إنجاز فلسطيني مهم بقلم : مكرم محمد أحمد

من طرف العنتيل الخميس مارس 19, 2009 9:59 am

نقطة نور
بقلم : مكرم محمد أحمد

إنجاز فلسطيني مهم

أنجز
الفلسطينيون في حوارهم الوطني الذي تم تحت رعاية القاهرة اتفاقا مفصلا علي
معظم القضايا الرئيسية التي كانت موضع النقاش داخل اللجان الخمس التي
انبثقت عن مؤتمرهم‏,‏ باستثناء بعض التفصيلات الصغيرة التي تركت للجنة
المراجعة كي تنجز حلولا توفيقية تقارب بين وجهات النظر المختلفة‏..,‏ وبات
واضحا أن الفلسطينيين يمتلكون الآن خريطة طريق واضحة لإعادة ترتيب البيت
الفلسطيني من الداخل‏,‏ وصلاح أعمدته التي كانت قد تصدعت‏,‏ وهو أمر كان
مطلوبا لذاته بصرف النظر عما يجري علي الجانب الاسرائيلي الذي يسبح ضد
التيار‏,‏ وضد التاريخ وضد حقائق الحياة‏,‏ متوهما أن الفلسطينيين سوف
يرضخون للأمر الواقع الذي تريد أن تفرضه حكومة يمينية متطرفة يعتزم
بنيامين نيتانياهو تشكيلها وفق الخطوط الأساسية لتحالف شرير يجمع
الليكود‏,‏ وحزب اسرائيل بيتنا بزعامة العنصري الفاشي أفيجدور ليبرمان‏,‏
ترفض قيام الدولة الفلسطينية وتسعي لطرد فلسطينيي‏48‏ من اسرائيل كي تصبح
دولة يهودية خالصة‏.‏

وما من شك في أن الفلسطينيين‏,‏ يملكون بعد
نجاح حوارهم الوطني حصادا وفيرا من التجارب المهمة التي تمنعهم من الوقوع
في أخطائهم القاتلة مرة أخري‏,‏ وأخطرها الصراع علي سلطة متوهمة غير قائمة
وغير موجودة نتيجته الوحيدة إضعاف الموقف الفلسطيني‏,‏ والرضوخ لاستقطابات
خارجية حادة تحول نضالهم الطويل والمرير إلي مجرد أوراق تفاوض في أيدي
آخرين‏,‏ وثالثها الفهم الصحيح لحقيقة الارتباط بين الأمن الوطني المصري
والقضية الفلسطينية التي تجعل من القاهرة خيارا استراتيجيا لا بديل عنه في
ضوء المقارنة بين الذي تقدمه مصر ويقدمه الآخرون‏.‏

غير أن المكسب
الفلسطيني المهم هو قبول كل الفصائل العودة إلي الشعب الفلسطيني كمرجعية
أخيرة تعلو علي كل المرجعيات في تحديد خيارات الحكم والتفاوض‏,‏ والاتفاق
علي اجراء الانتخابات المتزامنة للرئاسة والمجلس التشريعي والمجلس الوطني
الفلسطيني في مواعيدها المحددة لتشكيل بنية سياسية جديدة متكاملة للعمل
الفلسطيني تعكس واقعه الراهن‏.‏

وفي ظل هذه الحقيقة الراسخة تتضاءل
كل تفاصيل الخلاف حول تشكيل الحكومة الانتقالية التي تنحصر مهمتها في بدء
اعمار غزة‏,‏ وإجراء الانتخابات الثلاثية‏,‏ ولا يصبح المطلوب من حماس
اعترافا مسبقا باسرائيل كي تكون شريكا في الحكم والقرار اذا قبل ممثلوها
داخل الحكومة الحترام والالتزام بكل ما التزمت به منظمة التحرير
الفلسطينية من اتفاقات سابقة‏,‏ بما في ذلك أوسلو‏,‏ والاعتراف المتبادل
بين اسرائيل والمنظمة‏,‏ وقبول المبادرة العربية‏.‏

والأهم من ذلك
أن العودة إلي الشعب الفلسطيني تفسح الطريق لاشراك المستقلين في
الانتخابات الثلاثية‏,‏ الذين يشكلون الآن تيارا قويا لا يقل في حجمه عن
حماس وفتح‏,‏ دوره المتوقع أن يكون جسرا بين الجانبين‏...,‏ وتبقي أخيرا
الحقيقة المهمة التي تؤكد أن اعادة ترتيب البيت الفلسطيني‏,‏ واصلاح
تصدعاته شرط أساسي لضمان صلابة المسيرة الفلسطينية‏,‏ وصحة توجهها‏,‏
وتعزيز قدرتها علي مواجهة خيارات التفاوض والمقاومة‏,‏ لأن الطريق لايزال
شاقا وطويلا لا عاصم من عثراته سوي التمسك بالوطنية الفلسطينية‏,‏ ولأن
الدولة الفلسطينية لاتزال هدفا بعيدا‏,‏ لم تصبح بعد قاب قوسين أو أدني‏.‏

mmahasabo@yahoo.com