..وماذا بعد؟!خالد إمام

..وماذا بعد؟!
أتفق وأختلف .. مع الحكومة
"طابا" جديرة بأن نحتفل بتحريرها
فلماذا المدارس والجامعات .. فقط؟
خالد إمام
E-mail:khaled@almessa.net.eg


بكل الصدق والصراحة والوضوح.. فإنني أتفق مع الحكومة وأختلف فيما ذهبت إليه للاحتفال بذكري عودة طابا.


أتفق مع الحكومة في جعل يوم 19 مارس من كل عام عيداً وطنياً وإجازة بمناسبة تحرير طابا.


وأختلف معها وبشدة في أمرين.. الأول: قصر الإجازة علي المدارس
والجامعات فقط. والثاني: المبرر الذي ساقته لهذا القصر وهو أن يظل
التلاميذ والطلاب يتذكرون هذه الذكري لبث روح الانتماء فيهم.

* * *


أتفق مع الحكومة.. لأن طابا في حد ذاتها جديرة بأن نحتفل بتحريرها.. فهي في الأول والآخر أرض مصرية عادت إلي أحضان الأم.


وأختلف مع الحكومة لأن قصر الإجازة علي صروح العلم فقط يقلل من شأن
المناسبة الكبيرة.. وكان الواجب أن يكون اليوم إجازة رسمية بالدولة كلها.

كما أن المبرر لهذا القصر ليس منطقياً ولا مستساغاً.. فكيف يستوعب الطالب الذكري ويتدبرها وهو في إجازة يلهو ويلعب أو ينام؟


وبصراحة أكثر: هل يتدبر المواطن سواء كان طالباً أو موظفاً أو عاملاً
أو غيره أي ذكري يحصل فيها علي إجازة ابتداء من الأعياد الدينية إلي
المناسبات القومية؟

الإجابة معروفة.. ولا داعي من إحراج حكومتنا الذكية!


* * *


أتفق مع الحكومة.. لأن عودة طابا كانت ملحمة كبيرة بكل ما تحمل الكلمة من معني.


ملحمة تؤكد أننا أصحاب حق.. ولا يضيع حق وراءه مطالب.. وقد كان.


ملحمة تجسد إصرارنا علي تحرير كامل ترابنا المقدس.. وقد كان.


ملحمة تمثل الأسلوب العلمي المتخصص الذي انتهجه فريق عمل متكامل من
العسكريين والمدنيين وأساتذة التاريخ والجغرافيا وبرعاية وإشراف كاملين من
القائد الأعلي الرئيس حسني مبارك شخصياً.

ملحمة تكشف بجلاء العبقرية المصرية في إثبات حقوقنا في طابا أمام
المحكمة الدولية وبشتي الوسائل من وثائق جغرافية وتاريخية ونقطة حدود
وغيرها.

* * *


قد يقول قائل: وهل تستحق طابا التي لا تزيد مساحتها علي كيلو متر مربع كل هذا الجهد والضجة؟


وأرد عليه ببساطة شديدة جداً: حتي لو كانت ذرة رمل واحدة وليست كيلو متراً واحداً.. فإن إعادتها تستحق آلاف الشهداء.


يا أخي.. إن عبقرية القيادة المصرية المؤمنة بربها. المخلصة لوطنها.. استعادت الأرض المحتلة بكافة الطرق الممكنة وغير الممكنة.


استعدنا خط القناة علي الضفة الشرقية كاملاً بالحرب التي لم يكن منها
مفر وضحينا من أجل ذلك بمئات الشهداء وآلاف الجرحي ومليارات الجنيهات..
وهي مناسبة غالية نحتفل بها في 6 أكتوبر من كل عام.

.. واستعدنا كل سيناء ما عدا طابا بالتفاوض السلمي الشاق مع عدو يطمع
في كل ما في يد الغير.. عدو لا يفرط في أي شيء يستولي عليه إلا بخلع
الضرس.. وهي ملحمة أخري تتجسد في 25 أبريل من كل عام.

.. وأخيراً.. انتزعنا طابا من بين مخالب وأنياب العدو بالتحكيم
الدولي يوم 19 مارس 1989 بعد ماراثون شاق آخر لا يقدر عليه سوي الأشداء
الذين يحملون رءوسهم فوق أكُفهم.

يا أخي.. لقد أثبتنا للعالمين أننا أقوياء.. وأقوياء جداً.. حرباً. وسلماً.. معارك. وتفاوضاً. وتحكيماً دولياً.


* * *


وأختلف مع الحكومة.. وأقول إذا كانت تستهدف المبرر الذي ساقته فعلاً
فكان الأولي ألا يكون اليوم إجازة للطلبة.. بل دراسة ويخصص لشرح وتوضيح كل
ظروف وملابسات قضية طابا منذ استيلاء إسرائيل عليها ثم محاولة سرقتها حتي
استعادتها بالتحكيم.

أعتقد أن هذا أفيد وأوقع.


وحتماً.. حتماً سوف يبث روح الانتماء الوطني فعلاً لدي كل الأجيال التي لم تعاصر تحرير طابا.


* * *


وفي هذه المناسبة التي احتفلنا بها أمس أقف تحية إكبار وإعزاز للرئيس
حسني مبارك الذي تابع ووجه فريق العمل المصري بالمحكمة الدولية.

أهنئ المشير حسين طنطاوي القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع
والإنتاج الحربي. والفريق سامي عنان رئيس أركان حرب القوات المسلحة. وكافة
قادة الأفرع الرئيسية. واللواء محمد هاني متولي محافظ جنوب سيناء.. أهنئ
أيضاً كل قائد وضابط وصف وجندي له شرف الانتماء لقواتنا المسلحة.

أحيي فريق العمل المصري من العسكريين والمدنيين أعضاء لجنة تحكيم
طابا.. الذين هم علي قيد الحياة منهم أمد الله في أعمارهم أو الذين رحلوا
عن عالمنا تاركين أعظم "بصمة" في سجلهم المشرف.

وأدعو الله سبحانه وتعالي.. أن يرحم شهداءنا. ويحمي بلادنا. ويعيد
علينا المناسبة والمناسبات المثيلة ونحن دائماً في عزة. ومنعة. وقوة.

اللهم آمين.