من الواقع محمد فوده

من الواقع
محمد فوده

صدمتني الأرقام بعنف.. ولابد أن تصدم أي
مصري يحب بلده ويخاف علي مستقبلها ومستقبل أبنائها. وخاصةمن الشباب الذين
يعتمد عليهم في بناء أية نهضة وتحقيق أي تقدم.

سبعة ملايين مصري يتعاطون المخدرات لدرجة الإدمان!! أي بنسبة 9 في
المائة من عدد السكان!! رقم مرعب بحق خصوصاً إذا علمنا أن سن المتعاطين
يبدأ من 10 سنوات بعد أن كان يبدأ من 24 سنة. أي أن المخدرات سيطرت علي
نسبة كبيرة من الأطفال!!

الأرقام تصرخ: 12 في المائة من الطلاب يتعاطون مخدر الحشيش.. ولم
يقتصر الأمر علي الذكور. بل الأدهي أن الطالبات المدمنات ارتفع عددهن بشكل
كبير فأصبحن يمثلن مع الطلاب نسبة 20 في المائة من مجمل الطلاب
والطالبات!! والأغرب أن انتشار المخدرات أصبح أكثر في الأحياء الراقية!!

وعودة إلي الأرقام نجد أنها تقول: إن المصريين ينفقون 18 مليار جنيه
علي تعاطي المخدرات سنوياً!! ياللهول: 18 مليار جنيه؟! فإذا أضفنا إلي ذلك
أن المصريين ينفقون 17 ملياراً أخري علي الدروس الخصوصية يكون المجموع 35
ملياراً أي خُمس ميزانية الدولة!! فماذا يتبقي إذن لهم للصرف علي بقية
احتياجاتهم وحياتهم المعيشية؟!

التقرير الذي أذاعته لجنة الصحة بمجلس الشعب والذي أعده المجلس
الوطني لمكافحة إدمان المخدرات يكشف عن خطأ رهيب في مواجهة المشكلة.
فالقانون لا يفرق بين المتعاطي وتاجر المخدرات. فعند القبض علي المتعاطي
يوضع في السجن شأنه شأن التاجر فيختلط هذا بذاك. فيخرج من السجن أكثر
تعاطياً. وقد يجد نفسه منخرطاً في سلك التجارة لتدبير الأموال التي تساعده
علي التعاطي.

وكان من المفروض أن يوضع المتعاطون وخاصة من هم في سن الطفولة
والشباب في مصحات نفسية لعلاجهم وتأهيلهم. حتي لا يعودوا إلي التعاطي مرة
أخري.

الأخطر أن التقرير الذي نشرته جريدة "الجمهورية" في تحقيق مميز
بعددها الأسبوعي يوم الخميس الماضي يقول: إنه مع تزايد مشكلة البطالة
وغيرها من المشكلات الاجتماعية فإنه لا تلوح في الأفق فرصة تضاؤل نسبة
المتعاطين للمخدرات.. أي أنها ستظل 9 في المائة من عدد السكان ان لم تكن
قابلة للزيادة.

لاشك أن دور الأسرة قد غاب تماماً في الرقابة علي أبنائها.. كما
انعدم دور المدرسة التي أصبحت طاردة للتلاميذ والطلاب.. ناهيك عن انحراف
دور الإعلام الذي يبث عبر القنوات الفضائية من البرامج والأفلام
السينمائية ما يؤدي إلي هذه الانحرافات.. ثم الروتينية البغيضة التي يؤدي
بها الدعاة رسالتهم في المجتمع من خلال الدروس الدينية وخطب الجمعة.

المشكلة تهدد مستقبل بلد بأكمله والداخلية تقوم بدورها في مكافحة
المخدرات ولكن يداً واحدة لا تصفق.. وان لم نتنبه كمجتمع أولاً وكحكومة
ثانياً لخطورة المشكلة.. فالعوض علي الله .