تساؤلات عبدالله نصار

من طرف soso الأربعاء مارس 18, 2009 10:51 am

تساؤلات
عبدالله نصار
gomNASSAR@YAHOO. COM

أزمة البحث العلمي في مصر لا ترجع إلي
نقص الكفاءات أو الخبرات ولكنها ترجع إلي نقص في التمويل وهذا لا يرجع إلي
العلماء والباحثين الذين يركزون أهدافهم في الارتقاء بالمجالات التي
يعملون بها حتي ولو كانت الموارد محدودة وعلي قدر استطاعتهم وما يتاح لهم
يعملون!

وبعض الذين ينظرون بسخرية واستهزاء إلي البحث العلمي والعلماء لا
يدركون ان هناك من يسهر ويتفاني في حل مشكلة تواجه المجتمع ويقدم حلولا
دون أن يشعر به أحد أو تهتم به أجهزة الإعلام وهناك من تنهال عليهم حفلات
التكريم وسهرات المحطات التي تتغني علي الشاشات الفضائية والمحلية بأعمال
لاعبي كرة أو راقصة أو فتاة إعلانات.. وهو أمر نراه ونتألم منه ويري فيه
هؤلاء نوعا من اللطافة والظرافة والتخفيف عن الناس وجلب الإعلانات وكما
قال المذيع اياه عندما وجه إليه اللوم عن اهانته للبحث العلمي والعلماء
علي الهواء أنها نوع من التسلية ولجذب انتباه الناس.. وان البحث العلمي
دمه ثقيل ولا يمكن أن نفرضه علي الناس وكأنه استخدم علماء مصر مادة
للاستهزاء.

وهذه مقولة فاسدة وتوجه خاطيء.. فالاهتمام المبالغ فيه بهذه الجوانب
للتسلية لا يمنع مطلقا من تسليط الأضواء علي نماذج مشرفة وصفحات ناصعة
تؤدي واجبها لخدمة الوطن وقد لا يكون الأداء علي ضوء ما نتوقعه وهذه
مسئوليتنا نحن الذين عجزنا عن توفير مقومات الحياة لمن لديهم القدرة علي
الابتكار والابداع. وفي ظل الأزمة المالية العالمية الحالية تركز كل دول
العالم علي براءات الاختراع وبحوث التطوير كمشاركة في احتواء جزء من هذه
الأزمة المالية والاقتصادية في مجالات الانتاج والخدمات ومن يري مراكز
ومعاهد بحثية أجنبية في الخارج وهي تضم فرقا ومجموعات من المصريين
الباحثين المتميزين يشعر بالحزن والأسي أن يقتصر علم وبحوث هؤلاء علي
الخارج ولا يستفيد بها الوطن.

ورغم كل هذا.. هناك مشكلات في تلوث المياه والترع والمصارف وتجد حلا
في مراكزنا البحثية وهناك ابتكارات وبراءات لأدوية صيدلية.. ومنتجات أخري
يصعب حصرها سواء في مجال السيارات أو حل المشكلات التي تعاني منها المصانع
وضبط استخدام الطاقة وتوفيرها بالإضافة إلي جهود طبية مجتمعية تحرص عليها
المراكز العلمية ومجالات أخري يصعب حصرها وتتم بجهود ومساندة من قيادات
المراكز البحثية علي ضوء الموارد المتاحة. وفي ظل كل هذا يتحمل هؤلاء نشر
ابحاثهم والانفاق علي المراجع والكتب وغيرها من مستلزمات البحث العلمي
وأغلب الأحوال فإن هذا يتم من مرتباتهم الضئيلة التي يتهكم عليها مذيع
المحطة الفضائية اياه ولو تمت مقارنة عادلة بين ما يجري داخل الجامعات وما
ينفق بها علي مجالات بحوث نظرية لا تصلح للتطبيق وما يجري في مراكز ومعاهد
البحوث التي تصلح أبحاثهم للتطبيق ولا يتم اجازتها إلا إذا كانت قابلة
للتنفيذ والتطبيق سيكون الانفاق في الجامعات كبيرا.. وفي مراكز ومعاهد
البحوث محدودا رغم ان النتائج أفضل وهذا يحتاج إلي تجمع مراكز البحوث
والمعاهد العلمية وتكون تحت مظلة واحدة للبحث العلمي لأن التفرقة والتشتت
والتمييز بين جهة وأخري في المعاملة المادية يؤدي إلي حالة من الاحباط.

ان مراكز البحوث العلمية والمعاهد والشعب التابعة لها تقدم في كل
صباح الجديد في مجالات البحوث والتطوير ولكنها لا تحظي باهتمام أجهزة
الإعلام ورغم قصور الموارد فإن الإنجازات لا يمكن انكارها.

وليس هذا غريبا فقد قال الكاتب الراحل والأديب الكبير توفيق الحكيم
اننا نهتم بمن يلعبون بأقدامهم وليس بعقولهم وهو يقصد اننا نولي اهتمامنا
للراقصات ولاعبي الكرة وهو أمر مسيطر أحيانا علي اعقول من يعملون في
الإعلام وهذا للأسف ما نراه.

والقضية في البحث العلمي ليست درجات وظيفية يسعي إليها هؤلاء ولكنها
معاملة محترمة ومناخ للبحث العلمي والابتكار ومعاملة مادية كريمة توفر لهم
المقومات الرئيسية للحياة وهو ما أصبح حقا وواجبا علي الدولة والمجتمع ولو
تم الانفاق علي مجال البحوث العلمية والتطوير بقدر ما يتم انفاقه علي
الإعلام في السنوات الماضية أو حتي أقل من 25% منه لأصبحت الصورة أفضل.
وقد لا يدرك البعض مذيعي الفضائيات ومقدمي حفلات الطرب والسهرة والفرفشة
أنه لا تقدم لأي مجتمع في الدنيا بدون البحث العلمي وان اهانة العلماء هو
حكم علي المجتمع بالتخلف في الوقت الذي تفتح فيه الأبواب لرعاية واحترام
العلماء في كل دول العالم وهو أمر يجعلنا نحمي علماءنا وشبابنا من النزوح
المستمر لدول أخري.

أما ما نال العلماء في مصر من اهانات أو غيرها فهو أمر يدخل في دائرة
عدم الفهم وهو الأمر الذي يختص فيه هذا المذيع العلماء المصريين وحدهم
بينما يشعر بالانبهار عندما يسمع عن ابتكار بسيط في دولة أخري ونحن نسعد
لكل تقدم علمي في أي بلد عربي ولكن لا يجوز أن يتم هذا بهذا الأسلوب
لإهانة العلماء المصريين الذين يستحقون كل احترام وتقدير.

وهذه شهادة للتاريخ وانصاف لفئة تعمل في صمت وقد بدأت حياتي الصحفية
منذ عام 1972 مندوبا في البحث العلمي وتجولت في كل المراكز والمعاهد
البحثية ولايزال حتي اليوم في كل موقع لي أصدقاء وعلماء اعتز بهم واقدر
لمن رحلوا وتركوا بصمات علمهم واجتهادهم وادعو الله ان تتوافر الظروف
للحاليين وبخاصة ان هناك من يدافع ويتفاني في الدفاع عن حقوق زملاؤه وهو
ما يقوم به الدكتور هاني الناظر رئيس المركز القومي للبحوث ودون حسابات أو
حساسيات يضع البحث العلمي وكرامة زملائه وتوفير الحياة الكريمة لهم فوق كل
اعتبار.

كلمات لها معني:

إذا عنت من الخلف فأعلم انك في المقدمة.

قول مأثور