أخطبوط الشر

أخطبوط الشر

حقا.. قسوة ذوي القربي أشد مرارة وغضاضة
علي النفس.. تناسي "العم" المثل الشائع بين أهل الريف وأولاد البلد
بالمناطق الشعبية "أنا وأخويا علي ابن عمي وأنا وابن عمي علي الغريب"..
مزق صلة القربي بأسنانه وراح ينفث سموم الحقد والكراهية لما حققه شقيقه
الأكبر من امتلاكه أرضاً زراعية بالصبر والكد والعرق وحول حياة أولاده إلي
حياة التشتت والضياع صاروا يتبادلون المحاضر والاتهامات الكيدية بين أقسام
الشرطة والنيابة العامة ومن حولهم راح أهل القرية يتندرون من بشاعة أطماع
العم الذي تناسي رابطة الدم والعزوة العائلية لأطماعه الشيطانية ليصدق
القول في حقه "اتق شر من أحسنت إليه"!!

البداية


* تفتحت أعين أولاد شقيقه الأربعة منذ سنوات علي والدهم المزارع
البسيط الحال كرس حياته في زراعة قطعة أرض زراعية لا تتعدي مساحتها نصف
فدان ليشبع من العائد لحصادها بطون أولاده.. ومرت السنون ترعرعوا وكبروا
بين أحضان أبوته ورعايته.. التفوا حوله بسواعدهم القوية بكل جد واجتهاد
لمعاونته في بذر البذور في باطن الأرض يتسابقون بكل رضا وفرحة وقبول علي
ريها بالكد والعرق لمواجهة أعباء الحياة.. ولحرص الأب دائما علي الاستجابة
وتحقيق كافة متطلبات أولاده انطلق بجانب زراعته المحدودة المساحة في اعداد
مشروع لتربية الماشية.. وذاع صيته في الأسواق بالأمانة والشهامة وتعامله
مع التجار والجزارين بطبيعته السمحة وفطرته الريفية واتسعت تجارته علي مدي
سنوات محدودة وتحقق له حلم حياته من الربح الوفير لتجارته في شراء أراض
زراعية عشقه الأول والأخير لتأمين مستقبل أولاده حتي أصبح يمتلك مساحة
أربعة أفدنة وعشرين قيراطا ويحمد الله علي الرضا والستر.

عيون الحاقدين!


* لم يكن يدري بأن عيون الحاقدين الحاسدين ترصد نجاحه وتتربص به من
أقرب الناس إلي قلبه شقيقه الأصغر يعيش حياة اللامبالاة واعتاد التقاعس في
السعي وراء لقمة العيش واعتاد أولاده العمل بالأجر اليومي لدي بعض أصحاب
الأراضي الزراعية بالقرية.. فوجيء بشقيقه الأصغر وقد قدم بابتسامة الغش
والخداع وبدموع التماسيح راح يهمس في أذنيه بمد يد العون له في زراعة قطعة
أرض لحسابه من أرضه التي اتسعت مساحتها.. وبطيبة الشقيق الأكبر وأخلاقه
التي جبلت علي فعل الخير لمن حوله وفك كربات الناس لم يتردد لحظة واحدة
واستجاب لمطلبه بكل الوفاء وترك له بالمودة والمحبة العشرين قيراطا
لزراعتها لحسابه بدون ايجار علي أمل أن ينعدل حاله!!

شيطان الطمع!!


* وفجأة.. اختطف الموت الأب وودع فيه أولاده والأهل الطيبين وحسن
الرعاية الأبوية.. وبعد فترة الحداد بأسابيع اتخذ أولاده اجراءات اعلام
الوراثة لفرز وتجنب حصة كل منهما لتستقر بهم الأمور وتسير سفينة الحياة
وسط الأمواج هادئة ومستقرة بما غرسه والدهم في قلوبهم من المحبة والمودة
والترابط العائلي بين الأشقاء في زراعة الأرض المورثة والتجارة في رءوس
الماشية.

* وجاء اليوم الذي هبت فيه رياح الغدر والقسوة من "العم" طلبوا منه
في هدوء ترك الأرض العشرين قيراط لتدوينها في أوراق الميراث.. كشر عن
أنيابه ونهرهم بغلظة ورفض مطلبهم وراح يختال في كبرياء بأن الأرض هبة من
والدهم.. احتدم النقاش بينهم وأسرع كبار العائلة بعقد مجلس عرفي لاحتواء
النزاع بين أولاد العم.. وعندما أصر علي الرفض وعدم الاستجابة والرضوخ
لنصائح أهل الخير بالمجلس.. أبدي أولاد شقيقه الورثة برغبتهم واصرارهم علي
دوام الترابط العائلي معه لكونه بمثابة الأب خلفا لوالدهم وعرضوا عليه بكل
محبة بيعها له بأبخس الأثمان.. ولكن شيطان الطمع تربع في قلبه والجشع أعمي
بصيرته وتمادي في التعنت والاصرار علي الرفض وراح الحاضرون بالمجلس
يتندرون من جبروته وجشعه وأطماعه لم يجد أولادة شقيقه المقهورون أمام قسوة
وجبروت العم وغياب ضميره سوي أن يحرروا ضده محضرا بالشرطة بالواقعة
الانسانية واسترداد أرضهم المسلوبة من بين مخالب الجشع الطماع وقدموا
الأوراق والمستندات بملكية الأرض لوالدهم من واقع دفاتر الجمعية الزراعية.

تهديد بالسلاح!


* وما أن استدعت الشرطة العم المراوغ لسماع أقواله في التحقيقات.. كشر
عن أنيابه وانطلق وأولاده في جنح الظلام إلي مسكن أولاد العم وراحوا
يهددونهم باطلاق وابل من الأعيرة النارية واشهار السنج والشوم في وجوههم
وهددهم العم بعدم رد شبر واحد من الأرض إليهم!!

وحرر المعتدي عليهم محضرا آخر بالشرطة بواقعة التهديد ممن كان يجب أن يكون لهم السند والعزوة أمام العائلات الأخري.


أحيل المحضر إلي النيابة العامة التي توالي التحقيق وسماع شهود الواقعة.