المشكلة ليست في التحدي .. ولكن في التاريخ بقلم : محمد علي إبراهيم

من طرف **احمد** الأحد مارس 22, 2009 12:59 pm

مصر المستقبل
بقلم : محمد علي إبراهيم
سيادة الرئيس .. الفخ منصوب لك !
مغادرتك السودان فيها هلاك شعبك
المشكلة ليست في التحدي .. ولكن في التاريخ

بادر قصر الرئاسة السوداني بإصدار بيان
يفيد بأن الرئيس عمر البشير لم يقرر بعد ما إذا كان سيحضر قمة الدوحة أم
لا.. وهذا أول تصرف حصيف يصدر عن السودان منذ فترة.. هو تصرف يدرك أهمية
الموقف الذي وجد فيه السودان نفسه.. لا جدال هناك تآمر ضده.. وبدون شك
توجد مؤامرة.. ولا خلاف علي أن منظمات الإغاثة تسعي للتجسس علي هذا البلد
العظيم وتقدم تقارير عنه. لكن رد فعل الخرطوم عليه أن يكون من الآن
فصاعداً احترافياً.. والاحتراف يختلف عن الهواية.

الاحتراف لا مكان فيه للهواية ولا الشعارات البراقة أو المناداة
بالنداء الخالد "بالروح بالدم".. الاحتراف هو أن تحول "الأزمة" التي تحيط
بك إلي كارت رابح تستخدمه ضد مروجي الفتن ضدك.

كان للرئيس البشير تصريح قال فيه إنه لن يخضع لتقييد حركته خارج
السودان وسيسافر لحضور القمتين المقررتين في الدوحة "العربية وأمريكا
اللاتينية" وهذا تصرف أي سياسي عنده كرامة ويخشي من أن يصدر قرار دولي يهز
صورته.

لكن الخطاب الإعلامي السوداني في هذه المرحلة مطالب بأن يكون محترفا
وليس "مندفعاً".. لايحق للسودان مثلا الحديث عن إعطاء الأولوية للقانون
الوطني وأن هذا القانون في صالح السودان.. السودان دولة قانون مافي ذلك
شك.. لكن تطبيق القانون تأخر في السودان فلو كان علي كوشيب وأحمد هارون
قدما لمحكمة جنائية وأودعا السجن تمهيدا للتحقيق ثم الحكم عليهما حتي
بالبراءة لاختلفت الأمور كثيرا الآن..

انني لا أفت في عضد البشير فهو رئيس أكبر دولة عربية من حيث المساحة
ولكني أقول له إن الاحتراف في التعاطي مع الأزمات يجعلك تنعطف يمينا أو
يسارا بدلاً من الاستدارة الكاملة 180 درجة.

سيادة الرئيس أنت تخطط ومعك حزبك لفترة رئاسية جديدة وهذا حقك لأن شعبك متمسك بك. لكن الزعماء لايعيشون في معزل عن العالم..

لقد استطاع الرئيس القذافي تجنب أزمة مماثلة لمعضلة البشير عندما قام
بتسليم "فحيمة والمقرحي" إلي السلطات الدولية.. وهما الليبيان المتهمان في
قضية لوكيربي واللذان كانا من عائلات وقبائل قوية في ليبيا ومع ذلك اتخذ
الأخ العقيد القرار الصعب.

أنا مع الرئيس البشير في ان هناك مساندة له من مجلس الأمن وهذه
المساندة تتمثل في روسيا والصين.. الدولتان لهما مصالح مع السودان ولديهما
استثمارات وسيصوتان بالفيتو ضد أي قرار يمس الخرطوم.. لكن الأيام علمتنا
ألا نثق بأحد. فقد كان لروسيا موقف مؤيد من صدام حسين وقدمت مشروع قرار
لمجلس الأمن لحل الأزمة. لكن الدول لم تعتمده وأخذ العراق "علقة موت" رغم
تأييد روسيا.

لقد فعل القذافي ما أنقذ ليبيا. والرئيس الراحل حافظ الأسد فعلها مع
شقيقه رفعت حتي تستقر سوريا بعد ان كادت تهتز اركانها من جراء اقدام رفعت
علي انقلاب ضد الشرعية وفعلها الرئيس السوري الراحل ايضا ضد ميشيل عفلق
الذي أصدر حكماً عليه وعلي كل المنتمين لحزب البعثپمن العفالقة.. ثم
مافعله الرئيس السوداني نفسه ضد حسن الترابي والترابيين رغم انهم كانوا
شركاء في الحكم.. لو كان الرئيس البشير فعل أياً من هذه الاجراءات لكان قد
قطع نصف الطريق نحو انقاذه وانقاذ السودان.

الرئيس السوداني مدرك تمام الادراك أن شرور الطامعين في السودان
كثيرة.. هذه الاطماع لن تزول بتأييد خالد مشعل ودعاء احمدي نجاد والقول
بأن الصينيين والروس علي استعداد لدحض أي قرار ضدهم.. لا بأس ياسيادة
الرئيس لكن أنصح مستشاريك - وسيادتك قبلهم - أن يتوقفوا عن اطلاق الاسماء
ضد المحكمة الجنائية الدولية.. لم يعد يجدي وصفها بأنها "فأر ميت" كما قال
الأخ عبدالمحمود عبدالحليم الذي قاد المواجهة في الأمم المتحدة.. لا يجدي
القول بأن المحكمة الجنائية تحت حذاء الرئيس.. ولا يجدي أن يقسم بالطلاق
بأنه لن يقبض علي أحمد هارون وعلي كوشيب.

إنني لا ادعو الرئيس البشير إلي الاستسلام ولكني أدعوه إلي العقل
ورجاحته.. لا داعي للسفر إلي قمة الدوحة القادمة أو مغادرة الأراضي
السودانية أو حضور أي مؤتمر أو لقاء خارج الأراضي السودانية.. انني أتكلم
بلسان المصريين والسودانيين العقلاء الذين لا يريدون أن يمسك سوء إذا ما
عرضت نفسك لخطر الخروج من الخرطوم لحضور قمة الدوحة أو غيرها.. أنت رئيس
عربي ورمز لدولة عربية ولا يصح أن تعطي أمريكا فرصة لتفرح أو تسعد دولة
إسرائيل إذا ما ظفروا بك وأجبروا طائرتك علي الهبوط فتكون الكارثة التي لا
نريدها ولا نتمناها.

قال الإمام علي بن أبي طالب "ما أكثر العبر وما أقل الاعتبار" لقد
تعرضت أمريكا لطائرة تحمل الفدائيين الفلسطينيين الذين شاركوا في اختطاف
الباخرة اكيلي لاورا في 1985 واعترضت طائرة أخري بن بيلا ورفاقه من قبل
وظلوا في المنفي سنوات وسنوات ويقال ان الاعتراض كان بالتنسيق مع الرئيس
الجزائري الراحل أحمد بن بيلا!

سيادة الرئيس انك إذا أخذت بأسباب الحيطة فإنك تطبق شرع الله
والإسلام اللذين يدعوان إلي الحفاظ علي النفس وعدم القائها للتهلكة.. يقول
الله تعالي: "يا أيها الذين آمنوا خذوا حذركم".. ويبقي ضرورة التصرف
بحكمة. لأن العنتريات لن تفيد .. فالله نصحنا بألا نلقي بايدينا إلي
التهلكة وقال في موضع آخر: "ولاتقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيماً" ..
صدق الله العظيم.