دولة المقاومة.. الإخوان وحزب الله! الديكتاتورية سلاح الأحزاب الدينية بقلم: محمد علي إبراهيم

مصر المستقبل
بقلم: محمد علي إبراهيم
دولة المقاومة.. الإخوان وحزب الله!
الديكتاتورية سلاح الأحزاب الدينية

استوقفني هذا الأسبوع تصريحان مهمان..
الأول أدلي به محمد رعد رئيس كتلة الوفاء للمقاومة ورئيس المجموعة
البرلمانية لحزب الله في مجلس النواب اللبناني.. والثاني صدر عن الشيخ
مهدي عاكف المرشد العام للإخوان المسلمين في القاهرة.

التزامن في الإدلاء بالتصريحات يعكس دلالات هامة لا تغيب عن فطنة
القارئ.. الإخوان في مصر يستعدون للانتخابات ومثلهم حزب الله في لبنان..
الانتخابات اللبنانية في يونيو القادم والانتخابات التشريعية البرلمانية
في مصر عام ..2010 لكن خروج التصريحات المتشابهة من رعد وعاكف يدل علي أن
الدولة الدينية قادمة وأن التجهيز لها يتم في العلن بعد أن كان في الخفاء.

في مصر صرح مهدي عاكف لصحفي تركي بقوله إن كل الحكام العرب يحاربون
المقاومة باستثناء سوريا التي تحتضن رموز المقاومة مؤكداً أن النظم
العربية فضائح وأشار إلي أن ما قاله العالم عن مصر في غاية السوء!!

نوه عاكف بالدور التركي وقال إن أنقرة مقر الخلافة الإسلامية وامتدح
إيران مشيراً إلي أنها تقف في وجه أعتي بلاد العالم "أمريكا" وهو ما لم
يفعله أي بلد عربي أو إسلامي.. وقال إن واقع ومصلحة الأمة الإسلامية هي
مهمتنا الأولي!! ويلاحظ القارئ العزيز أن عاكف لم يشر من قريب أو بعيد
للعالم العربي.. النموذج الأمثل عنده تركي أو إيراني وهذا له معني خطير
ليس فقط في أنه ليس هناك مانع في أن يتولي أتراك أو إيرانيون الحكم ولكن
معناه الأخطر سأشرحه بعد ذلك.

أجئ لتصريحات محمد رعد التي أطلقها الأسبوع الماضي وحدد فيها ملامح
الدولة اللبنانية وفقاً لرؤية المعارضة حيث قال إن دولة المعارضة هي دولة
"المقاومة"!! وأعتقد أنني كتبت طويلاً عن هذا المفهوم في سلسلة مقالات
شرحت فيها الفرق بين المعارضة والمقاومة والدولة.. قال رعد "إذا كان لنا
خيار بين مشروع الاستسلام الذي يطرح تحت عنوان السلام.. ومشروع المقاومة
التي تحفظ الكرامة فنحن مع مشروع المقاومة" وتحدث النائب اللبناني أيضا عن
ضرورة وجود قرار سياسي داخلي لحماية المقاومة و"نتفهم ضرورة لبنان وحاجته
لهذا الخيار" مشيراً إلي أن حزب الله أو المعارضة يحتاجون إلي حكومة شجاعة
تدرك أن الخطر الأساسي علي لبنان هو الخطر الصهيوني.

ثم يعود صاحبنا رعد ويقول في تصريحاته التي نقلتها صحيفة "الشرق
الأوسط" ليؤكد أن حزب الله يرفض حكومة تنساق وراء المنهزمين في المنطقة
العربية الذين يسعون للحصول علي السلام مع إسرائيل"! وهنا لابد أن تسأل من
هم هؤلاء المنهزمون؟!

تصريحات رعد تشبه إلي حد كبير التصريحات التي أدلي بها عاكف عن
استعداده لارسال 10 آلاف مقاتل كما أنه أعلن أكثر من مرة رفضه للسلام مع
إسرائيل بالإضافة إلي التحريض علي "الجهاد" في أوساط شباب الجامعات
والمعاهد العليا الأمر الذي أدي إلي اقتناع كثير من أبنائنا بذلك واعلانهم
عن الرغبة في الشهادة التي زينها لهم مرشد الإخوان.

خطورة الكلام الذي قاله مرشد الإخوان عن عظمة من يؤيدون المقاومة
وتحقير النظم العربية التي لا تدعمها خطير جدا كما قلت في المقدمة.. سبب
خطورته أن دولنا العربية خصوصا مصر ولبنان إذا ما تحولت إلي دولة مقاومة
فإنها في هذه الحالة ستتحول إلي دولة متسولة تغامر وتقامر وتطلب من دول
الخليج العربية الإنفاق علينا.. وطبعا دول الخليج لديها مقومات أهم تسعي
وراءها.. فهي تجتهد مثل كل الدول العالمية للخروج من قبضة أزمة دولية تعصف
بالجميع.. هناك أولويات لدول الخليج مثل التعليم وتحسين الرعاية الصحية
وخلق وظائف للشباب.. من أجل هذا كله يجب أن يعلم مرشد الإخوان ونائب حزب
الله أننا في وقت لا يستعد فيه أحد للإنفاق علي مغامرين بجيوب الآخرين..
يقول حسن نصر الله عن الأموال الإيرانية انها أموال طاهرة. فلماذا إذن كان
هناك عراك حول الأموال السعودية؟ والسؤال الأهم من ذلك هل ستظل إيران علي
سخائها مع حركات المقاومة في ظل الأزمة المالية العالمية. أم أنها ستجرب
الاغارة علي دول الخليج وتخصيص أموال بترولها للانفاق علي حركات
المقاومة.. وساعتها فقط ستكون أموالا طاهرة!

لقد أعلن مهدي عاكف في مصر أكثر من مرة تأييده للمقاومة وهو تأييد
نشاركه فيه. لكن إذا كان يريد الاشتغال بالسياسة فعليه أن يقدم رؤية
اقتصادية للخروج من الأزمة المالية الحالية تختلف عن رؤية الحكومة.

ان ما يقوله مهدي عاكف في مصر ومحمد رعد في لبنان يضع الشعوب العربية
أمام قضية رئيسية وعاجلة هل المطلوب الآن اقتصاد فعال له دعائم قوية أم
حروب جديدة؟ هل المطلوب اقتصاد حقيقي يوظف الشباب ويصدر المنتجات وينفتح
علي العالم أم المطلوب اقتصاد حرب يتلقي المعونات وينصرف المواطنون لتخزين
الطعام والانتظار حتي تجيء لحظة القضاء علي إسرائيل. ولايهم أن يكون العرب
موجودين للاحتفال بالنصر أم أنهم سيكونون من الشعوب المنقرضة؟