"الحلوة" أكلت عقله

"الحلوة" أكلت عقله

كان "عبده" يبدو بائساً.. يائساً وهو
يودع زوجته علي باب المطار. قبل أن يقلع بالطائرة إلي بلاد الخليج. حتي
انه كان قاب قوسين أو أدني من الغاء السفر. والعودة معها إلي البيت.

قال لها: "مش متصور اني أبعد عنك ولو ليوم واحد".


شجعته.. قالت ضاحكة: "مش قوي كده"..


وأضافت: لا تنسي انك في مهمة "قومية" بالنسبة لي وللأولاد.. ويا سيدي كلها كام شهر وترسل تستقدمنا إليك. بعد أن "تترسق" أمورك.


لكن الرجل مسح دموعه بعد أن خرج من المجال الجوي المصري. ذهب وقال
"عدوّلي".. وأخيراً وبعد أن زادت الضغوط عليه وأصبح موقفه "بايخ"
و"مكشوف". أرسل لها التأشيرة لتجد امرأة أخري قد "احتلت" قلبه و"جيبه"..
ولتفسد أخلاقه.. وحياته كلها..

وهذه هي الحكاية..


كان عبدالقادر شاباً عصامياً. بدأ حياته من تحت الصفر بمراحل. لكنه
كان بشوشاً متفائلاً بالمستقبل. حتي ان من لا يعرفه.. يحسده. ويظنه خالي
البال. أو ميسور الحال.

بهذه الشخصية اللطيفة. نجح في اقتحام قلب زميلته "سميرة" بدون تخطيط
أو سبق اصرار وترصد. فالرجل كان بحساباته يعرف أن مسألة الحب والزواج ليست
لها سنتيمتر واحد في قلبه.

في البداية كانت بينهما علاقة زمالة مميزة. لم تكن تنفرد به أو تخصه
بشيء أكبر من الآخرين. اللهم إلا انها كانت تجد راحة في الحديث معه. ويكون
قلبها "مفتوحاً" عندما تكون معه.

هذه الأوقات "المميزة". جعلت بينهما ألفة تحولت إلي حب. لم يصرح به اللسان. لكن تفضحه العيون واللهفة عند اللقاء.


الصعلوك والملوك


من جانبه.. كان يتمني لو يصارحها بحبه. لكنه كان يخشي أن يكون مصيره
الرفض. وهو يري الطامحون إليها بالعشرات. وأقلهم أفضل منه.. فماذا يفعل
"الصعلوك وسط الملوك"؟!!.

لكن "القلب وما يريد". كانت قد وقعت في غرامه. ولأنها أدركت "عقدته".
وانه لن يجرؤ علي أن يفاتحها بما يجيش في قلبه. فقد فتحت له الباب. ومهدت
له الطريق حتي تصبح مهمته سهلة.

قال لها: "بس أنا فين وأنت فين".


ضحكت.. قالت: "يا عم انت اللي لسه عايش في زمن مسرحيات فؤاد المهندس وشويكار".. خليك جريء وجمّد قلبك.. وستجد كل شيء تمام.


لم تكن أسرة فتاة أحلامه واسعة الثراء. لكنها علي الأقل أكثر يساراً
منه. ثم إن ابنتهم يتصارع عليها عرسان "جاهزين". فلماذا "الشحططة" مع واحد
"تحت الصفر"؟!.

لكنها كانت قد اختارته وحسمت أمرها.. وأغلقت باب المناقشة.


رمال حمراء


كانت بالفعل عند وعدها له. وكانت الأرض التي يسير عليها إلي قلبها مفروشة بالرمال الحمراء.


بعد الزواج.. انتقل عبدالقادر إلي حياة أفضل. لكن أكثر ما كان يضايقه
تلك التلميحات السخيفة لزملائه "الحاقدين" عليه. فكلما ظهرت عليه آثار
نعمة أسدته له عائلة زوجته. قالوا له: "طبعاً يا عم.. من جاور السعيد
يسعد".. صحيح أن زوجته وأسرتها كانوا يعاملونه بود واحترام. لكن كلمات
زملائه الساخرة صنعت شرخاً في قلبه. وجعلته يتمني لو استطاع أن يستقل
بنفسه. ويصبح هو "رب الأسرة" الحقيقي. بدون أي دعم خارجي.

وجاءته الفرصة.. عقد عمل مجز في دولة خليجية.. لكنه كانت تتنازعه
مشاعر متضاربة. من ناحية لا يريد أن يبتعد عن زوجته وأولاده. ومن ناحية
أخري كانت تدفعه رغبة جارفة في أن يصبح "رقم واحد" في البيت. وهي المنزلة
التي احتلتها زوجته. بحكم فضل أسرتها عليه.

وانتصرت الرغبة في اثبات الذات. والخروج من دائرة التبعية.. من جانبها.. شجعته زوجته. من أجل توفير مستقبل أفضل لأولادها.


