ولكم في غنيم ومركزه‏..!!‏يكتبه ـ عبدالعظــيم درويش

من طرف المريخى السبت مارس 21, 2009 10:06 am

تعليق
يكتبه ـ عبدالعظــيم درويش

ولكم في غنيم ومركزه‏..!!‏

كأنه طوق للنجاة ألقي إليهم لينتشلهم من بين أمواج اليأس‏..‏ الإحباط‏..‏ الألم‏..‏ والصراخ‏..!!‏

كأنه
أجراس للكنائس‏..‏ وأذان للمساجد تنبه المؤمنين برحمة الله ومن لا يزال
يعي تعبير الإنسانية إلي تلك المأساة التي يعانونها‏..!!‏ فعندما ينطق
الطبيب بتشخيص حالة أحدهم يبدو المشهد وكأن الطبيب ينزع غطاء قلمه ليوقع
به شهادة وفاة من لا يزال يقف أمامه يحاول جاهدا أن يجبر رئتيه علي أن
تفتح لالتقاط أنفاس تتقاطع معها كلمات سؤال يرتعش علي شفتيه‏:‏ ألا يزال
هناك أمل؟‏!!‏

أطفال في عمر زهور امتص المرض رحيقها فجفت وذبلت‏..‏
شيوخ لم يرحم المرض سنهم فراح يتآمر مع الزمن علي البقية الباقية من
أعمارهم‏..‏شباب انكمشت أجسادهم وحفرت علي وجوههم خطوط من المعاناة
أكسبتهم عشرات من السنوات حتي بدوا وكأنهم كهول‏..!!‏

أتحدث عن طوق
النجاة الذي ألقي به العلماء المشاركون في مؤتمر نقل الأعضاء الذي نظمه
مجمع البحوث الإسلامية في ختام اجتماعاتهم قبل نحو‏10‏ أيام إذ أعلنوا
صراحة اعترافهم باعتبار موت جذع المخ أو موت الدماغ أو ما يسمي الموت
الإكلينيكي موتا حقيقيا مع إباحة الحصول علي أعضاء جسده ونقلها لإنسان
مريض‏.‏

عشرات الآلاف من الأبرياء فرضت عليهم الإقامة الجبرية بين
جدران مستشفي أو علي سرير المرض في منازلهم ـ إن وجدت ـ يستسلم البعض منهم
لطلقات الإبر وهي تغرس في سواعدهم وهم مرضي الفشل الكلوي وبينهم ما كان
يطلق عليهم الزهور البريئة‏..‏ أما البعض الآخر إما أن يكون قد افترسته
الآلام أو سقط في بئر الإحباط واليأس بعد أن تمرد كبده وآثر الفشل هو
الآخر بعد أن قرر الفتك به‏..‏ وعشرات المئات ممن لم تحتمل قلوبهم قسوة
الحياة وغيرهم ممن تعتمت عدسة عيناه ويأمل في بصيص من نور‏!!‏

أبرياء
كل ذنبهم أن كلاهم وأكبادهم وقلوبهم وبقية أعضاء أجسادهم لم تحتمل ـ مثل
غيرهم ـ تلوثا يلفهم من كل جانب‏..‏ مياها شربوها ملوثة بالصرف الصحي قيل
لهم أنها أنقي مياه‏..‏ أكلوا طعاما زرع فيه مافيا الفساد والمبيدات غول
السرطان وراحوا يتشدقون باعتزامهم تحقيق الاكتفاء الذاتي من الحاصلات
الزراعية ولم تمتد إليهم ـ حتي الآن ـ أيدي الثأر منهم علي ما ارتكبوه من
جرائم في حق هؤلاء الأبرياء‏!!‏

إعلان العلماء جاء أشبه برصاصة
انتقام أطلقها هؤلاء الأفاضل علي جمجمة البعض ممن دفنوا ضمائرهم ـ ورفضوا
حتي فكرة إحياء ذكراها سنويا ـ فتحالفوا مع الشيطان ولم يجدوا سوي مواطنين
أكلتهم الحاجة ليتاجروا بأعضائهم سواء برغبتهم أو دون معرفتهم‏!!.‏ وقلة
أخري من أطباء يرون أن نقل الأعضاء سيوقف تدفق آلاف الجنيهات في جيوبهم
بعد أن يفرغ عياداتهم ومراكزهم الطبية من ضحايا يجري ابتزازهم‏!!.‏

وإذا
كان البعض يبدي تخوفا من أن إصدار تشريع يجيز نقل الأعضاء من الموتي ربما
يفتح الباب أمام تحويل بعض المستشفيات إلي مجازر لعشرات الآلاف من
الأبرياء لانتزاع أعضاء من أجسادهم التي لا تزال تنبض بالحياة فإن الأمر
يستلزم إسناد مهمة إعلان وفاة مواطن إلي لجنة من الأطباء الثقاة وقصر
عمليات نقل الأعضاء علي مراكز يكفي مجرد نطق اسمها لتتجسد معاني الاحترام
والمهنية‏..‏ ولكم في الجنرال غنيم وكتيبته من الأطباء المقاتلين في مركز
الكلي بالمنصورة الأسوة الحسنة‏!!‏

‏azimdarwish@ahram.org.eg