أوباما.. وعيد نيروز "الإيرانيين"..!!بقلم: سمير رجب

غداً مساء جديد
أوباما.. وعيد نيروز "الإيرانيين"..!!
دعوته "لمصالحة" الملالي.. هل تؤثر علي "المصلحة العربية"..؟؟
من حق إيران الآن.. أن تتدلل.. وتقول:
اعطونا.. فسحة من الوقت.. لإعلان موقفنا..!
أما العرب الذين يستعدون للقاء الدوحة
فقطعاً.. سوف تتباين ردود أفعالهم!
بقلم: سمير رجب
E-mail:samirragab@eltahrir.net

فاجأ الرئيس الأمريكي باراك أوباما..
العالم أمس.. بالدعوة التي وجهها لإيران لتتبوأ المكانة التي تستحقها في
المجتمع الدولي بغير إرهاب وبدون أسلحة..!

وقد اختار "أوباما" يوم عيد النيروز "عيد رأس السنة الإيرانية"
لتوجيه رسالته وكأنه يقول: هلموا ننسي ما كان أيام بوش.. ونبدأ عهداً
جديداً..!

***


بديهي.. أن تخضع دعوة الرئيس الأمريكي للتحليلات. والتفسيرات.
والتأويلات.. لاسيما أن جميع قادة أوروبا أعلنوا تأييدهم للموقف الأمريكي
الجديد مطالبين إيران باستثماره أفضل استثمار..!

ولعله ليس غريباً.. أن ردت إيران قائلة: "الأمر يحتاج إلي فسحة من
الوقت علماً بأن الرئيس أوباما لم يكن سيتصرف بهذا الشكل إلا نتيجة صمودنا
أمام التحديات العاتية وإصرارنا علي انتزاع حقنا كقوة إقليمية في منطقة
الشرق الأوسط..!".

يبقي موقف إسرائيل.. والدول العربية المنقسمة علي نفسها.. من يقبل بمبادرة أمريكا.. ومن لا يقبل..!


***


أنا شخصياً.. أتصور.. أن إيران سوف يركبها الغرور أكثر.. وستظل تدور
وتناور وتمارس المزيد من التحدي متوهمة بأن فشل الولايات المتحدة
الأمريكية في حربها ضد كل من العراق. وأفغانستان. والذي لابد أن يجبر
الرئيس "الجديد" الذي ورث تركة ثقيلة علي تقديم تنازلات.. وها هو قد بدأ
أولي الخطوات..!

في نفس الوقت.. فلن تتعامل إسرائيل مع دعوة أوباما حتي ولو بجزء يسير
من حسن النوايا بل ستبادر كعادتها دائماً بزرع الألغام واستخدام كل ما
يتوفر لديها من وسائل ضغط حتي يأتي يوم تعلن فيه أمريكا.. رفض إيران مد
أياديها للحوار. وامتناعها عن الانضمام للمجتمع الدولي وبذلك يعود كل شيء
إلي ما كان عليه..!

***


ردود الفعل بالنسبة للدول العربية لن تكون متعادلة.. فهناك من ستغمرهم
الغبطة والسعادة.. لكنهم لن يفصحوا عن مشاعرهم بل سوف يسيرون علي نهج
إيران مطالبين مثلها الولايات المتحدة الأمريكية أن تحول أقوالها إلي
أفعال.. وأفعال ملموسة..!

علي الجانب المقابل.. فلن يضيع هؤلاء الفرصة.. ليشاركوا في أحداث
مسرحية النيروز بما يحقق أهدافهم.. بمعني أن يرسخ كل منهم انحيازه للطرف
الذي طالما انحاز له إما بمساعدة الإيرانيين أو إرضاء لهم.. وبالتالي تظل
المسافة بعيدة بينهم وبين "إخوانهم" الذين فقدوا الثقة في إيران منذ زمن
طويل بسبب إصرارها علي ضرب المصالح القومية العربية العليا.

***


من هنا.. سوف تتعثر تلقائياً محاولات المصالحة العربية التي تجري
حالياً نظراً لأن فريق "المعتدلين"- كما أصبح يطلق عليهم- لديهم قناعة
بالغة بأن ملالي إيران لا أمل فيهم نظراً لإقامة قواعد حكمهم علي التطرف..
وتصدير "الثورة" والتمسك بأن يكونوا القوة الإقليمية الوحيدة في الشرق
الأوسط.. فضلاً عن تعمدهم التدخل في شئون الآخرين وكذلك ارتباطهم الوثيق
مع حزب الله في لبنان والنظام العلوي في سوريا..!

***


من هنا يثور سؤال مهم:


هل تؤثر دعوة الرئيس الأمريكي باراك أوباما لإيران علي المصالحة
العربية.. التي بدأت جهود تحقيقها منذ انعقاد القمة العربية المصغرة في
الرياض..؟!

أنا شخصياً أحسب أنها ستؤثر- بصرف النظر- عن نوايا الرئيس الأمريكي
والتي لابد من اعتبارها حتي الآن.. نوايا حسنة يستهدف منها تنفيذ برنامجه
الانتخابي الذي التزم به والذي حمل لافتة "التغيير" وذلك لأسباب عديدة..
فالعرب منقسمون بالفعل إلي فريقين.. واحد لا يطيق الملالي ولا يرجو منهم
خيراً.. والثاني إما أنه يمالئهم. وينافقهم. ويحاول كسب ودهم.. وإما أن
يسعي للاحتفاظ بمظلة حمايتهم إلي أقصي مدي..!

الأكثر.. والأكثر.. إن تلك التطورات الجديدة سوف تنعكس- في ضوء هذا
التحليل- علي مجريات القمة العربية المقرر عقدها في الدوحة يومي 30 و31
مارس الحالي..!

لقد كان من ضمن بنود المصالحة العربية- كما أتصور- عدم إشراك إيران
بصورة أو بأخري في أعمال القمة.. يعني لا بصفته مراقباً.. أو ضيفاً.. أو
جاراً.. أو شيئاً من هذا القبيل مثلما حدث في القمة التي لم يكتمل نصابها
والتي سبقت القمة الاقتصادية للكويت بيومين اثنين..!

الآن.. وفي ظل هذا الرضا السامي المفاجئ من جانب أمريكا.. لن يتواني
"أصدقاء إيران" عن توجيه الدعوة لها لتأتي إلي الدوحة وتحتل مقعداً علي
المنصة.. الأمر الذي لا يرضي عنه- ولا شك- القادة الذين تشغلهم في الأساس
القضية العربية الأولي.. وهي قضية فلسطين خصوصاً مع مجيء حكومة إسرائيلية
متطرفة يرأسها بنيامين نيتنياهو.. ويتولي وزارة خارجيتها رئيس حزب
"إسرائيل بيتنا".. المهووس الأكبر ليبرمان!.

وأيضاً نفس هؤلاء القادة.. هم الذين يضعون دائماً الأمن القومي العربي علي رأس قائمة الأولويات.


***


إذن.. ليس كل ما يتساقط من فم أمريكا.. عسلاً.. أو شهداً.. وإذا كان
الإيرانيون يحتاجون إلي وقت لدراسة دعوة أوباما فالعرب أيضاً مطالبون بأن
يدرسوا.. ويفكروا.. ويتأنوا.. ويبحثوا في استفاضة من كل زوايا ردود
الفعل.. حتي لا يستخدموا كمخلب قط لينعم غيرهم بوجبات دسمة.. وغنائم كثيرة
قد لا تكون في الحسبان الآن..!!