آخر الاسبوع بقلم : محمد أبو الحديد

من طرف **سهر الليالى** الخميس مارس 19, 2009 10:32 am

آخر الاسبوع
بقلم : محمد أبو الحديد
E- mail: abuelhaded@eltahrir.net
بعد توجيهات الرئيس.. وشهادة صفوت الشريف
الصحافة القومية.. وتغييراتها

آخر الاسبوع بقلم : محمد أبو الحديد Abo%20elhaded.article

أسعدتني شهادة الأخ الكبير الأستاذ صفوت الشريف رئيس مجلس الشوري ورئيس
المجلس الأعلي للصحافة. لمؤسسات "الجمهورية" و"الأخبار" و"الأهرام" بأنها
اجتازت - في ظل إداراتها الحالية - الصعوبات المالية التي كانت تواجهها.
وحققت تقدما وأرباحا.

أقول أسعدتني. لأربعة أسباب:

الأول - انها شهادة صدرت ممن "يملك".. و"يعرف". فالأستاذ صفوت الشريف
يرأس مجلس الشوري. المالك الشرعي - باسم الشعب - للصحافة القومية وهو
يتابع بصفة شبه يومية ما يدور في هذه المؤسسات. وما تتخذه من خطوات. وتصله
تقارير الجهاز المركزي للمحاسبات وغيره من الأجهزة عن أوضاع هذه المؤسسات
المالية والإدارية. ولعلني لا اتجاوز الحقيقة إن قلت - عن علم وتجربة
شخصية - ان صفوت الشريف يعلم من خفايا المؤسسات الصحفية القومية ما قد لا
نعلمه أحيانا نحن الذين ندير شئونها.

الثاني - انها شهادة صدرت في توقيت حاسم. لتخمد فتنة سعي البعض. في
بعض هذه المؤسسات إلي اشعالها مستغلين قرب صدور حركة تغييرات القيادات
الصحفية في المؤسسات القومية جميعا. وتجاوز بعض قياداتها للسن القانونية
للبقاء في المنصب أو اقترابهم منها. متصورين أنه يمكنهم أن ينالوا -
بالتشويه المتعمد - من هذه القيادات سواء لحساب أنفسهم. أو لحساب من
يحرضونهم ان كان هناك محرضون.

الثالث - انها شهادة صدرت في أعقاب استقبال الرئيس مبارك للأستاذ
صفوت الشريف. في اجتماع شامل. واضح من التصريحات التي صدرت بعده. أنه كان
فرصة لعرض ومناقشة كل ما يتعلق بالصحافة القومية ومؤسساتها وقياداتها.
بدليل صدور حركة التغييرات الصحفية في هذه المؤسسات بعد 48 ساعة فقط من
هذا الاجتماع.

ومعني ذلك. ان "الصورة الصحيحة" للصحافة القومية. ومؤسساتها
وقياداتها قد وصلت إلي الرئيس من خلال المسئول السياسي والقانوني عن
توصيلها. وان الأستاذ صفوت الشريف - في اشادته عقب هذا الاجتماع - بما
حققته مؤسسات "الجمهورية" و"الأخبار" و"الأهرام". لم يكن يعبر عن قناعته
وحده. وإنما كان ينقل رسالة من الرئيس أيضا إلي العاملين في هذه المؤسسات.
وإلي الرأي العام المصري جميعا.

الرابع - ان هذه الشهادة صدرت. مقرونة بتوجيه رئاسي للحكومة بسرعة
الانتهاء من دراسة تصحيح الهياكل التمويلية للمؤسسات الصحفية القومية في
إطار قانوني. في اشارة إلي مشروع رفع رءوس أموال هذه المؤسسات. بقيمة
متأخراتها الضريبية والتأمينية المستحقة للدولة والمتراكمة بلا سداد علي
مدي ما يقرب من ثلاثين عاما وهو مشروع - إذا - تم سوف يخلص ميزانيات هذه
المؤسسات من عبء مالي هائل. ويضعها علي الطريق الصحيح للانطلاق. مهنيا
وماليا وإداريا. ويضاعف من فرص تحسين دخول العاملين بها والارتقاء
بأدائهم.

ولقد أكد الرئيس بذلك أنه السند الحقيقي للصحافة. الداعم الدائم
لحريتها في كل الظروف وأنه يدرك بصفة خاصة أهمية الصحافة القومية
باعتبارها درع مصر في عالم أصبحت الحروب الإعلامية تحقق ما قد يتعذر
تحقيقه بالحروب العسكرية.

