كل يوم بقلم : مـرسي عطـا الـلـه

من طرف تامر الأحد مارس 22, 2009 10:07 am

كل يوم
بقلم : مـرسي عطـا الـلـه

ليس
هناك عربي مخلص لعروبته يعارض أي خطوات لبناء علاقات حسن جوار مع الدول
غير العربية التي تشاركنا فضاء الشرق الأوسط خاصة الدول الإسلامية مثل
إيران وتركيا‏,‏ لأن علاقات حسن الجوار ركيزة أساسية من ركائز بناء الأمن
والاستقرار في المنطقة كلها‏.‏

وإذا كانت هناك إشارات إيجابية
مشجعة من جانب تركيا فإن الحديث عن انفراجة ملموسة في العلاقات العربية
الإيرانية مازال أمرا بعيدا لأسباب عديدة أهمها أن إيران لم تستطع حتي
الآن أن تترجم أقوالها إلي أفعال وأن تتحرك الحركة الصحيحة لإزالة جميع
أسباب التناقض بينها وبين العديد من الأقطار العربية وفي مقدمتها دول
الجوار التي مازال بعضها يستشعر مخاطر الهيمنة‏,‏ واستمرار التمسك بما
يمكن تسميته النزوات التاريخية للسيطرة ومد النفوذ من خلال احتلال الجزر
الإماراتية الثلاث أو التدخل في الشئون الداخلية للآخرين تارة تحت شعار
تصدير الثورة وتارة باسم مسئولية نصرة المستضعفين‏...‏ فضلا عن عدم إزالة
أسباب الحساسية التي يشتم منها عدم التراجع كلية عن دعم وتشجيع الإرهاب
بالتمسك حتي الآن بإطلاق اسم قاتل الرئيس الراحل أنور السادات علي أحد أهم
شوارع العاصمة طهران‏.‏

ولنكن صرحاء مع أنفسنا ونتساءل‏:‏ هل يمكن
أن تكون هناك فرصة لعلاقات عربية ـ إيرانية جيدة‏,‏ بينما مازالت هناك
مسافات واسعة تصنع هوة شاسعة في الرؤي والمواقف إزاء قضايا حيوية وجوهرية
ترتبط بأمن المنطقة؟‏!‏

إن إيران مازالت حتي هذه اللحظة تعارض
عملية السلام في الشرق الأوسط رغم علمها بأن هناك اجماعا عربيا باعتبار
السلام خيارا استراتيجيا عربيا‏..‏ بل إن المعارضة الإيرانية لعملية
السلام لاتقف عند حدود التحفظ فقط‏,‏ وإنما تمتد إلي حدود المعارضة
العملية بإجراءات ووسائل شتي لاتخفي عن فطنة أحد‏.‏

إن علي إيران
إذا كانت جادة بالفعل في فتح صفحة جديدة للعلاقات العربية ـ الإيرانية أن
تدرك أن العرب يرحبون بمثل هذه الخطوة‏,‏ ولكن ذلك يستلزم من إيران أن
تساند العرب لإنجاز عملية السلام بدلا من زرع الألغام في طريق السلام الذي
بدونه يصعب الحديث عن إمكانية الشروع في وضع ترتيبات دائمة للأمن الإقليمي
من نوع ما طرحه الرئيس خاتمي علي مجلس التعاون الخليجي بعد تسلمه مقاليد
الحكم في إيران مباشرة‏.‏

وليكن في علم طهران أن أهل الخليج ليسوا
سعداء بوجود قواعد عسكرية أجنبية علي أراضيهم‏,‏ ولكن يحكمهم القول
المأثور‏:‏ إن الضرورات تبيح المحظورات‏..‏ وفي استطاعة إيران أن تسهم في
عودة المنطقة إلي ما كانت عليه قبل الغزو الأمريكي للعراق بخطوات وإجراءات
تشجع علي بناء الثقة‏,‏ وتطمئن أهل الخليج علي عدم احتياجهم لطلب النجدة
والحماية من الغير‏!‏

إن لسان حال أهل الخليج يكاد يقول‏:‏ إنه
ليست في كل مرة تسلم الجرة‏..‏ وهم علي حق في ذلك رغم أسفنا وألمنا جميعا
للحاجة لوجود قوات أجنبية في منطقة الخليج أسهمت إيران بوعي ـ أو بدون وعي
ـ في مجيئها وعليها أن تسهم في ازالة أسباب وجودها بخطوات ملموسة تبدد كل
الهواجس والشكوك التي تنطلق اشاراتها من قلب طهران‏!‏

attalla@ahram.org.eg