تساؤلات عبدالله نصار

تساؤلات
عبدالله نصار
gomNASSAR@YAHOO. COM

هل يمكن أن يتم إصلاح أوضاع التعليم بوجه
عام دون استعادة الاحترام والهيبة للمؤسسات التعليمية وعدم تحويلها إلي
أماكن لتصفية الحسابات أو السماح لبعض أولياء الأمور بالتجاوزات التي تهدم
كرامة المؤسسات التعليمية وتحولها إلي مجرد أماكن للتلاميذ لفترة بدون زرع
للقيم والأخلاق التي يهدمها أولياء الأمور في تصرفات طائشة.

وما يجري في المؤسسات التعليمية في مصر يؤكد أن أهم ظواهر عرقلة
الأداء التعليمي هو ضياع احترام المؤسسة ذاتها.. وفي لندن منذ ثلاث سنوات
ارتكب ابن رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير مخالفة بسيطة حينما
نظر بدهشة واستغراب إلي مديرة المدرسة التي نهرته لتصرف خطأ ارتكبه داخل
حرم المدرسة...

وقامت مديرة المدرسة باستدعاء ولي الأمر في اليوم التالي وفي التاسعة
صباحاً دق رئيس الوزراء وزوجته شيري باب المدرسة وسجلا اسمهما في دفتر
الزوار وتركا السيارة علي مكان بعيد من المدرسة...

وبعد دخولهما مكتب مديرة المدرسة أعلنا الاعتذار عما بدر من الابن
وكررا الاعتذار وطلب توني بلير من مديرة المدرسة أن تحاسبه مثل محاسبة كل
زملائه الآخرين..

وهذه الواقعة تؤكد الحرص علي احترام المؤسسة التعليمية ومساندتها
لتقوم برسالتها.. وتعالج أخطاء عديدة وتتفرغ لمهمة إصلاح النظام التعليمي
ذاته... وما يحدث عندنا مؤلم ويؤكد اننا نهدم ما تبقي من احترام المؤسسة
التعليمية ونؤثر علي كفاءة دورها وأمامي واقعة خطيرة في إحدي المدارس
الكبري في محافظة القاهرة... عن تصرف يدل علي العشوائية وعدم الاحترام
للمؤسسة التعليمية أو رسالتها وبدون مبرر..

ففي طابور حصة الألعاب الرياضية اصطدم طفل بالصف الثالث الابتدائي
بزميل له وسقط الأول علي الأرض مما أدي إلي كسر أحد أسنانه... وهو أمر
طبيعي.. وليس حادثا أو ضربا أو اضطهادا.. أو خناقة أو معركة أو تشابكا
بالأيدي.. لكن والد الطفل الأول وهو يعمل في إحدي الهيئات القضائية ذهب
إلي قسم الشرطة واصطحب معه قوة كبيرة وتوجه إلي المدرسة وحاول اقتحامها
وتحرير محضر للطفل الآخر وإدارة المدرسة....

وانهال بوصلات من السباب والشتائم علي المدرسة ووزارة التعليم وطالت
الشتائم والإهانات الجميع من الوزير حتي أصغر عامل بالمدرسة.. والتزم
العاملون بهذه المدرسة الصمت... واندهش رجال الشرطة الذين كانوا علي
الحياد ولكنهم قاموا بواجبهم.. أمام من يستخدم الحصانة القضائية بهذه
الصورة.

ومن المؤسف أن ولي الأمر الذي يعمل في هيئة قضائية حاول اصطحاب الطفل
الآخر إلي قسم الشرطة والنيابة.. بالإضافة إلي المدرسين وكأنها حملة تأديب
في خطأ غير مقصود.. فهل كانت إدارة المدرسة مسئولة عن هذا الخطأ وهل عليها
أن تخصص حارساً شخصياً للابن الذي انطلقت الشتائم والإهانات والتلويح
بالعقاب بسببه.... وانضمت له زوجته التي تعمل في إحدي الهيئات القضائية
أيضا.. وكأن الأمر تحول إلي تصفية حسابات مع المدرسة...

ولا أدري كيف يتولي هذا الحكم في القضايا المنظورة أمامه.. وكيف يضمن
الناس حقوقهم وهو بهذا الانحياز الأعمي ويحاول توجيه الأمور بشكل غير
مقبول.. وكيف يطبق العدالة.

ولا يوجد خطأ.. ولا يوجد تعمد إهانة للطفل نجله ومن المؤسف أن وزارة
التربية والتعليم والإدارات التابعة لها لجأت إلي فتح تحقيق في الموضوع
وهو أمر طبيعي ولكن هل الهدف هو تصفية حسابات أم احترام كرامة المدرسة
والحرص عليها طالما انه لا يوجد خطأ.. ولا توجد جريمة رغم أن ولي الأمر
الذي درس القانون ويدرك الفارق بين العمد والتعمد وحتي النوايا.

وفي كل صباح استدعاءات وطلبات بالمثول أمام جهات تحقيق في الشرطة
والنيابة وفي جهات التحقيق الإداري رغم انه لا يوجد خطأ ولا عمد ولا قصد
في الإساءة إلي الطفل بل ان الطفل الآخر هو الذي أصابه وأسرته الفزع من
طلبات استدعاء له للشرطة والنيابة.. والخوف الدائم من هذه الملاحقة!

ان الوقائع تحتاج إلي تحقيق وحسم واستعادة كرامة المؤسسات
التعليمية.. ولا يمكن لوزارة العدل والوزير ممدوح مرعي أن يرضي بهذا
والأسماء والوقائع لدينا إذا رغب التفتيش القضائي بوزارة العدل أن يستطلع
الأمر ونترك له اصدار قراره بالعدل والانصاف لأننا نثق أن قضاء مصر العادل
يتوخي البحث عن الحقيقة والعدل والانصاف وكان يمكن انهاء الموضوع برمته
بجلسة تصالح بين الطفلين والعتاب الذي يحفظ كرامة المدرسة والعاملين فيها
دون أن يتحول الأمر إلي هذا العداء والتنكيل واصطحاب الشرطة إلي المدرسة
للقبض علي الطفل الآخر في أمر لا يستوجب كل هذا....

كلمات لها معني


من يذهب للمحكمة ليكسب قطة يخسر بقرة..


* مثل صيني