مباديء يوليو 2005 يجب أن تستمر

أريد أن أنتقل إلي نقطة مهمة. وقد يراها البعض "حساسة" أو شائكة. لكنني أحسب أنني قادر علي تجاوز أي حرج في تناولها أو التعرض لها.

لقد كانت التغييرات التي تمت في قيادات المؤسسات الصحفية القومية في 4
يوليو 2005 نقطة فاصلة حقيقية في مسيرة هذه المؤسسات. ان لم تكن علامة
مهمة في تاريخ الصحافة المصرية كله.

والسبب ان هذه التغييرات لم تكن مجرد تغييرات في الوجوه والأشخاص.
وانما جاءت لتؤسس لعدة مبادئ وقيم تم لظروف متعددة وتصورات ربما خاطئة
تجاهلها لسنوات طويلة.

وهذه المبادئ والقيم. أحسب أنها من الأهمية القصوي بحيث لايجب. تحت أي ظرف. التخلي عنها أو تركها للاهمال مرة أخري.

أولاً جاءت هذه التغييرات لتنهي أكثر من عشرين عاماً من الثبات علي
قمم هذه المؤسسات. ساهمت في جمود الأوضاع. ونزوح الكفاءات من الصحافة
القومية الي الحزبية والخاصة وسيادة أسلوب القيادة الفردية والترويج لتصور
خاطئ بأن أي تغيير يطول قمم هذه المؤسسات سوف يؤدي إلي انهيارها.. مع كل
التقدير والاحترام لجميع تلك القيادات ولدورها.

ثانيا جاءت هذه التغييرات لترسي مبدأ مهما. وهو الفصل بين الإدارة
والتحرير. أي أن يكون منصب رئيس مجلس الإدارة منفصلا عن منصب رئيس
التحرير. بما يتيح تفرغ شاغل كل من المنصبين لمهمته. وتكريس كل جهده لها.
باعتبار أن المؤسسات كانت بعد هذه الفترة الطويلة من الثبات. في حاجة الي
جهد غير عادي. سواء للنهوض بها إداريا ومالياً. أو لتطوير اصداراتها
تحريرياً ومهنيا.

ثالثا جاءت هذه التغييرات أيضا لتؤسس لحكم القانون. سواء في الالتزام
بالسن بالنسبة للقيادات لاتاحة الفرصة أمام أجيال جديدة لديها الطموح
المشروع والقدرة أو في أسلوب الإدارة نفسه. بانهاء الادارة الفردية. وبدء
تفعيل دور التنظيمات الداخلية الشرعية.. مجلس الادارة الجمعية العمومية ..
اللجان النقابية في كل مايتعلق بشئون هذه المؤسسات.

رابعا جاءت هذه التغييرات. ومعها اصرار من ممثل "المالك" : مجلس
الشوري والمجلس الأعلي للصحافة علي ممارسة دوره بأكثر قدر من الفعالية. في
متابعة شئون هذه المؤسسات. ومراجعتها وتوجيهها فيما يحتاج الي مراجعة
وتوجيه. وفي المساعدة علي حل مشاكلها. وتسوية ما قد يحدث داخلها من
خلافات. وهو دور تولاه وتمسك به الاستاذ صفوت الشريف بكل إصرار واقتدار.

ولعلي أضيف إلي هذه المبادئ والقيم ملاحظة شخصية لي علي تلك
التغييرات. خاصة في مؤسساتنا الثلاث الكبري: الجمهورية الأخبار الأهرام
فلقد جئ بثلاث قيادات كانت قد تجاوزت سن الستين بقليل لرئاسة مجالس ادارات
المؤسسات الثلاث في ظل القانون الذي يحدد فترة رئاسة مجلس الادارة ودورة
مجلس الادارة نفسه والجمعية العمومية للمؤسسة بأربع سنوات. ويجعل سن
الخامسة والستين هي سن التقاعد من المنصب.

ربما كان ذلك إدراكا لهذا الجيل الذي كانت تلك فرصته الأخيرة
للاختبار.. وربما كان للاستفادة بخبرته في وقت كانت أوضاع المؤسسات أحوج
ما تكون إلي هذه الخبرة.

لكن الرسالة التي فهمتها شخصياً من هذا الاختيار. غير هذا وذاك. أن
المؤسسات الثلاث في حاجة إلي هذه السنوات الأربع فقط. كفترة انتقالية.
تعيد تنظيمها. وتصحح أوضاعها. وتضعها علي الطريق الذي يمكنها بعده وتحت أي
قيادة أخري. أن تنطلق في الاتجاه الصحيح.

