرب رفضوا وأدانوا بشدة
قرار المحكمة الجنائية الدولية باعتقال الرئيس السوداني عمر البشير
باعتباره تصرفا يفتت وحدة السودان ويضرب استقراره ويؤثر حتما بالسالب علي
جهود الدول العربية والمجتمع الدولي لحل أزمة دارفور.

إن التصريحات الصادرة من عدة دول غربية تنبئ بكارثة خاصة تلك التي
تهدد باعتراض طائرة البشير في الجو وهو متجه إلي الدوحة لحضور القمة أو
عائد منها.. والسيطرة عليها وإجبارها علي النزول في إحدي القواعد في قطر
أو في أي دولة أخري.

نفس الشيء بالنسبة للتخوفات والاجتهادات حول إمكانية صدور قرار من مجلس الأمن يلزم قطر بتسليم البشير لو لم يتم اعتراض طائرته.


هذه التصريحات والتخوفات والاجتهادات تنذر بخطر داهم يحول المنطقة إلي جهنم.


من هنا.. فإنني لست مع حضور البشير للقمة.. وليترك لأشقائه العرب..
العرب فقط دون أي تدخل من قوي إقليمية بحث الأمر والخروج برؤية واحدة
للتعامل مع هذا الملف الشائك.


***



لا أحد إلا ويتمني بحق أن تتحقق المصالحة العربية علي أساس
المصارحة والمكاشفة والمعاتبة وعدم العودة إلي ما يعكر الأجواء.. فهي
البوابة الكبيرة التي تنفذ منها لحل باقي المشاكل التي تعترضنا.

المهم.. والمهم جدا.. أن يكون صوتنا كعرب من دماغنا دونما أي تأثير
إقليمي أو خارجي علينا.. وإلا فإن القمة ستحصل علي صفر كبير.. وغير مسبوق.