قرآن وسنة د. عبد الله النجار

قرآن وسنة
د. عبد الله النجار

إذا لم يتخلق المسئول بالحكمة عند اتخاذ
القرار. فإنه لا يصلح لأن يستمر في منصبه لحظة. لأن المنصب القيادي يحتاج
إلي عقل حكيم وتفكير سليم. وليس إلي تصرف أهوج وانفعال يقوده إلي البطش
والشطط. ولهذا لا أصدق أن يصدر محافظ كفرالشيخ قراراً مفاجئاً بنقل ما
يقرب من خمسين طبيباً يشغلون تخصصات طبية مختلفة في مستشفيين في محافظته
أحدهما بمدينة كفرالشيخ الذي فاز من قرار سيادة المحافظ بنقل نصف هذا
العدد. بينما فاز مستشفي دسوق العام بنقل النصف الآخر. قام المحافظ بنقل
هذا العدد الضخم من الأطباء المتخصصين الذين تعدت مدة خدمة بعضهم أكثر من
سبع قرن من الزمان. فلم يعاقب قراره الطائش هذا العدد الضخم من الأطباء
بقدر ما عاقب أهل هاتين المدينتين. وما يتبعهما من القري والكفور والحصص
المجاورة لهما أو التابعة إدارياً لزمامهما. وقد بلغ من عبقرية قراره أنه
قام بتعيينهم كتبة أو مديري مستشفيات ريفية. ولا يدري أحد سوي الله سبحانه
كيف سيملأ سيادته هذا الفراغ الطبي في محافظته أو كيف سيصلح تلك الفجوة
الطبية التي يحتاج إصلاحها إلي علاج قومي أكثر مما يحتاج إلي قرار محلي.
ذلك إذا كان ما نشر عن سيادته صحيحاً. وادعو الله ان لا يكون صحيحاً.

وإذا تصور أن يكون الدافع لهذا القرار العنيف هو المحافظة علي صحة
المساكين أبناء محافظته. أو إصلاح مسيرة العلاج الطبي فيها. لأن حال هذا
العلاج لا يسر عدواً ولا حبيباً. ليس علي مستوي محافظة هذا المحافظ
الهُمام. بل علي مستوي أغلب المحافظات. وليس من أسباب الإصلاح المعروفة أن
يتم بهذا الأسلوب الباطش الذي يشبه حادث القلعة. أو المذبحة التي دبرها
محمد علي للمماليك. بل إن إصلاح أمور الطب والعلاج تحتاج إلي عقول أكبر من
عقله. وإلي سياسة أعظم من سياسته. وإذا كان هؤلاء الأطباء شياطين مردة
ومفسدين قتلة. فلا يصح أن يبتلي بهم أهل البلاد الريفية التي نقلهم إليها.
لأنهم لم يسيئوا له. ولم يفعلوا ما يغضبه. ومن ثم كان قراره انتقاماً من
أهل تلك البلاد المساكين.. وهم من قبل ومن بعد أبناء محافظته ومن رعايا
ولايته. فلا يصح أن يعاقبهم بقراره. وأين كان سيادته طوال تلك المدة التي
تكون فيها ذلك المخزون المدمر من البطش والانتقام الذي ظهر في قراره هذا؟.
هل كان نائماً واستيقظ فجأة بعد كابوس مزعج فأراد إطفاء نيران الاهمال قبل
أن تأكله. لو صح ذلك لكانت المسئولية ممسكة بتلابيبه. والاهمال يلزمه. كما
قال رب العزة: "وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه".؟ وإذا كان مستيقظاً ولم
ينم. فلم سكت حتي استفحل الاهمال إلي هذا الحد البالغ الذي أخرج من قريحته
ذلك الانتقام الكبير. ولماذا لم يبادر إلي تدارك الأمر بالعلاج الموضوعي
قبل أن يستفحل؟. ولماذا يبطش بالناس إلي هذا الحد. هل هؤلاء الأطباء
يعملون في خاصته؟. وهل هو مالك هذين المستشفيين وإذا كانوا يعملون لدي
الدولة في ظل قانون يحكم الجميع. فلماذا يتم توقيع العقاب عليهم قبل
التحقيق معهم بالنقل.

أين الأمانة يا حملة الأمانات؟ حسبنا الله ونعم الوكيل.