والحمد لله. أن المؤسسات في ظل هذه القيادات لم تتعرض للانهيار.. بل
ولا حتي للاهتزاز. إنما علي العكس من ذلك. تجاوزت بشهادة الأستاذ صفوت
الشريف مصاعبها المالية. وحققت تقدماً وأرباحاً.

وكان الفضل في ذلك. لمجموعة المباديء والقيم التي تم إرساؤها والعمل
بها. وترسخت بالفعل لدرجة أنه حين تم تطبيق قانون السن علي الزميل الكبير
الأستاذ صلاح الغمري رئيس مجلس إدارة الأهرام السابق في منتصف الدورة.
وجيء بخلفه الزميل الكبير الأستاذ مرسي عطا الله رئيس مجلس الإدارة
الحالي. لم يهتز الأهرام.. وإنما استمر في تقدمه وانطلاقه علي ذات الطريق.

من هنا أكرر.. أن هذه المباديء والقيم من الأهمية القصوي لحاضر
الصحافة القومية ومستقبلها. بما يجعلها جديرة بأن نزداد تمسكا بها وإعمالا
لها.

فرصة جديدة.. لجيل طموح

وفي رأيي. فإن التغييرات الصحفية التي أجريت بالأمس في قيادات المؤسسات الصحفية قد أكدت ذلك في نقطتين:

النقطة الأولي تحديد سقف بقاء رؤساء مجالس الإدارة الذين تجاوزوا سن
الخامسة والستين. أو علي وشك تجاوزه وأنا منهم بتاريخ محدد هو 3/7/2009
وهو موعد انتهاء الدورة القانونية "الأربع سنوات" المحددة لرؤساء مجالس
الإدارة أو للمجالس نفسها وللجمعيات العمومية حيث من المقرر أن تتشكل
مجالس وجمعيات جديدة بالاختيار والانتخاب معا وفقا للقانون.

وهي "مواءمة" مقبولة في اطار التزاوج ما بين نصوص القانون وروحه التي
تستلزم الحفاظ علي استقرار المؤسسات. خاصة وأن ما بيننا وبين بداية شهر
يوليو القادم ليس كثيراً.

النقطة الثانية هي "تعميم" مبدأ فصل رئاسة مجلس الإدارة عن رئاسة
التحرير في بقية المؤسسات التي لم يكن قد طبق فيها من قبل. ربما انطلاقا
من أن حجم أعمالها إدارة وتحريراً ليس من الضخامة كالجمهورية والأخبار
والأهرام التي تستحق الفصل والتفرغ.. وربما انتظاراً لنتائج تجربة الفصل
في هذه المؤسسات الثلاث الكبري.

ولأن النتائج ظهرت ايجابية. فقد تم تعميم مبدأ الفصل. وهي خطوة في
الاتجاه الصحيح تماماً يستحق الأستاذ صفوت الشريف عليها كل تقدير. فلقد
أسفرت عن تفرغ رؤساء مجالس الإدارة لعملية الإدارة في وقت تستعد الدولة
فيه لاعادة هيكلة هذه المؤسسات.. وخلقت بالاضافة إلي ذلك عدة فرص في مناصب
رؤساء التحرير بعد فصلها عن الإدارة. تم الدفع اليها بجيل جديد في السن
المثالية لتولي القيادة وهو مابين الأربعين والخمسين. لتكون لديهم فرصة
للخلق والإبداع كل في موقعه.

* * *

أريد أن أصل في الختام. إلي الخلاصة التي هي هدفي من هذا المقال. وأوجزها فيما يلي:

1 لابد من التمسك بتطبيق القانون نصاً وروحاً داخل المؤسسات الصحفية.
وعلي القيادات قبل جموع العاملين. فنحن أحوج مانكون إلي ترسيخ ثقافة
الالتزام بالقانون بعدپسنوات طويلة سابقة. كان "الشخص" فيها هو القانون..
والقانون هو الشخص.

ولا أتردد في الاشارة إلي واقعة واجهتها بعد أسابيع قليلة من تسلمي
رئاسة مجلس إدارة المؤسسة. حين استدعيت أحد مديري المؤسسة. لأسأله قبل أن
أوقع علي أوراق قدمها لي. عن رأي القانون في مضمونها. فإذا بي أسمع منه
اجابة صادمة تقول:

قانون ايه يابيه.. سيادتك هنا القانون. اللي تأمر بيه هوه اللي حيمشي.

