بدلة الشرطة.. ليست للوجاهة محمد فوده

من الواقع
محمد فوده
بدلة الشرطة.. ليست للوجاهة

يتدافع بعض أبنائنا الطلاب بعد حصولهم
علي الثانوية العامة للالتحاق بكلية الشرطة أو الكليات العسكرية ظنا منهم
انهم بمجرد انتهائهم من دراستهم وارتدائهم الملابس العسكرية يصبحون من
وجهاء المجتمع فيتباهون بوضع النجمة أو "الدبورة" علي الكتف. ويفرح ذووهم
وخاصة في الأرياف بأن أبناءهم أصبحوا من رجالات الشرطة أو القوات المسلحة.

ولا شك ان الانتماء لهاتين المؤسستين شرف كبير لكل شاب يحق له ان
يفخر به.. ولكنه يجب ان يدرك ان هذا الشرف له أعباؤه والتزاماته وعطاؤه في
سبيل رفعة الوطن وحمايته داخليا وخارجيا من كل من يتربص به ويريد به سوءا.

فالمسألة لا تنحصر في لبس البدلة ولا في تعليق النجمة.. ولا في مقولة الأهل والأقارب: "حضرة الضابط راح.. حضرة الضابط حضر".


المسألة تتعلق بالتضحية والفداء ونكران الذات.. تتعلق بالسلوك
والالتزام وشرف المهمة التي يقوم بها سواء في سلك الشرطة أو في صفوف
القوات المسلحة.. وكل منهما يقوم بأشرف مهمة وطنية.. فهم حماة الوطن
والمدافعون عن عرينه.. وبهم يأمن كل إنسان في الوطن علي بلده وعلي نفسه
وأهله وعرضه.

ولو أحصينا عدد الشهداء المدافعين عن حدود الوطن ضد الغزاة الطامعين
منذ عهد الفراعنة ومرورا بكل العصور حتي حرب ..1948 ثم حروب 56 و67
وانتصار 73 لما وسعتهم الكتب والمجلدات فقد سقط مئات الآلاف في ميادين
الشرف حبا ودفاعا عن مصر المحروسة.

ولو أحصينا عدد شهداء الشرطة منذ مقاومتهم للاحتلال الانجليزي في
الاسماعيلية في 25 يناير 1952 واعتبرناه عيدا للشرطة ومرورا بمن سقطوا في
ميدان الشرف علي يد الإرهابيين حتي الآن لما استطعنا حصرهم.

أقول ذلك بمناسبة استشهاد رجل شرطة شاب هو النقيب أحمد عبداللطيف
سليمان بقطاع الأمن المركزي يوم الأربعاء الماضي برصاص بعض تجار المخدرات
أثناء مشاركته في ضبطهم بمنطقة الجعافرة بشبين القناطر.

وكم من ضابط شرطة وجنود وصف جنود سقطوا علي أيدي هؤلاء العتاة
المجرمين في مختلف انحاء مصر وخاصة في هذه المنطقة التي تبدو وكأنها بؤرة
اجرام لنشاط هؤلاء التجار.

وكم من ضباط وأمناء سقطوا دفاعا عن مواطن تعرض للاعتداء أو فتاة تعرضت للخطف أو أثناء قيامه بواجبه علي الحدود مع غزة أو غير ذلك.


إلا ان بعض الصحف تتعمد النشر بطريق الاثارة عندما يخطيء رجل شرطة في
حق مواطن وتثير الزوابع حول دور هذه الفئة التي تؤدي عملها ليل نهار بدأب
دفاعا عن أمن المواطنين.

فإذا سقط شهيد من الشرطة علي يد الخارجين عن القانون أيا كان نوعهم فإن الخبر عندهم ينشر عاديا ولا يلفت الانتباه.


وأعود لما بدأت به ان البدلة العسكرية ليست مجرد وجاهة وأبهة ولكنها تضحية وفداء.. وعلي الجميع أن يدرك هذه الحقيقة.


رحم الله كل شهدائنا من أبناء قواتنا المسلحة ومن أبناء الشرطة البواسل.