رد يتسم بالجفاء؟بقلم : مكرم محمد أحمد

من طرف **بهاء** الثلاثاء مارس 24, 2009 10:11 am

نقطة نور
بقلم : مكرم محمد أحمد

رد يتسم بالجفاء؟

وسط
حشد منظم من آلاف الايرانيين الذين تجمعوا في مدينة مشهد يهتفون الموت
لأمريكا‏,‏ أعلن مرشد الثورة علي خامنني الذي يملك القول الفصل في قضية
العلاقات الأمريكية ـ الايرانية وكل القضايا المصيرية الأخري رفضه لمبادرة
الرئيس الأمريكي أوباما‏,‏ التي اعتبرها إهانة لإيران لا تحمل في جوهرها
أي اختلاف حقيقي عن السياسة العدائية لسلفه بوش‏,‏ مؤكدا أنه لن يكون هناك
أي تغيير في العلاقات بين البلدين ما لم تبدأ واشنطن في تغيير سياساتها
والمبادرة باتخاذ خطوات عملية ترفع العقوبات عن إيران أو تنهي تجميد
أرصدتها في البنوك الأمريكية أو توقف دعمها غير المحدود لإسرائيل‏,‏
متجاهلا الحفاوة الشديدة التي استقبل بها الشعب الإيراني رسالة أوباما في
عيد النيروز‏.‏

صحيح أن رد خامنئي الذي اتسم بالبرود ترك فرجة
صغيرة في الباب شبه المغلق‏,‏ عندما أكد في رسالته لأوباما أن طهران سوف
تغير سياستها إن غيرت واشنطن سياساتها تجاه طهران‏,‏ لكن الواضح أن رسالة
أوباما التي توجهت مباشرة إلي الشعب الايراني من فوق رؤوس قادته وجاءت في
توقيت معركة انتخابات الرئاسة الايرانية بين المحافظين والإصلاحيين‏,‏ لم
تلق أي ترحيب من جماعات المحافظين والحرس الثوري وعلي رأسهم مرشد الثورة
علي خامنئي‏,‏

الذين لايزالون يعتبرون مناهضة السياسة الأمريكية
جزءا أساسيا من أيديولوجية النظام الايراني ومسوغات وجوده‏,‏ ويرفضون
استئناف الحوار مع واشنطن دون أي شروط مسبقة خصوصا في هذا التوقيت‏,‏
لأنهم يرون أن هذا الحوار يمكن أن يؤدي إلي تفكيك جبهة الداخل التي تموج
بتيارات عديدة تنشد التغيير‏,‏ ما لم تكن نقطة البدء في الحوار انتصارا
واضحا للثورة الايرانية‏,‏ يتجسد في تنازلات عملية تقدمها واشنطن ابتداء
لطهران‏!‏

غير أن ما يلفت النظر في رسالة خامنني هو لغة الجفاء
التي استخدمها مرشد الثورة في رفضه للعرض الأمريكي‏,‏ مقابل اللهجة الودود
التي استخدمها أوباما‏,‏ وحملت في ثناياها ما يقرب أن يكون اعترافا يحق
الجمهورية الإسلامية في أن تحتل مكانها بين الأمم دولة آمنة لا يتهددها
الخطر شريطة أن يتم ذلك عبر الحوار والسياسة وليس القوة والارهاب‏.‏ وأظن
أن الأمر يتعلق بالدوافع المختلفة لكل من الرجلين وراء رسالته‏,‏

فعلي
حين يريد أوباما أن تصل رسالته إلي عقول وقلوب الإيرانيين في توقيت
انتخابات الرئاسة الإيرانية وتحفزهم علي التمسك بالتغيير وتضع المحافظين
أمام خيار صعب‏,‏ يريد خامنئي أن يغلق هذا الباب أو يؤكد للايرانيين‏,‏ من
خلال جفاء رسالته‏,‏ منطلقات القوة في الموقف الايراني التي الزمت الآخرين
تغيير خطابهم‏,‏ لأن إيران تملك من أسباب القوة ما يمكنها من احباط أي
خيار عسكري‏,‏ فهي تملك السيطرة علي مضيق هرمز كما أن قدرتها الصاروخية
تستطيع أن تصل إلي أهداف أمريكية مهمة في الخليج وإلي اسرائيل‏.‏

ولهذا
السبب ثمة من يرون في واشنطن أن رسالة ثانية من أوباما تتوجه رأسا إلي
خامنئي في هذه الظروف والمعركة بين المحافظين والاصلاحيين علي أشدها‏,‏
تؤكد تمسك واشنطن بالحل الدبلوماسي مقابل تشدد طهران سوف تضيق الخناق أكثر
علي المحافظين وربما تزيد من حرج مواقفهم داخل إيران التي تتوق بالفعل إلي
التغيير‏,‏ وفي جميع الأحوال فإن نتائج انتخابات الرئاسة الايرانية سوف
تكون عاملا حاسما في تحديد وجهة ومصير الحوار بين واشنطن وطهران‏.‏

mmahasabo@yahoo.com