شقة الرعب!!

شقة الرعب!!

* أصبحت لا تدري حتي الآن كيف أوقعها سوء
الحظ في اختيار مسكن التعاسة والشقاء والفزع والرعب بين جدران شقة تمليك
صارت جدرانها تصرخ من قسوة وجبروت جار الشر والسوء.. لم تشفع لديه عشرة
السنوات لا يمنع شروره وازع من دين تناسي حقوق الجوار التي حث عليها
الرسول عليه الصلاة والسلام عندما قال: "مازال جبريل يوصيني بالجار حتي
ظننت أنه سيورثه" صارت لعنته تطاردها ليل نهار حتي في كوابيس أحلامها..
ليصدق المثل الشائع "اختار الجار قبل الدار"!!

* ولدت وعاشت وسط حياة أسرية هادئة ومستقرة بأحد الأحياء الشعبية..
تعلمت أن تعتمد علي نفسها منذ طفولتها حتي بعدما كبرت وترعرعت وبدأ
العرسان يدقون باب أسرتها قررت أن تختار الرجل الطموح الذي يمتلك القدرة
علي التعامل مع الظروف الصعبة ومواجهة عواصف الحياة.

لقاء فتي الأحلام!


* وكانت الصدفة وحدها منذ حوالي عشرين عاما وراء لقائها بفتي أحلامها
خلال حضورها حفل عرس أحد أقاربها بقاعة احياء الحفلات بأحد الفنادق الكبري
وسط العاصمة شاب وسيم يرتدي الملابس الأنيقة تبادلا نظرات الاعجاب
والارتياح.. وسرعان ما راح يطلب الزواج منها من أحد أقاربها الذي اصطحبه
إلي مسكن أسرتها المتواضع وقوبل بكل الرضا والقبول.

* وملأت الفرحة العارمة قلبها واستجابت لمطلب العريس واصطحبته إلي
احدي الدول الأوروبية بالقرب من مكان عمله هناك ليعيشا الحياة الوردية
والسعادة الزوجية علي مدي سنوات التحقت خلالها في أعمال الديكورات
بالمعارض والمساكن والمتاجر.

* وسارت سفينة الحياة الزوجية بهما هادئة ومستقرة وأنجبا ثلاثة أطفال
صاروا في عمر الزهور.. وادخرت من عملها مبلغا من المال وعادت بحصاد سنوات
الكد والصبر والمثابرة بتحويشة العمر ولأحضان الشوق والحنان للأهل
والأحباب بعد طول غياب دام حوالي عشر سنوات وسط دموع الغربة القاسية.

شقة الرعب!


* وانطلقت للسعي والبحث عن مسكن حياتها الأسرية بعدما عقدت النية علي
حياة الاستقرار والأمن والأمان بين الأهل والعشيرة واستقر بها المطاف بين
يدي قريب لوالدتها أرشدها علي شقة تملك واستجابت لمطلب صاحبها ودفعت له
كامل الثمن وحرر لها عقد البيع باسم أولادها القصر تلبية لرغبتها وتحت
ولايتها.

واستقرت وفلذات كبدها بين جدران الشقة صمام الأمن والأمان لحياتها
الأسرية.. واعتاد زوجها السفر إلي الخارج لمباشرة أعماله والتردد بصفة
منتظمة ومتقاربة لزيارة أسرته.

جمعتها والجيران مشاعر المودة والمحبة والعشرة الطيبة.. لكنها اعتادت
الابتعاد عن الشر بشتي الطرق.. هذا الشر يتمثل في جارها الذي يقيم وأسرته
في شقة مواجهة لمسكنها اعتاد اثارة المشاكل والمشاحنات اليومية مع السكان
في كل كبيرة وصغيرة سواء تتعلق بالجيرة وسداد استهلاك المياه والكهرباء.

متاعب جار السوء!


* ولكن ماذا تفعل عندما يسعي إليها الشر بأقدامه فوجئت برياح الشر وقد
هبت حول حياتها المستقرة من كل اتجاه.. اعتاد أولاد الجار الشبان دق باب
شقتها ليل نهار.. أثاروا الفزع والرعب في قلبها وأطفالها.. وعندما واجهته
في هدوء كشر عن أنيابه وانهال عليها بالسب بألفاظ نابية وتمادي بجبروته
بالاعتداء عليها بالضرب المبرح علي مرأي ومسمع من السكان والجيران مستغلا
ضعفها وقلة حيلتها وغياب زوجها في عمله بالخارج.

حررت ضده محضرا بقسم الشرطة وتقريرا طبيا حول الكدمات والسحجات
الجسيمة بجسدها.. وأمرت النيابة باحالة الجار المفتري لمحاكمة عاجلة أمام
محكمة الجنح التي قضت بمعاقبته بالحبس لمدة ثلاثة أشهر عما اقترفته يداه
من قسوة وغياب الضمير والبلطجة.

استأنف المحكوم عليه الحكم.. وهنا تدخل الخيران خشية بطشه ورضخت
لمطلبهم في التصالح وبالفعل تنازلت وقضت المحكمة ببراءة المتهم للتصالح.

اعتقدت بأن الاستقرار والهدوء عاد لحياتها وأسرتها ولكن قد تأتي
الرياح بما لا تشتهي السفن تمادي الجار في شروره واثارة الرعب في قلبها
وأعلنها صراحة في وجهها برغبته في طردها وشراء الشقة لزواج أحد أولاده..
ووقفت تحملق في ذهول لا تدري ماذا تفعل مع جار الشر والسوء الذي فاق
جبروته كل احتمال.