رقابة


بعيداً عن رقابة الأسرة.. كان "عبدالقادر" مثل المارد الذي خرج من
"قمقم" كان محبوساً فيه منذ 5 آلاف عام. ويريد أن "يشبع" من الحرية
والانطلاق بغير قيود.. بهرته الحياة الجديدة بفخامتها وثرائها. ولم يمض
وقت طويل حتي غرق في ملذاتها حتي أذنيه!!

لم يعد الرجل ملهوفاً علي أسرته. توقف تقريباً علي "الدردشة" مع
زوجته عبر "الماسنجر". قال لها انه يعود إلي البيت منهكاً. فيلقي بجسده
علي الفراش مثل "الحمار". ولا يفيق إلا في صباح اليوم التالي.

قالت له: الله يكون في عونك.


مر عام واثنان وثلاثة.. والزوج متقاعس عن ارسال تأشيرة للزوجة
والأولاد. كان يكتفي بالأجازة السنوية التي يقضيها معهم. بحجة أن تكاليف
الحياة هناك مرتفعة جداً. وإذا اصطحبهم فسوف تكون الغربة "بلا فائدة".

بعد عدة سنوات.. لم تستطع الزوجة الاستمرار في هذا الوضع الغريب.. قالت له: "يا تيجي.. يا نروح لك".


رضخ أخيراً.. قال: "مفيش فايدة" وأرسل يستدعيها هي والأولاد.


هناك.. اكتشفت أن زوجها تربطه علاقة خاصة جداً بأسرة مصرية.. ربما كان
من الطبيعي أن يلوذ المرء في القرية ببني جلدته. لكن كانت زوجة صديقه
"واخدة عليه" أكثر من اللازم.. وهذا ما أثار حفيظتها. وجعل الظنون تأخذ
برأسها شمالاً ويميناً!!

علاقة باردة


باختصار: لم يكن هو نفسه الرجل الذي كان "يموت" فيها.. أصبح شخصاً
آخر. علاقته بها باردة كماء الصنبور في "طوبة".. في البداية قالت لنفسها:
لعلها سنوات الغربة والانفصال الروحي والجسدي. هي التي فعلت به ذلك.
وجعلته يعتاد علي عدم وجودها. أو لعل مشاعره "تبلدت" بعد ما تركها في
الثلاجة عدة سنوات..

لكن: لماذا تكون مشاعره "ملتهبة" وتنتفخ "أوداجه" من الضحك والسعادة
عندما يلتقي المرأة الأخري. التي يخرج معها في مهام كثيرة تخصها. لأن
زوجها مشغول؟!!

الأهم.. اكتشافها ان عمل زوجها لا يستغرق كل وقته. ولا يعود منه مرهقاً لينام كالحمار.. إذن "إيه الحكاية"؟!


حاولت "س" جاهدة أن تبعده عن "الأفعي". التي أكلت عقله و"خربت" بيته.
فقد كان ينفق عليها ببذخ.. فجأة.. قال لها انه سيعود إلي مصر مضطراً. فقد
أنهت الشركة عقده.. فرحت بالخبر الذي سيبعده مرغماً عن المرأة
"الألعبان".. لكنها كانت كمن يحلم بالعثور علي إبرة في قاع المحيط
الهاديء!!!

في القاهرة.. وبعد عدة أيام من وصولها. تلقت مكالمة تليفونية من
"أصدقاء الغربة".. وعادت "ريمة لعادتها القديمة".. ولكن بصورة أكثر
بشاعة!!

المرأة السمراء


كان الرجل يسير وراء المرأة "السمراء" وكأنه "مسحور" أ و مربوط إليها
بحبل متين.. ثم اكتشفت انهما يفكران في إنشاء مشروع تجاري برأس مال زوجها.
بينما تتولي المرأة الأخري وزوجها إدارته فقط!!

كان الأمر أكبر مما تحتمله.. فهذه الأموال التي ينفقها علي "الخليلة"
ليست له وحده. لكنها تحملت الأمريّْن في سبيل جمعها. وها هو "يبعزقها"
بسخاء علي امرأة أخري.

واجهته.. قالت له بحدة: "ايه اللي عندها ومش عندي".. رد باستظراف:
"لا شيء.. اللهم إلا انني أشعر انك تملكينني.. بينما أملكها هي".. ثم أردف
قائلاً: هذا إذا كان بيننا شيئاً مما يدور في ذهنك!!

تركت زوجها وحاولت أن تجرب وسيلة أخري.. اتصلت بزوج المرأة الأخري..
حاولت أن تدق "اسفيناً" بينهما.. تحدثت معه حول خيانة زوجته الواضحة.
لكنها كما فشلت مع زوجها. فقد فشلت أيضاً في استثارة غضب زوج المرأة
الأخري. التي يبدو أن مبدأه: "أنا راضي وأبوها راضي"..

أدركت الزوجة انه "مفيش فايدة".. ف "ذيل الكلب لا ينعدل أبداً".. وخلعته!!