مستقبل الصحف القومية‏!‏بقلم‏:‏ عبدالمحسن سلامة

من طرف karem الأربعاء مارس 18, 2009 10:34 am

نقاط ساخنة
بقلم‏:‏ عبدالمحسن سلامة

مستقبل الصحف القومية‏!‏

أمس
الأول التقي الرئيس حسني مبارك الأستاذ صفوت الشريف رئيس مجلس الشوري
ورئيس المجلس الأعلي للصحافة‏,‏ وبحثا ضمن موضوعات أخري مشكلات الهياكل
التمويلية للمؤسسات الصحفية‏,‏ وكيفية حل تلك المشكلات لمساعدة الصحف
القومية علي أداء رسالتها مستقبلا بعيدا عن الديون المتراكمة التي تثقل
كاهلها‏,‏ وتحبط كل محاولات تطويرها‏.‏

أتصور أن الحفاظ علي
المؤسسات الصحفية القومية بات ضرورة ملحة في ظل انفتاح إعلامي صاخب اختلط
فيه الحابل بالنابل‏,‏ والجاد بغير الجاد‏,‏ وتداخلت الأجندات الخاصة
لأصحاب بعض الوسائل الإعلامية الخاصة‏(‏ صحف‏,‏ وقنوات فضائية‏)‏ مع
الأهداف الإعلامية الأخري‏,‏ برغم التسليم بأهمية هذه الوسائل في إحداث
حراك صحفي وإعلامي زاد من حدة المنافسة‏,‏ وأكد أهمية تطوير الصحف القومية
شكلا ومضمونا انطلاقا من مبدأ عدم الاستهانة بالمنافس حتي لو كان وليدا
يافعا‏.‏

نقطة البداية في تطوير المؤسسات الصحفية القومية تنطلق من
تطوير هياكلها المالية والإدارية وتحويلها من مؤسسات خاسرة إلي رابحة‏,‏
أو علي الأقل متعادلة‏,‏ باعتبارها مؤسسات ثقافية تنويرية قبل أن تكون
مؤسسات صناعية أو تجارية‏,‏ لكنه وفي كل الأحوال من غير المقبول أن يستمر
نزيف الخسائر كما كان‏,‏ ومن هنا جاءت أهمية اللجنة التي شكلها مجلس
الشوري لدراسة أحوال المؤسسات القومية ووضع تصوراتها في هذا الصدد‏,‏
والاستعانة بمكتب حازم حسن في تلك الدراسة‏,‏ خاصة المؤسسات الثلاث
الكبري‏(‏ الأهرام‏,‏ والأخبار‏,‏ والجمهورية‏),‏ ونجحت تلك المؤسسات في
تجاوز الأزمة بدرجات متفاوتة‏,‏ وحققت تقدما كبيرا‏,‏ ويكفي أن مؤسسة
الأهرام استطاعت خلال السنوات الأربع الماضية تجاوز خسائر ميزانيتي‏2004‏
و‏2005‏ التي بلغت أكثر من‏600‏ مليون جنيه لتحقق في العام الماضي أرباحا
صافية تجاوزت‏400‏ مليون جنيه‏,‏ بالإضافة إلي تسديد ما يزيد علي‏800‏
مليون جنيه من ديون البنوك والموردين‏,‏ وكذلك تسديد كل الأعباء الحكومية
الخاصة بالضرائب والتأمينات خلال تلك الفترة‏.‏

هناك بعض الأصوات
تنادي بخصخصة الصحف القومية والقنوات التليفزيونية الرسمية تحت حجج
ومبررات عديدة‏,‏ أبرزها أن الإعلام في معظم دول العالم هو إعلام خاص‏,‏
ونسوا أن دولا رأســـمالية عتيـــدة مثل بريطانيا لاتزال الـ بي‏.‏ بي‏.‏
سي هي واجهتها الإعلامية حتي الآن‏,‏ بالإضافة إلي نموذج جريدة اللوموند
الفرنسية‏,‏ فما بالنا بدولة مثل مصر لاتزال حديثة العهد بعصر السوق‏,‏
وأعتقد أننا لم نصل بعد إلي رأسمالية وطنية رشيدة قادرة علي تقديم إعلام
موضوعي متوازن بعيدا عن الأجندات والمصالح‏.‏

تبقي ضرورة إسقاط
المديونيات المتراكمة علي المؤسسات الصحفية القومية التي لا ذنب للأجيال
الحالية فيها‏,‏ لأن إضافتها إلي رأس المال تعني تضخما له غير مقبول‏,‏
بالإضافة إلي الخوف من أن يكون ذلك بداية لتدخل الحكومة بنفوذها في إدارة
شئون تلك المؤسسات‏,‏ وهو ما لا يرضاه أحد‏.‏

abdelmohsen@ahram.org.eg