ورفضت التوقيع.. وبعدها بأسابيع أقلت المدير وأنهيت تعاقده بالقانون مع المؤسسة وكانت هذه أولي رسائلي إلي كافة العاملين معي.

ولابد أن يكون التزامنا بالقانون في مسألة السن حاسماً.. فطالما هذا القانون قائم. فلابد أن يحترم.

وبوضوح أكثر. ودون استشعار لأي حرج. أقول. انه إذا كان البعض يري أن
سن الخامسة والستين. التي نص عليها القانون كحد أقصي لمد خدمة القيادات في
مواقعها. وكحد أقصي أيضاً لبقية العاملين. فإن السبيل إلي ذلك هو السعي
إلي تعديل القانون وقد سبق أن عدلنا الدستور نفسه مرتين خلال سنتين ورفع
السن بالنسبة للجميع أيضاً. أسوة بما فعله القضاة.. وبما تم منذ أسابيع
بالنسبة للعاملين في جهاز أمني سيادي كان قانونه يمنع البقاء في خدمته بعد
الستين. ويحرمه من خبرات تراكمية هائلة أنفقت مصر علي اعدادها الكثير.

ويمكن لمن يتبني هذا الرأي أن يجد مايدعمه به.. لأنه إذا تم رفع سن
التقاعد بالنسبة لجميع العاملين في الصحافة من صحفيين وإداريين وعمال.
فسوف يستفيد من ذلك مايقرب من أربعين ألفاً. وسوف يستفيد من بينهم خمسون
أو مائة قيادة لا أكثر.

ويمكن تعويض ذلك. بعدم اختيار قيادات فوق الستين إلا في أضيق الحدود.
علي أن تكون الأغلبية مثلما تم في تغييرات الأمس بين الأربعين والخمسين.

أرجو أن تكون رسالتي في هذه النقطة واضحة.. فليس المهم بالنسبة لي هو
السن.. ولكن المهم. أن يكون هناك قانون. وأن يتم الالتزام به. لأن الصحافة
التي من مهامها ترسيخ ثقافة الالتزام بالقوانين لا يجب أن تخرقها.. ومن
يصل في الصحافة إلي موقع القيادة. لابد أن يضرب القدوة بنفسه. وليس مثل
ذلك "الأخ" الذي ظل علي مدي ثلاث سنوات يصدعنا بالحديث عن القانون.
ويتهمنا

كل يوم بمخالفة القانون. فلما ترك سيارته ذات يوم في مكان غير مخصص
للانتظار في واقعة يعرفها كل الصحفيين وجاءه رجال المرور يطلبون منه
الإطلاع علي الرخصة هددهم. فإذا هم يكتشفون أنه يقود سيارته برخصة منتهية
من ثلاث سنوات. أي أنه وهو يتهمنا بمخالفة القانون كان ينتهك القانون
يوميا علي مدي ذات السنوات الثلاث.. فالقانون لا يتجزأ.

2 ليس لنا أن نظل أسري هذا التصور الخاطيء الذي تم الترويج له مدي
سنوات طويلة بهدف منع التغيير. وهو التصور الذي يقول انه لا توجد في
المؤسسات الصحفية القومية عناصر تصلح لتولي المناصب القيادية.

أؤكد أن المؤسسات الصحفية زاخرة بثروات بشرية هائلة يصلح الكثيرون
منها لرئاسة مجالس الإدارة ورئاسة التحرير.. ولعل تجربة تغييرات 2005 قد
أثبتت صدق هذه الحقيقة.

بل ربما يكون من بين هذه العناصر. من يثبت إذا ما تولي موقع المسئولية أنه أفضل منا.

وأعتقد أن من مسئوليات المجلس الأعلي للصحافة. أن يتيح فرص التدريب
علي القيادة. إدارة وتحريرا. لأكبر عدد ممكن من العناصر. وأن يضعها تحت
المنظار لتكون رصيده عند أي اختيار.

ثم أن الدور المتزايد لمجالس الإدارة والجمعيات العمومية. ورقابة
الجهاز المركزي للمحاسبات.. والدور النشط للمجلس الأعلي للصحافة ورئيسه
تشكل كلها دعائم "حماية" لأي قيادة جديدة. وتصويبا لمسارها في أي وقت
يتطلب ذلك.

وأخيرا. فإن أمام الصحافة المصرية عامة. والقومية خاصة تحديات
هائلة.. مالية ومهنية وادارية. تحتاج الي تضافر كل الجهود من أجل
مواجهتها.