قساة القلوب محمد العزبي

من غير ليه
محمد العزبي
ezaby azaby @ yahoo. com
قساة القلوب

ما الذي يجري لنا. فنبدو وحوشا آدمية؟


لم نعد في حاجة إلي دليل علي بؤس حياتنا فكلما تلفتنا رأينا أو سمعنا ما لم نعرفه من قبل.


ربما تعودنا أو تبلد احساسنا أو استسلمنا للأمر الواقع. ولكن الأمر علي تلك الصورة لا يستمر.


انتابني فزع من حادث أبوالنمرس. وما سمي بحفل تعذيب في قلب قسم الشرطة حيث المفروض انه الأمان.


ولابد أن ننسي الفزع الذي أصاب الوزير ومساعديه. فأمر بالتحقيق فيما
سبق ونشرته جريدة "الشروق" بعد أن اتضح صدقه بصدور حكم براءة المتهم الذي
مورست ضده وضد أفراد أسرته نساء وأطفالا وحشية لم يسبق لها مثيل.

نعيد نشر القصة. عندما وقع حادث سرقة في مزرعة مواشي "بقرتين ونعجة
وخروفين" واتجه الاتهام لحارسها. فبدأ معه التحقيق الذي سرعان ما تطور بعد
الانكار لعذاب جسدي ونفسي لا يطاق!

أرغموه علي خلع ملابسه داخل القسم وصعقوه بالكهرباء. وأدخلوا خرطوم مياه في مؤخرته.. فلم يعترف.


جاءوا بزوجته وابنه الصغير. وهددوه باغتصابهما أمام عينيه إذا أصر علي الانكار.


لم يكن وعيدا إذ تحول إلي مشهد مأساوي مهين باحضار أحد المحتجزين من
المسجلين خطر لتنفيذ التهديد.. وبالفعل خلع الزبانية ملابس الزوجة بالقوة
وكذلك فعل الرجل وبدأ حفل من نوع جديد رهيب جعل الزوج يصرخ طالبا الاعتراف
بجريمة سرقة. اتضح بعد ذلك انه لم يرتكبها.

أصبحت قضية يستحق عليها ضباط القسم الثناء والتقدير لولا ان المحكمة
لم تجد من الأدلة ما يدين المتهم ورفضت الأخذ باعترافه بعد أن أقر الطب
الشرعي واقعة هتك العرض!!

السؤال هو كيف قست القلوب إلي هذا الحد؟ ولماذا يستمتع البعض بذل الآخرين وارتكاب جرائم بشعة في حق الإنسان؟


وهل وصلوا بتلك الطريقة للكشف عن الجناة وحفظ الأمن؟


ليس هناك من تفسير إلا أنها انحرافات تزين ذلك الفجور.. فهل كانوا سعداء فخورين بما فعلوا؟


أخشي أن أقول إنها حالة تنتشر نقرأ الكثير منها علي صفحات الحوادث في
الصحف ونسمع عنها ما هو أكثر ويرتكب مثلها ما لم نقرأ أو نسمع عنه شيئا.

حالة لابد أن نجد لها حلا لا أعرف من أين نبدأ فالتحقيق مع مرتكبي
جريمة أبوالنمرس ولو انتهي بادانتهم وعقابهم لن يوقف جرائم ذلك العنف بغير
سبب أحيانا ولأقرب الناس وأعزهم.

انهم جميعا أبناؤنا فكيف نشأوا في غيبة عيوننا.. وماذا نقول - والأصح
ماذا نفعل - أمام حجم الكراهية الذي يطل من نفوس شوهت وقلوب خرج منها
الإيمان بكل القيم.